هل ينتفض الشعب السوداني مثلما فعل رصفاؤه في تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين وغيرها من الدول العربية التي تعالت صيحاتها وملأت الآفاق بالشعار السحري المدوي "الشعب يريد إسقاط النظام"؟ وإذا ما أقدم الشعب السوداني على هذه الخطوة الجريئة فما التداعيات التي ترسمها مثل تلك الثورة في الساحة السودانية؟ لقد شعرت الشعوب العربية بنشوة عارمة بنجاح الثورتين التونسية والمصرية، بل أصبحت الثورتان بمناسبة محفز لشعوب أخرى للانتفاض والثورة للقضاء على مظاهر الظلم الاجتماعي، والعزلة السياسية، والفقر، والبطالة، وتردي الخدمات وغيرها من مظاهر الإخفاق والقصور التي أصبحت معالم بارزة لتلك الأنظمة التي هيمنت على السلطة، وحجبت المشاركة الشعبية الفاعلة.. وخلال الأسابيع الماضية بدأت بوادر الانتفاضة في العاصمة وبعض أقاليم السودان المترامية الأطراف.. وسارعت السلطات الأمنية بقمع تلك المبادرات الشجاعة مما ترتب عليه اعتقال مجموعة من المتظاهرين، وقمع بعضهم وإغلاق بعض الجامعات. وقد صاحب تلك التظاهرات وأساليب القمع خطاب تحد من بعض الفاعلين النافذين في المؤتمر الوطني مفعم بالوعيد والتهديد والازدراء لكل من تسول له نفسه التظاهر في الشارع، أو الاعتصام، أو الخروج على النظام الأمني المعلومة عواقبه الصارمة. وعطفاً على صحيفة "الرأي العام" السودانية في عددها الصادر أول أمس الجمعة فإن: "الحركة الشعبية تعتزم بمساندة بعض قوى المعارضة تنفيذ مخطط تخريبي يستهدف العاصمة الخرطوم، بتمويل أجنبي أعطى الحركة "5" ملايين دولار كدفعة أولى سترفع بعد نجاح المخطط، وأكدت قيادات بارزة للحركة أن المخطط التخريبي سينطلق من مقر الحركة بالمقرن ليستهدف بعض المواقع الاستراتيجية يوم غد الإثنين، وأشاروا إلى أن الحركة ستنظم ندوة يشارك فيها أكثر من "3" آلاف من عضويتها ليخرجوا بعدها في مسيرة تهاجم مواقع محددة ومهمة، فيما ستقوم عناصرها المسلحة والمندسة باغتيال بعض المتظاهرين ليتم نسبها للأجهزة الحكومية، خاصة الشرطة، وأجهزة الأمن. مسيرة الغد إذا قدر لها أن تتم سوف تضع السودان على المحك.. وتعتبر بما لا يدع أي مجال للشك مسوغاً للتدخل الأجنبي المباشر في السودان المنقسم على نفسه أصلاً وفعلاً. فقد تم انفصال جنوب السودان، وأزمة دارفور لا تزال في مربعها الأول، ومناطق جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، تنذر بشر مستطير. ومنطقة أبيي تعرضت للنسيان والتناسي من خلال أحداث الانتفاضات العربية التي ملأت الفضاءات الإعلامية.. فالقتلى بالمئات.. والجرحى بالآلاف، من غير أن يلتفت إليهم المجتمع الدولي المسكون بالقضايا الكبيرة والمناطق الأكثر سخونة. لم يتدخل المجتمع الدولي عسكرياً حتى الآن في انتفاضات تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين، غير أن كل الدلائل تشير إلى أنه إذا حدثت أية ثورات أو انتفاضات في السودان وإذا ما تم قمعها، فإن الجيش العرمرم سوف يغزو البلاد من كل حدب وصوب.. وعندها ينقسم السودان أو يتقسم إلى "مائة ألف حتة". المصدر: الشرق القطرية 6/3/2011