قالت وكالة الأنباء السعودية أمس نقلا عن مرسوم ملكي ان السعودية أعفت الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس المخابرات من منصبه وعينت مكانه الأمير بندر بن سلطان السفير السابق لدى الولاياتالمتحدة. وجاء تعيين الأمير بندر (61 عاما) رئيسًا للمخابرات مفاجأة للمراقبين، خاصة وان عهد الرئيس السابق للجهاز الأمير مقرن لم يشهد ما يستوجب ابتعاده عن المنصب. لكن معلومات من مصادر سعودية تشير الى ان تعيين الأمير بندر هو بداية لتعيينات جديدة اهمها تغيير وزاري يشمل وزارة الخارجية، واحتمال تعيين الأمير مقرن في هذا المنصب، والذي يعاني شاغله الحالي الأمير سعود الفيصل من مصاعب صحية بسبب مرض الباركنسون. ويتمتع الأمير بندر بن سلطان بخبرة كبيرة أتت من توليه سفارة بلاده في واشنطن لفترة طويلة بدأت منذ 1983 وحتى عام 2005، جعلت منه لاعباً سياسياً مهماً، وتمكن بندر من ان يتجاوز دوره كسفير ليصبح وسيطا مهما تحتاجه بلاده لتواجه ضغوط اللوبي اليهودي في واشنطن، او تحتاجه الولاياتالمتحدة في حل معضلات اقليمية شرق أوسطية، او حتى ليبيا لحل مشاكلها مع الغرب، ويمثل "ابو خالد" كما يلقبه أصدقاؤه لدى السعوديون محورا رئيسيا لسياسة الدولة الخارجية. ويشير احد المراقبين السعوديين الى انه لايمكن الاستغناء عن الأمير بندر لخبرته الكبيرة وحسّه العالي في قراءة الأحداث وتحويرها في زمن مهم جداً. واتهمت وسائل اعلامية سورية وإيرانية الأمير بندر بالوقوف وراء احداث وقعت في لبنان وسوريا بل ان الحملة الاعلامية ضده روجت قيامه بمحاولة انقلاب ضد الملك عبدالله، لكن جاء التعيين الاخير ليسقط كل التخمينات والاقاويل. هذا التعيين يشير الى ان القيادة السعودية بدأت في تفضيل من يطلق عليهم الصقور داخل العائلة المالكة، وينتظر ان يحدث وجود الأمير بندر بن سلطان على رأس المخابرات السعودية تصاعدا في التأثير السعودي وتوسعا في دائرة عملها وتدويلا لوجودها، خاصة وان الغرب تطرق مؤخرًا الى استفادته من تعاونها معه في ملفات الارهاب ونجاحها في اختراق تنظيم القاعدة. وأشار المرسوم الملكي ان الأمير بندر سيحتفظ بمنصبه أمينا عاما لمجلس الأمن الوطني مما يعزز سلطاته لتشمل التعامل المباشر مع الوزارات والتنسيق مع الأجهزة الأمنية المختلفة. ويتولى الأمير بندر منصبه في حين تواجه السعودية حالة عدم استقرار متزايدة في محيطها الاقليمي. وتخوض السعودية كبرى الدول المصدرة للنفط صراعا على النفوذ في الشرق الأوسط مع إيران حيث يدعم البلدان قوى متصارعة في البحرين والعراق وسوريا ولبنان. وقال جمال خاشقجي المعلق السعودي البارز والمقرب من العائلة المالكة إن هناك شعورًا بحاجة المملكة الى جهاز مخابرات اقوى وللأمير بندر تاريخ في هذا المجال. وأضاف خاشقجي ان السعودية تشهد ميلاد شرق أوسط جديد مع انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد وأنها تشعر بالقلق تجاه الأردن ولبنان. وكان الأمير بندر يرأس مجلس الأمن الوطني بالمملكة لسبع سنوات لكنه ابتعد عن الأضواء منذ أن ترك منصب سفير السعودية لدى واشنطن عام 2005. وقال روبرت جوردان السفير الأمريكي لدى الرياض في الفترة من 2001 الى 2003 "كان بندر قريبا من هذا الموقع من خلال رئاسته لمجلس الأمن الوطني ولديه ادراك جيد للغاية بأجهزة المخابرات. كان مشاركا في القضايا الأمنية السعودية على أعلى مستوى على مدى السنوات العشر الماضية." وتابع جوردان الذي قال انه عمل عن قرب مع الأمير بندر في ذلك الوقت ان تعيينه قد يساعد في تعزيز التحالف بين واشنطن وأقرب حلفائها العرب. يذكر أن الأمير بندر هو ابن الأمير سلطان ولي العهد السعودي الراحل الذي توفي في اكتوبر الماضي والذي شغل منصب وزير الدفاع لخمسة عقود.