عندما يخلع المرء برقع الحياء، يفعل أي شيئ باحساس متبلد، وحكامنا لايستحون ولهذا يفعلون ما يشاؤون، عندما خاطبناهم مباشرةً، وقلنا أن الحل الوحيد حتى لسلامتهم الشخصية هو أن يسعوا الى انفاذ تحول ديمقراطي، ويسلموا أنفسهم لمحكمة الشعب لتحاكمهم، لم يسمعوا، وربما سمعوا ولم يفهموا، وصالوا وجالوا في خطب نارية تتوعد الشعب السوداني، عندما قلنا لهم يا هؤلاء لقد أذللتم هذا الشعب ومرمغتم أنفه بالتراب، أخذتهم العزة باثمهم، وأعرضوا بوجوههم في عجرفة وصلف، وعندما قلنا فرطتم في وحدة التراب السوداني، ومزقتموهوا، أعلنوها حرباً على دولة الجنوب الوليدة، وعلى شعوب جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، تسبق طائراتهم التي تقصف القرى الأمنة، حليفتهم بأن يجعلوها ركاماً تذروه الرياح، وعندما قلنا فرطتم في السيادة الوطنية فأصبحت البلاد مرتعاً لكل مخابرات العالم، تتنزه فيها الطائرات الاسرائيلية بطيارين أو من غير، أتهموا الجميع بالخيانة، وسلطوا مخابراتهم، وأجهزة أمنهم لتمارس الاغتصاب والتنكيل بالمعارضين. الآن، هل تحسون بطعم المرارة التي نتجرعها كل يوم، هل تحسون بالذّل الذي أذقتموه لهذا الشعب، لا أظن، بل أكاد أكون متيقناً، من أن احساسكم ليس سوى رعب وهلع لا كرامة فيه ولا عزة، ونحن من نحس بأن كبرياءنا قد جرح بهذه الذلة والمسكنة التي فرضتموها علينا، أحساس من الغضب المتأجج، مع عجز متمكن من ردود أفعالنا، ماذا نفعل لمسح هذه الاهانة التي عرضتمونا لها، دون أدنى احساس بالمسئولية. فلو كنتم تحكمون دولة محترمة لها شخصيتها في المجتمع الدولي، لما تجرأت عليكم اسرائيل، ولكن كيف تكون دولة محترمة ورئيسها يتمايل راقصاً على أنغام طبول الحرب التي تقرع فقط ضد شعبه، وكيف تكون دولة محترمة وقواتها المسلحة تحتمي بالمواطنين، تجاورهم مسكنهم، وتبتزهم باسم الكاكي شرف الدولة، وكيف تكون دولة محترمة ووزير دفاعها، يتناثر التفاف من فمه كلما تكلم، ويمسحه بكمه كلما تناثر، وكيف تكون دولة محترمة وعنوانها نافع علي نافع صاحب نظرية لحس الكوع.