"الدعم السريع" تبسط سيطرتها الكاملة على قاعدة الشفرليت العسكرية    الجيش الشعبي يحرر (الدشول) الاستراتيجية بجنوب كردفان    إلى متى يرقص البرهان على رؤوس هذه الأفاعي كلها؟!    كامل إدريس ابن المنظمات الدولية لايريد أن تتلطخ أطراف بدلته الأنيقة بطين قواعد الإسلاميين    البروفيسور الهادي آدم يتفقد مباني جامعة النيلين    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    ترامب: "نعرف بالتحديد" أين يختبئ خامنئي لكن لن "نقضي عليه" في الوقت الحالي    إنشاء حساب واتساب بدون فيسبوك أو انستجرام.. خطوات    عودة الحياة لاستاد عطبرة    عَوض (طَارَة) قَبل أن يَصبح الاسم واقِعا    السهم الدامر والهلال كريمة حبايب في إفتتاح المرحلة الأخيرة من الدوري العام    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تظهر بدون "مكياج" وتغمز بعينها في مقطع طريف مع عازفها "كريستوفر" داخل أستوديو بالقاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. تيكتوكر سودانية تثير ضجة غير مسبوقة: (بحب الأولاد الطاعمين "الحلوات" وخوتهم أفضل من خوة النسوان)    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد بالفيديو.. (يووووه ايه ده) فنان سوداني ينفعل غضباً بسبب تصرف إدارة صالة أفراح بقطر ويوقف الحفل    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن حفل "جرتق" بلوغر معروف بعد ظهورهن بأزياء مثيرة للجدل    يبدو كالوحش.. أرنولد يبهر الجميع في ريال مدريد    غوغل تطلب من ملياري مستخدم تغيير كلمة مرور جيميل الآن    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إلى الشيخ الكاروري: سلامة النظر أرضنا "النوبية" لا تقدر بثمن
نشر في سودان موشن يوم 16 - 04 - 2013

تابعنا كنوبيين وسودانيين بأسى بالغ ما ورد في خطبتكم الجمعة الماضية بشأن منطقتنا النوبية، وحديثكم عن "السافل" والعالي من أراضي السودان وهذه قسمة أخرى
ضيزى وتطور نوعي في التمييز، بعد ان انهكنا التمييز بين المواطنين. وكان الأولى يا شيخنا الجليل أن تحرض مستمعيك على استرداد حلايب وشلاتين وغيرها من حدود بلادنا التي أصبحت نهباً لكل من هب ودب، أو على الأقل وجب عليك يا شيخنا أن تحثهم على رفض هذا الاستلاب بالقلب إذا عز تغيير الواقع باليد أو اللسان، وذاك أضعف الايمان كما علمنا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم.
تعلم يا شيخنا، كما نعلم نحن أن حلايب سودانية وشلاتين كذلك، وأنه من غير العدل أن تهدي دولة "المشروع الحضاري" المزيد من الأرض لمن استولى على تلك الأراضي بالقوة، تنزعها من أصحابها وملاكها على مر التاريخ والأزمان بقوة السلطان، وتهديها لمن اعتدى علي حلايب وشلاتين واستباحهما بكنوزهما وانسانها ومالها. أصحاب الأرض "السفلية" كما تقول يا شيخنا أفقرتهم دولة المشروع الحضاري، ولربما لا يشعر بهم وبمأساتهم من يكنز الذهب والفضة الآن ويتطاول في البنيان مستعيناً بفضل الاستحواذ على السلطة والثروة.
هؤلاء الغبش البسطاء الذين يعيشون على الكد والعرق بعيداً عن الكسب الحرام، يفترشون هذه الأرض، يزرعون فيها ما يسد رمقهم ويستظلون بنخلها وشجرها، يعيشون فيها بعز وشموخ ولا يساورهم أدنى شك في انها ستهتز وتربت، وستجود في يوم ما بخيراتها لذا لن يبدلوا ما هو اعلى بالذي هو ادنى مهما كانت المغريات، وفي ظل ما يحدث في بلادهم، لم يتبق لهم غير الأرض فأي شريعة وأي دين سماوي هو ذاك الذي يبيح كل هذا الظلم والجور ويسلبهم حقهم في الحياة يا شيخنا الكاروري؟
ربما كان المحتلون لأرضنا في الشرق "أخوان" لكم، ولكن ما نعرفه أن المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، وهؤلاء "الإخوان" لم نسلم من يدهم ولا لسانهم في السودان أو في مصر، ولم نسلم من جشعهم وطمعهم في ما بيدنا نحن الفقراء إلى الله ..
