أكد ناشطون سودانيون أن قوات الأمن السودانية أطلقت الرصاص الحي على محتجين داخل حرم جامعة الخرطوم، مما أدى إلى وقوع إصابات، فيما أشار الناشطون إلى أن أجهزة الأمن و«الربّاطة» (بلطجية) منعوا العديد من الجرحى والمصابين من تلقى الإسعاف. وأكدت المصادر وجود حشود غير مسبوقة لقوات الأمن و«ربّاطة المؤتمر الوطني» حول حرم الجامعة وهم يشهرون مسدساتهم ويحملون أسلحة الكلاشنيكوف ويبدأون عملية اقتحام للمرة الثالثة لحرم جامعة الخرطوم ويطلقون الذخيرة الحية. فيما أشارت المصادر أيضا إلى خروج مظاهرة في شارع الجمهورية القريب من الجامعة في وسط الخرطوم لمساندة الطلاب المحتجين. ووجه الرئيس السوداني عمر البشير أمس مؤسسات الدولة بحظر التعامل مع شركات الدول التي تقاطع بلاده اقتصاديا، وكرر حديثه بأن السودان لا يعرف الربيع العربي، وأن فيه صيفا حارا يشوي الأعداء. وقال البشير خلال افتتاحه أحد مصانع السكر في ولاية النيل الأبيض، إن تأخر افتتاح المصنع يرجع لارتباط تشغيله ببعض الشركات الأجنبية التي تقاطع دولها السودان، لكنه لم يسمها. وأضاف «توجيهاتنا أنه لا تعاقد مع شركات الدول المقاطعة للسودان لأنها تسعى إلى ضرب اقتصادنا»، وقال «لا يجب أن يتوقف عملنا في التنمية والصناعة، لكن أي شركة من الدول التي تقاطعنا يحظر التعامل معها»، مشيرا إلى أن هناك العديد من الدول الصديقة مع بلاده يمكنها أن تقدم التمويل. وقال البشير «لماذا نقدم المنفعة لدول تقاطعنا ونشتري أو نبيع لها ولدينا أصدقاء مستعدون لتمويلنا والوقوف إلى جانبنا؟». ووجه بفتح الأبواب على مصاريعها لاحتضان استثمارات الدول الصديقة لتعم الفائدة على الجانبين. وسخر البشير من الذين قالوا إن بلاده تشهد ثورة على غرار الربيع العربي، وقال «نقول لهم إن السودان يعيش صيفا حارقا سيشوي شويا جميع الأعداء»، وأضاف أن الذين يسعون لإسقاط نظامه يريدون أن يعودوا بالشعب إلى المعاناة التي كان يعيشها قبل وصوله للحكم قبل 23 عاما، وقال «يريدون أن تعود حليمة لقديمها». وتابع «لكن الشعب أثبت وعيه وأنه يعلم مصلحته في بقاء حكومة الإنقاذ.. من يأملون في الربيع العربي في السودان نقول لهم: لدينا صيف مولع نار ولهبه سيشوي الأعداء». وكان من المفترض أن يتم افتتاح مصنع النيل الأبيض منذ أبريل (نيسان) الماضي، لكن تم تأجيل الافتتاح لعدم جاهزيته، مما دفع وزير الصناعة عبد الوهاب محمد عثمان إلى أن يقدم استقالته، لكن البشير رفضها وشكل لجنة تحقيق لمعرفة أسباب عدم جاهزية المصنع. وقد تردد أن الشفرات التي تعمل بها الأجهزة التقنية استوردتها شركة هندية من إحدى الشركات الأميركية، وواشنطن ما زالت تقاطع السودان اقتصاديا منذ أكثر من 20 عاما. إلى ذلك، اتهمت القيادية في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، سامية أحمد محمد، الحزب الشيوعي السوداني والمؤتمر الشعبي المعارضين، بمحاولة التخطيط لإسقاط الحكومة عبر تشكيلهما «خلايا نائمة» مندسة بين المواطنين في المظاهرات التي وصفتها بالمحدودة والتي خرجت في الأيام القليلة الماضية. وقالت إن عددا من الأحزاب والكيانات السياسية المعارضة، من بينها حزبا المؤتمر الشعبي والشيوعي، لعبا دورا في خلق فوضى بين المواطنين باتباع أساليب التحريض والتظاهر غير السلمي بجانب تخريب الممتلكات الخاصة والعامة. وأضافت أن الحزبين رفعا شعار