أكدت المعارضة السودانية أمس أنها لا تُحسن قراءة الأوضاع العالمية والمتغيرات الكبيرة من حولنا كما أنها لا تحسن إدراك الواقع السياسي وقراءة المشهد الداخلي، وأضحت متخلفةً عن رؤية الشارع وتطلعاته في المعاملات الاقتصادية والتجارية.. نمطٌ يسمى الاستيراد بدون تحويل قيمة ولمَّا كانت هذه المعارضة لا قيمة لها فلم يتوفر لها رصيد التحويل من الخارج، تماماً مثلما فاتها أن تتحسّس أقدامها وتعرف حجمها وقُواها حتى أُلقِمَتْ حجراً أمس وعادت بحسرةٍ من ميدان أبو جنزير تُعاني سكرات حبوب هلوسة القذافي غير الموجودة إلا في ذهنه!. الذين حشدوا أمس خرجوا دون أن يكون لهم رأس وقيادة، إذ أن قيادات المعارضة في الأحزاب الكبرى لها زعيمٌ جرت الدعوة دون أن تعتبر بأنه غير موجود وأن هذه ليست مواعيد عودته للوطن في العطلة وهذا ما فات مرشحه للرئاسة الذي أخذه فيضان القاش ولا يزال يأخذه غياب الزعيم، أما الحزب الذي داوم على أن يكون مطيةً للحركة الشعبية و لم يستطع أن يبرح مكانه المتناقض.. رِجْلٌ في التَّفاوُض وأخرى في التَّظاهُر.. فإن زعيمه قد تركه في عواصف وخِضَّم هذه الأعمال التي لن يكسب منها غير الهشيم وضَنَّ عليهم حتى بمخاطبةٍ ربما تكون أفضل من تظاهُرةٍ تكشف العورة وندوةٍ حصادُها وبالٌ! وبي نظير بوتو (حزب الأمة) تظن أن الوراثة تجلب الزعامة والقيادة ولا تحسن التعلم من الدروس حتى في اليوم الذي سبق الدعوة الفطيرة للتظاهر، فقد ركنت من التحدث في ندوة الحزب الذي يركب على ظهورهم وقدموا دونها عن حزبها من حضرها قبلها إذا تأخرت وكان تصرفها متسقاً مع من يرجو دوماً الزعامة والمقاعد الأمامية، فقد فضلت الخروج وحفظ ماء الوجه.. وتنجح الحركة الشعبية دوماً في أنها تُسخِّر هذه القوى الفطيرة والتي لا تُريد أن تُدرِك أن الحركة الشعبية أضحت حزباً ليس من الأحزاب الوطنية في سودان بعد الانفصال واستمرت الحركة في استغلالهم لتصرف الأنظار عن هواجسها وهموها في الجنوب ولم يتبَقَّ في الساحة الخاوية في أبي جنزير غير أحزاب (الفكة) وحُرَّاس (الكيبورد) الذين خرج بعضهم من الميدان ليتابع من بُعد وعبر الهواتف ويواصل النَّقْرَ على لوحاته ورسم كلمات النضال الذي ترك له (المهمشون) الذين استعصوا عليهم ولم يخرجوا لهم حتى من سوق نيفاشا القريب من جمعهم الهزيل!.. التي تنتظر قيادة الجماهير وهي تستند إلى الزعامة والأُبُوَّة تريد من يقول لها إن كل فتاة بأبيها معجبة هذا صحيح ولكن إعجاب الأبوة غير إعجاب الزعامة.. ولعلها تدرك وتفُكُّ قيد التذبذب والتردد عن حزبها وأبيها وتلحم ما انفرط في الداخل وتعمل على أن تتناغم مع الوالد الذي خرج وترك التظاهر وأبا جنزير والإخوة الذين يعملون بين جهاز الأمن الذي تريد أن تهتف ضده، والقوات المسلحة التي تشرِّف الآخر أن يكون جندياً فيها.. حتى لا تُفاجأ الأحزاب بقيام الانتخابات فإن العقل والمنطق يقول إن أمامهم نسيان الحركة الشعبية والبحث عن الزعماء.. مَن خرج ومَن يقيم خارج الوطن.. وأن تتمكن من البحث عن قيادات شابة مواكبة في قوىً سياسيةٍ جديدة إذ أن أحزاب ما قبل الإستقلال ليست من يلبي تطلعات شباب الفيس بوك والتيوتر يا أهل التوتر والبوصلة المفقودة!!. نقلا عن صحيفة الرائد 10/3/2011