إن من تصفهم بمناطق السافل يا شيخنا الكاروري وتطالب بإعطاء "إخوانكم" ما وعدوا به(حيث أصبحت بلادنا الأرض الموعودة) من مليوني فدان أخرى فيها وليس في "الصعيد" عالي المقام والقامة، تلك المناطق لها كعب حضاري عالي حتى على الصعيد، فهي منبع الحضارة الانسانية. يقول جون نوبل ويلفورد الصحفي الباحث في نيويورك تايمز الأمريكية: (بعض علماء الآثار يرتكز على نظرية تتلخص في ان الكشوفات الأثرية اظهرت ان حكام مملكة كوش كانوا اول حكام في منطقة افريقيا جنوب الصحراء يبسطون سيطرتهم على أراض واسعة وممتدة. وفي هذه السياق يقول جيف ايمبرلينغ، الذي يقود فريق الكشف الأثري التابع لجامعة شيكاغو، ان هيمنة حكام كوش على أراض واسعة في المنطقة يدل على انها كانت طرفا رئيسيا في المعادلة السياسية والعسكرية في ذلك الوقت على نحو اكبر بكثير مما كان متصورا).
هذا غيض من فيض يدرأ عن "الشمال النوبي" شبهة الدونية والسفلية التي تستخدم مبرراً لاستباحة الأرض وتقديمها هبة وعلاوة تشجيعية للاحتلال أو عربون صداقة للآخرين طمعاً في الاستمرار الأحادي الجانب في السلطة.. فهذه الأرض "السفلية" التي ظاهرها العذاب، تحتضن في باطنها رحمة الكنوز والتاريخ ولو علم قيمتها من تأخذ ألبابهم حفنة من دولارات، لافتدوها بالغالي والنفيس، لكنها الجهالة العمياء وضيق الأفق الذي لا يتيح لصاحبه النظر إلى ما هو أبعد من قدميه!! . وتقول يا شيخنا أن (شمال السودان شهد هجرات وأصبح الناس فيه قليلون بسبب قلة المياه فضلاً عن قيام السدود)، يا سبحان الله تنشئون السدود وتهجرون الناس وتتخذونها مبرراً للمزيد من التدمير؟؟.. كما تعلم يا شيخنا الهجرة في "زمن الانقاذ" ظاهرة تتعدى منطقة بعينها، وتعلم ان الوطن أصبح منذ ما يقارب ربع قرن من الزمان حكراً لطائفة جديدة ولم يعد لكل السودانيين بعد استخلصها من له غرض لنفسه ضمن مشروع سياسي ظالم اسمه التمكين تشرد بسببه كل الكفايات الوطنية. العسكريون حماة الوطن، ورجال الشرطة، والمعلمون، والعمال، وحتى أساتذة الجامعات حتى أصبحت جامعات السودان في ذيل الجامعات في افريقيا، وجامعة الخرطوم التي رفدت الحركة الاسلامية بأفضل قياداتها التي تمارس العنصرية الوطنية الان أصبحت تصنف في المرتبة 62 خلف جامعة مقديشو(المرتبة 55)، وكل ذلك بفضل سياسة التمكين!!.
ومن المضحك يا شيخنا الكاروري أن تعزي فشل التكامل المصري السوداني إلى النظام السابق في مصر وقياداته إلى "القطط السمان"، ورغم الأسى والألم الذي يعتصرنا بسبب هذا الدمار والتخريب الشامل ومنها اصراركم على اغراق منطقتنا النوبية فقد سرت في النفس ضحكة .. يا لهم من "قطان سمان" أولئك الذين عطلوا مسيرة التكامل.. فشر البلية ما يضحك، فوالله العظيم الذي سائلك يوم القيامة، لم نشهد قط قططا سمان كقطط المشروع الحضاري، واذا تجردت من كل عاطفة واخلصت نيتك لمعرفة الحقيقة التي سيحاسبك عليها الله عز وجل إن نسيتها او تناسيتها وغفلت عنها عمداً، فستجد قطة سمينة حولك في كل مكان وستجدهم كثر يحيطون بمنبرك كل جمعة، وستجدهم في كل قرية وكل مدينة يتوزعون الثروة في ظلال السلطة، يزدادون غنى على حساب مواطن يزداد فقرا، لقد امتدت أياد كثيرة نحو المال الحرام باسم الاسلام والشريعة وأشهد الخلق اني سائلك عن هذه القطط يوم القيامة كونك شيخ وعالم لا تدفع عنا هذا البلاء والظلم الذي يعربد في كل مكان وهذا الاستبداد الذي يلحق بنا الأذى باسم الدين.. القطط السمان؟
