إتهامات باقان أموم لغز أدار رأسي. فقد ظللت ومنذ فترة أشد شعري على هذه الصفحة مندهشاً غاضباً ومنزعجاً لتجاهل الحركة الشعبية لهمومها في الجنوب وهي كثيرة ومستعصية لتحيك المؤامرات وتفتح الجبهات ضد الشمال وحكومته علناً وعلى رؤوس الأشهاد، وليس خفيةً عن طريق وثائق سرية أرسلت أو زوّرت على ترويسة رسمية تحمل رمز صقر الجديان. لا يهم إن كان رمزاً لحكومة أو حزب يدير الحكومة. وما إذا كان من إختراع حركةٍ واسعة الخيال أم عمل ضابط متآمر، مما يتطلب تحقيقاً دولياً، وحكماءً إفريقيين، ومجلس أمن، ومؤتمرات صحفية، وصمت مريب من أحزابٍ أخرسها الغرض والموالاة الجاهلة. والحركة الشعبية لا تتآمر بوثائق أو غير وثائق في أبيي، بل تعمل في وضح النهار للإستيلاء على الأرض دون رعاية لمصالح المسيرية أو القبائل التي أقامت حياتها عبر قرون فوق تلك الأرض، وتأبى أي حل لا يتيح لدينكا نقوك السيطرة الكاملة، مستعينةً بقوى غربية صهيونية عنصرية بنت حياتها على تدمير حياة الآخرين ولماذا ترعى للمسيرية حقاً؟ وما رعت حقاً للهنود الحمر والفلسطينيين أصحاب الأرض وسكان أستراليا ونيوزيلندا الأصليين..؟ والحركة لا تتآمر بوثائق في محاولة إنتزاع منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، بل تعمل في وضح النهار على وضع إثنين من كبار قيادييها على رأس الولايتين لا لمصلحة المواطنين بل لتحويل المشورة الشعبية إلى حكم ذاتي يعقبه تقرير مصير وإنفصال يؤدي إلى إنضمام. والحركة الشعبية لا تتآمر بوثائق مع حركات دارفور بل تفتح لها الأبواب علناً وتمدها بالعون والسلاح والمال بل وتمنحها قواعد لضرب الشمال وزعزعة الإستقرار فيه بهدف تقسيم السودان تمهيداً لابتلاع المنطقة بأسرها. والحركة الشعبية لا تتآمر بوثائق بل تعمل جهاراً نهاراً لإزالة النظام الحاكم شريكها الذي أتاح لها كل ما تنعم به الآن وهي التهمة الرئيسية التي ألقاها باقان على الجميع من منبره في الخرطوم. فهي تقيم الندوات والإجتماعات وتباشر الإستعدادات، لا خلسةً أو تحت ستار، بل علناً تخطط في مكاتبها ودورها في العاصمة لتسيير التظاهرات لإسقاط النظام. ولولا أنها تعتمد على حائط مائل لربما استطاعت أن تثير الفوضى. والحركة الشعبية تعمل بكل قواها علناً وليس سراً عن طريق الوثائق مع أشد المعارضين تعنتاً ولا مسؤولية لإجهاض أي محاولة لنجاح الحوار بين الأطراف في الشمال بهدف التخريب وبلبلة الرأي العام. بل وتهدد علناً على البقاء في الشمال قسراً لمواصلة التخريب مستغلةً كل حقد وكل ضغينة وكل أطماع وكل خيانة فاتحة جناحيها لحماية كل أطياف الطابور الخامس في الشمال. ولا تكتفي الحركة بكل هذا النشاط الإستفزازي العلني الذي لا يحتاج إلى وثائق نبرزها، بل تهدد بما تملكه من نفط أصبح غصةً في حلوقنا بل ما تملكه القوى الغربية والصهيونية، فتعدنا برفع العقوبات الأمريكية عنا ورفعنا من قائمة الإرهاب وإعفاء ديوننا التي هي ديونها أيضاً. وسبحان الذي جعل الحركة تتحدث بلسان أمريكا. نعم ليتم التحقيق في الوثائق التي جاء يحملها باقان أموم وكلنا يريد معرفة الحقيقة، ولكن ليشمل التحقيق أيضاً كل هذه الأفعال العدوانية التي تمارسها الحركة وتفخر بها علناً، لا أن يقتصر التحقيق على أمن الجنوب وحده كما جاء في تقرير سلفا كير عن محادثات الرئاسة بحضور امبيكي حيث ادعى أن القرارات شملت تكوين لجان لتقصي كافة المعلومات المتعلقة بالنشاطات التي تهدد استقرار جنوب السودان. وللشمال أيضاً أمن نحرص ألا تهدده الحركة. سكوتنا ونحن على حق، والزوبعة التي تثيرها الحركة وهي على باطل، هما طرفا اللغز الذي لا أجد له حلاً.