تلفّت يمنة ويسرة في شرق العالم وغربه وشماله وجنوبه، ستجد أمّ الخبائث "أمريكا" تطلّ برأسها مع كلّ فتنة. إذا لم تجد رأس الفتنة الأمريكية تطلّ برأسها وتتراقص كأفعى "الكوبرا" عند كلّ فتنة؛ فاعلم أنّ هناك مصالح، تقتضي صمت القبور، ولو كان ما يحدث يخالف ما تتحدّث به على العلن صباح مساء!! شاهدنا وتابعنا كيف كان لها دور في دعم أنظمة الاستبداد والقهر في تونس ومن ثمّ في مصر، حيث كانت تغدق على تلك الأنظمة المليارات سنويا، فقط لضمان تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية الاستراتيجية. أمريكا لم تتأخّر في ركل تلك الأنظمة، بل والتبرؤ منها، مع هبوب أول رياح التغيير التي شهدها المشرق الإسلامي، حيث ركبت الموجة، وبدأت بالتصفيق للثوّار الشباب، ونصّبت نفسها راعية للتغيير الديمقراطي الحقيقي في المنطقة، وهي في حقيقتها سبب استشراء كل بلوى! لنقارن فقط تعاطيها مع ما يحدث في البحرين ومع ما يحدث في ليبيا، لتظهر صورة الوجه القبيح كما هو، ومن غير مكياج! منذ 14 فبراير، بدأت التصريحات الأمريكية تخرج تترى، تطالب البحرين.. وتدعو البحرين..، في تدخّل قبيح في شئون الوطن، حيث تظنّ أن دول العالم هي مجرّد ولايات إضافية، لا تستغني عن بيت الطّاعة الأمريكي. الوضع في البحرين كان يختلف كثيرا، لأنّ صوت العقلاء بدأ يفرض نفسه وبقوّة، ومع ذلك مازالت أصواتها تنهش في البحرين! في ليبيا لم تتحدّث أمريكا في بداية الثورة الليبية المباركة وكأنّ على رأسها الطير، لم تتحدّث إلاّ بعد استشهاد أكثر من 300 ليبي خرج في مواجهة جنون العظمة، الذي يسير على خطى فرعون موسى "ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرّشاد"! أمريكا امتنعت عن إدانة ما فعله القذّافي مع شعبه، والسّبب أنّ أمريكا منذ عام 2003، قامت بشطب اسم القذّافي من قائمة الإرهاب الدّولية والسبب ثروات ليبيا النفطية، وتعويضاته لأهالي تفجيرات لوكربي، إضافة إلى تسليمه أمريكا جميع ملفات مشاريع ليبيا النووية!! كلّ ذلك لم يكن بلا ثمن، حيث كان الثّمن الذي يُنتظر من أمريكا أن تدفعه، هو أن تصمت عن مطالباتها السّابقة بتغيير أو تشجيع تغيير النظام في ليبيا!! بالفّعل أمريكا صمتت ولم تنطق ببنت شفه، بالرّغم من المجازر التي تحدث للشّعب الليبي، حتى دول الاتحاد الأوروبي صمتت في البداية، ظنّا منها أنّ القذافي سيقضي على الثوّار، لكنّهم وما إن وجدوا أنّ الأمر قد خرج من يده، حتّى أطلّوا برؤوس الأفاعي، يحذرون ويتوعّدون!! على دول الخليج اليوم أن تفكّر بجديّة في علاقاتها مع أمريكا التي أثبتت أنّها ليست دولة صديقة، وأنّها مستعدة لدعم أي كان، لكنّها متى ما قرأت أنّه سيسقط، حوّلت قبلتها إلى غيره!! لن تنفعنا رأس الحيّة الأمريكية التي دمّرت العالم بسياسات خرقاء عنصرية تسير وفق المصالح، تصنع قادة الاستبداد في مشرقنا الإسلامي، لكنّها لا تتأخّر عن ركلهم متى ما انتهت صلاحياتهم! حكمة نبويّة: "لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرّتين"، وكم لُدغنا ولُدغنا ولا نزال.! المصدر: اخبارالخليج 24/2/2011