إسقاط النظام، ووضعا عددا كبيرا من الخلايا التخريبية النائمة بين المواطنين لخلق خلل أمني واجتماعي. وقالت إن السلطات الأمنية قادرة على حسم الانفلاتات التي يقف وراءها الشيوعيون والمؤتمر الشعبي، إلى جانب اتخاذ خطوات قانونية وسياسية حاسمة في مواجهتهما. من جهته، رفض القيادي في المؤتمر الشعبي الدكتور بشير آدم رحمة هذه التصريحات، في حديثه ل«الشرق الأوسط»، ووصفها بالسخيفة، وقال «المعارضة ليست لديها خلايا نائمة، بل مستيقظة تعمل في النقابات ووسط الشباب والنساء لإسقاط النظام، ونحن أعلنا ذلك وهو أمر ليس مدسوسا»، مشيرا إلى أن قوى المعارضة وقعت الأسبوع الماضي على وثيقة «البديل الوطني الديمقراطي» بعد إسقاط نظام البشير، وقال «نحن متفقون على هذا البرنامج منذ عام 2010، وبأن نعمل يدا بيد لأجل هذه الغاية بإسقاط النظام وتغيير الوضع برمته». وقال رحمة إن اتهامات المؤتمر الوطني القصد منها تخويف الشعب السوداني من الخروج والتظاهر ضده، وأضاف «المؤتمر الوطني وبطريقة عنصرية وتعابير سخيفة يقول إن التغيير سيأتي لجماعات دارفور والنوبة والنيل الأزرق، ووصفهم بالعبيد»، وتابع «المؤتمر الوطني يريد أن يثير الخوف وسط الشعب لتثبيط همته من التظاهر بسبب الضائقة الاقتصادية». وقال إن الفترة المقبلة ستشهد أوضاعا سيئة للغاية تصل إلى حد المجاعة، وأضاف «أسعار الغذاء وصلت حدا غير معقول وليس في مقدور المواطن، والحياة صارت صعبة للغاية»، مشيرا إلى أن ميزانية الدولة يصرف 72 في المائة منها على الأمن والدفاع إلى جانب المقاطعة العالمية على السودان. وقال «الحل الوحيد هو إسقاط النظام وتنحي البشير عن الحكم وبعدها ستتوقف الحروب وتعود العلاقات الدولية مع السودان ويرفع الحظر الاقتصادي عنه». وتوقع أن تدخل الصين في قائمة الدول التي ستقاطع النظام، وأضاف أن بكين لن تقف في الفترة القليلة القادمة ضد واشنطن في محاصرة نظام البشير. إلى ذلك، أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، في بيان صحافي لها مساء أول من أمس، عن قلق بلادها العميق للمعاملة القاسية التي واجهت بها الخرطوم المظاهرات السلمية. وذكرت أن عددا من التقارير أفاد بأن السلطات السودانية تستخدم الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والاعتقالات التعسفية، وتعرض المعتقلين إلى التعذيب، وطالبت الحكومة بالتحقيق الفوري في تلك الاتهامات. وقالت «ندعو حكومة السودان إلى وقف العنف فورا واحترام الحقوق والحريات الأساسية بما في ذلك حرية التعبير وحرية الصحافة والحق في التجمع»، وأضافت أن هذا البلد سيواجه تحديات خطيرة لا يمكن أن يحلها عن طريق قمع معارضيه وتوقيف المظاهرات السلمية بالقوة. وقالت إن هناك أصواتا في السودان تدعو إلى وضع حد للنزاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق عن طريق المفاوضات السياسية وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة ورفع القيود عن الصحافة وحرية التعبير. وأضافت أن تلك الأصوات دعت إلى التوصل إلى اتفاق مع جنوب السودان ووضع حد للمواجهات بين البلدين، وقالت «إنهم يدعون إلى جمع الأطراف ذات الصلة في دارفور في عملية السلام وعدم الإفلات من العقاب»، واعتبرت أن هذه الأطراف التي لم تسمها معقولة ومرغوب فيها، وأن من شأنها أن تساعد السودان لمعالجة أزمته الاقتصادية الراهنة.