لا يزال باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وزير السلام بحكومة الجنوب، مصرا على امتلاك الحركة مستندات ووثائق تثبت تورط المؤتمر الوطني والحكومة الاتحادية في أنشطة عدائية تستهدف استقرار جنوب السودان. وطرح باقان على الرأي العام المحلي جملة من الوثائق والمستندات والمراسلات زعم أنها بين المؤتمر الوطني والاستخبارات العسكرية ووزارة الدفاع، إلى جانب اتهامات تشير إلى ما وصفه بعمليات التنصت على هواتف قيادات الحركة الشعبية بالاتفاق مع شركات الهاتف النقال !. الأوراق والمسماة وثائق، لا تصلح لحمل هذه الصفة، إذ تبدو أن عليها ملاحظات ترتبط بكون شبهة التزوير أو الفبركة – هذا الوصف الأدق – هي الراجحة، فمع خطورة ما تتضمنه من معلومات وتفاصيل وتحركات وأسماء فيبدو أنها حررت أصلا لتكشف، باعتبار أنها ستعمم إلى حشود من المدنيين لا علم لهم أو دراية بطرائق تحرير الإشارات في القوات المسلحة وكيفية إدارة المصطلحات. واستوقفني كثيرا في الوثائق المنشورة بين يدي السيد باقان أموم، والذي فيما يبدو لم يحسن طبخ ما يريد عرضه فمثلا لا يمكن لعاقل تصور أن يطلب الدكتور مندور المهدي القيادي بالمؤتمر الوطني من بعض الجهات وضع أجهزة وهواتف قيادات الحركة الشعبية النقالة تحت المراقبة وهو إجراء من حيث الطلب والإسناد والتبني سيكون مفهوما أن يأتي بوثيقة ضد جهاز الأمن، باعتباره الجسم المختص في أمر كهذا وليس مسئولا سياسيا مدنيا ليس من مهمته ترك ملفات تنظيمه والتحول إلى المحقق كونان لرصد هواتف رفاق باقان أموم ومناضليه. ملاحظة أخرى تدل على أن الإشارات المزعومة (مضروبة) طولها إذ بلغت أحد تلك البرقيات طولا أوصلها إلى نحو ثلاث وسبعين كلمة (رغم انه في العرف أنها تقوم على الاختصار والتمويه وعدم الإطناب) لتتحول في بعض السطور إلى مقال للرأي، ولثرثرة تصلح لمجلس متحدثين في صيوان عزاء لا إشارة عسكرية تكشف واقعا أو تحذر عميلا من مغبة انكشاف أمره !. الإشارة التي تحمل الرقم (1497) بدت لي وكأنها نص ركيك في مسرحية طاقم التمثيل فيها فاشلون واليكم مقتطف منها (المذكور وصل جبال كاونارو واجتمع بالقيادات الأهلية المك والعمد. تم كشف خطة المجاهد المذكور بواسطة معتمد أبو جبيهة التابع للحركة الشعبية. حيث تم استدعاء المك إلى كادوقلي، ومن ثم أحيل إلى عبدالعزيز آدم الحلو نائب والي جنوب كردفان باعتباره رئيس الحركة بقطاع جبال النوبة. تم تغيير فكرة المك. المجاهد المذكور غادر إلى أعالي النيل بعد أن ترك بعض الخلايا للقيام بأي مهمة توكل إليهم لاحقا. سنتابع ونفيدكم بكل جديد. للتكرم بالعلم). وهكذا انتهت البرقية والإشارة التي كادت أن تتحول إلى كتاب من أربعة أجزاء وكل نص فيه يجرم الآخر ؟!. كل ما تدفع به الحركة الشعبية بشأن وثائقها المزعومة من هذا المستوى البائس في التحرير والتفاصيل، وكلها تبدو وكأنها عمل ساذج، لأنه لا يمكن لعاقل تصديق أن أحدا يتآمر بفعل يصل إلى درجة التخطيط للإطاحة بحكومة ثم يكون هذا مستوى عناصره النشطة في المخطط بهذه الفجاجة التي تشير فقط إلى أن كل ما ينشر نصوص حررت من غرف وبواسطة أشخاص مدنيين.. وأهالي كمان. نقلاً عن صحيفة الرائد 16/3/2011