يحتاج المرء بين حين وآخر، إلى عمل مراجعة بسيطة للتغيّرات الكبيرة التي حدثت على خريطة المشرق الإسلامي الجغرافية والسياسية. لقد نجحوا في تفتيت العراق طائفيا ومذهبيا حتى النخاع، كما نجحوا قبلها في تفتيت لبنان هنا تكون النتيجة، وهي إضعاف دولتين في قلب العالم العربي، لكن هل من مزيد؟! نعم، جاء المزيد في السودان، حيث نجحوا في فصل الجنوب عن الشمال، ولم يكتفوا بذلك، فحتى يحقّقوا أكبر الغنائم، تعمّدوا تهميش القبائل المسلمة في الجنوب، لتكون الكعكة مسيحية خالصة؟! انتهوا من السودان، إلى ما أسموه «ربيع الثورات العربية»، التي كانوا يعملون على حدوث أمر يشابهها، ولكنّهم كانوا يريدونها ثورات طائفية، أو ثورات غبيّة، بحيث يصعب توجيهها، ليسهل لهم بعدها تحقيق مآربهم التي دبّروها في ليال مظلمة «سوّد الله وجوههم»! فرحوا كثيراً لما حدث في مصر، وبدأوا لعبتهم هناك لتحويلها إلى ثورة طائفية، حيث أشعلوها بين المسلمين والأقباط، ومازالوا يحاولون! لكن الشّعب المصري، أثبت قدرة عالية على الانطلاق في رشد المبادئ والقيم، لتكون ثورته ضدّ الظلم والقهر والاستبداد، صفعة على وجه من راهن طوال أربعة عقود من التجهيل والفساد والإغواء الاجتماعي والاقتصادي! على عدم نجاحه، لكنّه نجح؟! في الوقت نفسه كانت أعينهم على البحرين، والفرصة في البحرين كانت أقرب الى المشهدين العراقي واللبناني، وقد راهنوا عليها هم، كما راهن عليها الحمقى الذين صدّقوا وعودهم عبر لقاءات سريّة لم تنقطع! خلعوا ملابسهم خلالها قطعة قطعة، كما تفعل فتاة الليل بالضبط! وعندما جاءت لحظة النّشوة، فوجئ الحمقى والأغبياء داخلياً وخارجيا، بأنّ للبحرين ربا يحميها، وأنّ المكر السيّئ حاق بأهله هذه المرّة، لتتحطّم على صخرة البحرين سيوفهم وخططهم وآمالهم وأمانيهم، «وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورا»! هم طلّقوا الاحتلال العسكري هذه المرّة، لأنّه كان يفضحهم ويخذلهم، حيث أثبت التاريخ الحديث، أنّ جنود الاحتلال كانوا كلاباً مسعورة، تهوى القتل والاغتصاب والتعذيب، ولكم في ملايين القتلى في العراق وأفغانستان، ومعتقلات «أبوغريب وجوانتنامو» أكبر شاهد؟! بعد أن اكتشفوا أنّ جنودهم على درجة من الانحطاط القيمي والأخلاقي، توجّهوا للاستعانة بالعملاء والجواسيس من أمثال جلبي ونظرائه في دولنا! الذين لا يخجلون من بيع أوطانهم، لأنّهم أصلاً بلا مبادئ ولا قيم؟! إذا؛ اللعبة الأمريكية بالقفز على نجاح تلك الثورات وتحويلها إلى طائفية فشلت فشلاً ذريعا، حيث تمّ كشف الأوراق، ولم يعد هناك أيّ شيء خافياً على أحد اليوم؟! مكروا بنا ب «ويكيليكس»، كما مكروا بأتباعهم من القادة المستبدين في أوطاننا، ولكنّهم تناسوا «أنّ الله خير الماكرين»، وأنّه «لا يحيق المكر السيّئ إلاّ بأهله»!! إنّهم ماضون في تفتيت دولنا لتحقيق مصالحهم الإمبريالية ولحماية ابنهم الصهيوني غير الشرعي، السؤال هنا: هل تعلّمنا وفهمنا الدّرس جيّدا؟! سؤال بريء: هل قادة المنطقة كانوا بحاجة إلى كلّ تلك الثورات، ليقوموا بتحقيق مطالب الشّعوب في حياة معيشية وديمقراطية كريمة، تنشر العدل وتقضي على الفساد والاستبداد؟! اللّهم لا شماتة: كشفت صحيفة «صنداي ستار» البريطانية، أنّ العقيد القذافي مختبئ في متاهة مائية ضخمة في الصّحراء على عمق 182 متراً تحت الأرض؟! تخيّلوا من هدّد بمحاربة ثوّار ليبيا «زنقة زنقة»، أصبح يختبئ في المجاري؟! المصدر: اخبار الخليج 14/6/2011