لا أحد يا شيخنا الجليل بإمكانه أن يحصي قطط "المشروع الحضاري" عدداً اليوم، وهم بفضل نهمهم وجشعهم أحالوا أكثر من نصف من تبقى من شعب السودان بين جائع عفيف ومتشرد يسأل الناس في الطرقات، وجميعهم يتوافدون زرافات نحو خط الفقر، وهكذا أصبحت الهجرة ظاهرة سودانية عامة وليست حكرا على أرضنا النوبية التي ينظرون اليها بعيني صقر، فهناك نحو 6 ملايين سوداني مهاجر قليل منهم قد يعود ومعظمهم لن يعود، فهل يعني ذلك يا شيخنا ان نمنح أرض السودان كله هبات للقادمين باسم الاستثمار فيما هدفهم الأساس الاستيلاء على الوطن؟
إن أرضنا النوبية "السفلية" لها كعب حضاري عالي كما قلنا، ومرة اخرى نجول مع جون نوبل ويلفورد الذي يبدو انه يعلم قيمتها أكثر من بعضنا حيث يقول: (توصل مفكرون ومؤرخون وعلماء آثار الى ان ثقافة دولة كوش القديمة اكبر اتساعا وثراء مما كان متصورا، إذ تدل وثائق مصرية من العصور القديمة، فضلا عن البحوث الحديثة في مجال الآثار، على أن دولة كوش ازدهرت على مدى خمسة قرون في الألفية الثانية قبل الميلاد وبلغ نفوذها السياسي والعسكري أوجه خلال تلك الفترة وسيطرت على أراض واسعة في أفريقيا. وأظهرت بحوث ودراسات تاريخية ان جيران كوش المصريين في الشمال كانوا يدركون ان كوش غنية وأنها كانت ندا لهم. ويبدو ان نجاح كوش في الحكم كان ظاهرة غير عادية في ذلك الوقت، بخلاف الأفكار التقليدية حول الدولة في تجارب حضارات قديمة مثل حضارات بلاد ما بين النهرين ومصر والصين)، ويقول علماء آثار في تقارير ومقابلات أجريت معهم في الآونة الأخيرة (وفقاً لويلفورد) انهم عثروا على أدلة متزايدة تثبت ان مملكة كوش بسطت نفوذها خلال فترة سيطرتها من العام 2000 الى العام 1500 ق.م على امتداد يقدر ب750 ميلا بطول وادي نهر النيل. وتمتد هذه المنطقة من الشلال الأول الى ما وراء الشلال الرابع. وتغطي هذه المنطقة جزءا من منطقة جغرافية واسعة غير محددة عرفت في العصور القديمة باسم بلاد النوبة وبكل أسف هي الأرض السفلية بنظركم التي تستحق منحها هبة ومجاملة ل"الأصدقاء"!!
وللمزيد من الاطلاع على ما كتبه جون ويلفورد أحيلك إلى الرابط التالي:
http://www.ancientsudan.org/arabic_29_kushegypt.html
شيخنا الكاروري، كل ما سبق لا يقلل من احترامنا لك كعالم نذر نفسه للدعوة الاسلامية، ولكننا بحاجة دوماً إلى العدل والصدق حتى لا يحبط الله أعمالنا أذا خالطها غرض خاص شخصي او حزبي، وليت علماءنا في السودان يسدون النصح لأهل السلطة لوقف نزيف الموارد بسبب ما يسود من فساد وسوء إدارة للمال العام، وعلى الصعيد الاجتماعي هذا تقرير رئاسة السلطة القضائية يثير الرعب ويتحدث عن وقوع (52023) حالة طلاق خلال العام الماضي 2012م بمختلف ولايات السودان مقارنة بحالات الزواج البالغة (122198) حالة، يعني ان ما يقارب نصف المتزوجين يتطلقون، هذا فضلاً عن حالات الخلع وقضايا التفريق بين الزوجين لبطلان العقد، إلى جانب قضايا الاختلاس والتزوير والعديد من الجرائم..
وأخيراً ليت منابرنا في المساجد تتناول مثل تلك الأمور الحيوية للمجتمع، أما فيما تقوله عن أرض "علية" يجب الاحتفاظ بها، وأخرى "سفلية" لا قيمة لها فنقول بعد كل تلك الحقائق التي أوردناه: سلامة النظر يا شيخنا لأن أرضنا النوبية أغلى مما قد يظن البعض وكل شبر في أرض الوطن أغلى من حفنة الدولارات التي يلوح بها الأثرياء للإيقاع بوطننا في فخ ما يسمى بالاستثمار الأجنبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.