هاجس جهاز الامن هو الذي يدفع الحزب الشيوعي السوداني لاقامة أكبر حملة دعائية ضد جهاز أمن الدولة في زمن نميري, والأساطير تنسج حول مقدرات جهاز الأمن (السوداني), وانه يمتلك قوة ضاربة من السلطات والصلاحيات وبه افراد بالالاف وأسلحة وأموال لا حصر لها, والاتهامات تتري بأنه أصبح يشكل خطراً علي المواطنين بأساليبه القمعية في مصادرة الحريات بالبلاد. و(تصفية) جهاز الأمن ومحاكمة منسوبيه تصبح هي الكلمة السحرية التي يتداولها أفراد المجتمع قبيل اسقاط نظام الرئيس نميري, نتجية للرعب والخوف الذي انتابهم من (شائعات) اليسار وتضخيمهم لدور جهاز الأمن وشعارات توزع وتعلق في الجدران تطالب بحل جهاز الامن ومحاكمة أعضائه. واول قرار تتخذه حكومة الرئيس سوار الذهب رئيس المجلس العسكري الانتقالي عقب انتفاضة ابريل هو (تصفية جهاز أمن الدولة واعتقال كل ضباطه) في أقل من 24 ساعة من الانقلاب علي نظام نميري, فضغوط الرأي العام والخوف من تدخل جهاز الأمن لصالح نميري هو الذي يسيطر علي أعضاء المجلس ومجددا تنجح شائعات الشيوعيين ومن لف لفهم. (الحملة الاعلامية) كانت أكبر من أن يقف في وجوهها المجلس العسكري الذي كان حديث عهد بالحكم. وجهة ما كانت تخطط بقوة لتجعل من جهاز أمن الدولة هو الهدف الأول من قيام الانقلاب وليس اسقاط نظام نميري. وأسوار السودان تصبح بلا بوابات ومصادر المعلومات بالداخل والخارج تتقطع صلتهم بالجهاز وأفراد الجهاز يصبحون بلا سلطات والفوضي تضرب اطنابها. والبلاد لأول مرة في تاريخها تصبح مسرحاً مكشوفا للمخابرات الاجنبية, وأيد عابثة تتقدم في الظلام تبحث عن ملفاتها (السوداء) التي تؤكد عمالتها وارتمائها في أحضان الخارج, أو حتي في أحضان الجهاز الذي ينادون بحله بينما هي تخون (قضيتها)و (وأحزابها).. والخوف هو الذي يحرك الجميع الافراد والعملاء والاحزاب والمخابرات الاجنبية. والأقدار تدفع بالعقيد (أنذاك) عمر حسن أحمد البشير ليكون قائد قوة سلاح المظلات التي حاصرت مبني جهاز أمن الدولة وقامت باحكام الطوق العسكري حوله, ثم قامت بانقاذ تعليمات المجلس العسكري باعتقال الضباط والدفع بهم في عربات عسكرية الي سجن كوبر. وعمر البشير يلتقي بالعميد هاشم أبو رنات مدير مكتب جهاز أمن الدولة بعد أن تحفظ عليه وقتم لاعتقاله داخل مباني الجهاز, ليكون السؤال الاول له بحسب ما قاله أبو رنات.. عن وثائق جهاز الأمن ومدي حمايتها والخوف من تسربها. وعمر البشير يقوم باطلاق سراح العقيد أمن محمد الفاتح عبد الملك الذي كان في ذلك الوقت في سجن كوبر والذي يمتلك مفاتيح خزانة المعلومات والسجلات التي تحوي كل معلومات السودان الاستخباراتية منذ العام 1908م, ويتم تكثيف الحراسة حولها. واللواء السر أب أحمد هو من يبلغ الضباط بقرار المجلس العسكري ومنتهي الانضباط وضباط جهاز الامن يساقون الي سجن كوبر كالمجرمين بينما هم من دافع عن أمن البلاد وسلامتها. ولجنة تصفية جهاز أمن الدولة برئاسة اللواء الهادي بشري المكلفة من المجلس العسكري تحول دون انفراط عقد الأمن.. ولجان التحقيق تبدأ عملها.. وحصر ممتلكات الجهاز.. ووثائقه وأوراقه ولجنة مالية لتصفية العهد والجوانب المالية ولجنة لقضية الفلاشا وأخري لشكاوي المواطنين و.. و.. والتصفية تمضي في كل الاتجاهات للتخلص من عبء الماضي الثقيل .. ويطفو للسطح شعار الشيوعيين (التخلص من اثار مايو).. والمشروع لا يفرق بين مايو كنظام حكم وبين البلاد ومصلحتها.. ومن يدرك أهمية الأمن في أحلك الظروف وسط أقسي الحملات الدعائية للنيل من جهاز الأمن الوطني ورجاله, لن يفرط في ضياع أمن البلاد بمجاملات سياسية أو تنازلات عديمة الجدوي. والبرلمان يجيز قانون الأمن الوطني وسط عويل اليسار وصرخاته وخوفه الملازم له من شئ اسمه (جهاز الامن) والحركة الشعبية تمضي في مسرحياتها العبثية وتنكص عن وعودها واتفاقاتها مع المؤتمر الوطني, وتبحث عن بطولات مدعاه بسبب سلطة الاعتقال التحفظي ليكون الجهاز سلاحا بلا ذخيرة وقوة بلا فاعلية وأني لهم وفي البلاد من يدرك لهؤلاء مراميهم ويعرف تاريخهم وحجم مؤامراتهم. نقلا عن الرائد السودانية 21/12/2009م