يبدأ المبعوث الأمريكي الخاص الى السودان سكوت غرايشن أول زيارة له عقب اقرار السياسة الأمريكية الرسمية تجاه السودان، وهي نفسها الزيارة السادسة تقريباً له منذ قدوم إدارة الرئيس أوباما وتعيين غرايشن مبعوثاً خاصاً لواشنطن الى الخرطوم. الزيارة تبدأ اليوم وبحسب مصادر دبلوماسية مطلعة في الخرطوموواشنطن فإن جدول المحادثات حافل بالموضوعات ذات الصفة البالغة الأهمية وأهمها قضية دفع العملية السلمية في دارفور، والتحضير والوقوف على آخر الاستعدادات لعقد جولة المفاوضات المرتقبة في الدوحة وفي هذا الصدد فإن مصادراً دبلوماسية في الخرطوم قالت ان غرايشن يتجه لوضع كل ثقل الادارة الامريكية ودعمها لسلام دارفور مهما كلف الثمن لأنه يمثل استراتيجية لادارة اوباما ويقع ضمن اولوياتها وليس ببعيد عن ذلك فصل واشنطن التام ما بين الوفاء باستحقاقات سلام دارفور وضرورة اعادة الأمن الى الاقليم المضطرب بأسرع فرصة وما بين الجانب العدلي وما يلي محكمة الجنايات الدولية فكما ثبت من أكثر من جهة ومصدر فإن واشنطن أكدت أنها تنأى بنفسها تماماً عن موضوع ملاحقة الرئيس البشير، ولا تقدم دعماً واضحاً او مستتراً للملاحقة لأنها تعلم وبكل بساطة أن أي اتجاه لهذه الملاحقة ودعم لها من جانبها هو بالضرورة تقويض لجهودها الرامية نحو السلمي للأزمة. واذا قيل ان هذه هي احدى حوافز واشنطن للخرطوم في اطار سياسة العصا والحوافز التي أعلنتها فإن الأمر في الواقع ليس حافزاً بالمعنى الدقيق وإنما هو اقرار من جانب واشنطن ان ما تفعله الجنائية هو محض عمل سياسي يلبس ثوباً قضائياً وقد سبق لأحد أهم خبراء القانون الدولي في واشنطن أن خط تقريراً مطولاً بصحيفة النيوزويك يتضمن هذه المعاني ويزيد من ابتعاد واشنطن رسمياً عن الشأن القضائي الدولي وربما لهذا السبب أكد الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار الرئيس السوداني للشؤون الخارجية قبل وصول غرايشن أنه في جدول الزيارة التقاؤه بالرئيس البشير، وذلك في إطار موازنة مطلوبة لمواقف جهات عديدة داخل ادارة أوباما وان لم يشر الدكتور مصطفى صراحة الى هذه الناحية. والامر الآخر الذي من المنتظر أن يبحثه غرايشن هو موضوع العملية السلمية في جنوب السودان وقضية اتفاق نيفاشا، فهناك تعقيدات طرأت مؤخراً أثارتها الحركة الشعبية باتخاذها لموقف مقاطعة لأعمال البرلمان السوداني واتجاهها نحو تمديد المدة لأجل غير مسمى بما قد يخلق أزمة على المديين القريب والبعيد خاصة وأن دورة البرلمان الحالية هي الأخيرة ولا ينتظر أن يتقرر مدها لأي سبب. وعلى كلٍ فإن غرايشن وعلى عكس ما قد تتوقع الحركة لن يقف موقفاً منحازاً للحركة وهو أمر بدأت إدارة أوباما بالتصريح به في سلوكها ومواقفها حيث لا تنحاز لطرف على حساب آخر وتسعى للتقريب بين الطرفين لضمان أفضل مناخ للانتخابات المرتقبة والاستفتاء الخاص بجنوب السودان.