يبدو أن السيناريوهات المظلمة التي أشارت إليها العديد من المراكز المهتمة بالشأن السوداني قبل استفتاء شعب الجنوب ، لم يتجاوزها الوقت بعد ، هذا ما تقوله مجريات الأحداث بين شركاء السلام من جانب وبين معارضي الحكومتين بالجانب الآخر ، وما لاشك فيه ان ماتبقى من فترة انتقالية ومايليها لن يكون بأحسن حال . فشريكا الحكم لازالت مسافات التلاقي في عدد من الملفات بينهما متباعدة ولا تبشر بحلول قريبة ، وان تجاوزنا الديون والمواطنة فان ازمة ابيي لاتزال عالقة ، وحتى مؤشرات الثقة بين الطرفين في ادنى معدلاتها ، لكن هذه المرة الحركة صعدت من وثيقة اتهامها وقالت صراحة ان الوطني يخطط لقلب نظام الحكم بالجنوب وتسليم زمام الحكم هناك الى موالين له ، واعلنت عن تعليق المباحثات ونيتها في ايقاف تصدير النفط عن طريق الشمال بسبب سياسات الشريك الاكبر ، مما يشير الى ان نقاط التلاقي التي كان يأمل كل الوسطاء ان تزداد متانه ماضية الى التلاشي . فالامين العام للحركة الشعبية باقان اموم الذي تحدث لجمع من الاعلاميين بالخرطوم امس بعد ساعات من المعارك الضارية التي اندلعت بحاضرة اعالي النيل النفطية وخلفت عدداً من القتلى والجرحى قال ان المؤتمر الوطني يخطط لتغيير الحكم بجنوب السودان قبل التاسع من يوليو واضاف نحن نملك معلومات مفصلة عن الخطة الساعية لاحلال حكومة جديدة قبل ان يصفها بالعميلة التي تتبع للمؤتمر الوطني لتنفذ مخططاته بالدولة الجديدة بعدها تحولت قسمات الاعلاميين بشكل ملحوظ، فالكل كان يتوقع ان يكون المؤتمر الصحفي للرد على الاخبار المنقولة عن المركز السوداني للخدمات الصحفية منذ منتصف الاسبوع المنتهي ، والتي تفيد جميعها عن انشقاقات وسط قيادات بصفوف الجيش الشعبي وانحيازهم للمنشق جورج اطور . لكن «اموم» وبشكل حاسم اضاف «ليس جورج اطور لوحده بل قلواك قاي ولام اكول ايضا متورطون» ويجدون الدعم من الخرطوم ، ليفتح باب التساؤلات بشكل واسع بعد ان ظلت الحركة الشعبية تردد وبشكل مكرر ان المؤتمر الوطني يعمل على زعزة الاستقرار جنوبا ليأتي رد الوطني وفي اكثر من مناسبة بان الجنوب يعمل على ايواء متمردي دارفور ، دون ان ينفي التهمة الاولى او يؤكدها ، وامر آخر في حديث اموم يزيد من تلك التساؤلات التي لا تبدأ بهل نحن على مقربة من بوابة الحرب؟ ولا تنتهي بمدى دقة اتهامات الحركة التي قالت بانها تملك تفاصيل تلك الخطط والمشرفين على انفاذها بالاسماء . الا ان محدثي امس المحلل السياسي دكتور حاج حمد قال ان ماتبقى من وقت هو للمناورات وتابع لابد من تقديم حيثيات لتلك الاتهامات ، قبل ان يضيف لم يقدم باقان اجابات بل وضع اكثر من سؤال ، لكن في المقابل يقول اموم في مؤتمره امس الذي استمر ل14 دقيقة دون ان يتاح للاعلاميين توجيه اسئلة كرر كلمة المؤامرة خمس مرات في مواقع مختلفة « الحركة الشعبية تعرف اسماء الاشخاص الضالعين في (المؤامرة ) ، هنالك(مؤامرة) كبرى ضد جنوب السودان ينفذها المؤتمر الوطني ... ، نعتزم قطع امدادات النفط الى الشمال ردا على هذه (المؤامرة) المفترضة. ... لدينا تفاصيل عن (مؤامرة) لقلب نظام جنوب السودان يشرف عليها الرئيس عمر البشير ... يريدون ان يقحموا قبيلة المسيرية في المؤامرة « واشار الى ان الخرطوم بدأت في تكوين ودعم وتسليح وتدريب مجموعات من المليشيات خلال الفترة الماضية ودفعت بهم للحدود وداخل الجنوب واتهم الرئيس البشير بالاشراف المباشر على تلك الخطة الى جانب قيادات من الوطني وذكر ان الاستخبارات العسكرية ومستشارية جهاز الامن وجهاز الامن يقفون خلف الامر ايضا ، ليعود حاج حمد مرة ثانية ويضيف لماذا يتصدى لامر في هذه الخطورة باقان ويتابع ان كان الاتهام للرئيس البشير فهناك من يكافئه في اشارة للنائب الاول سلفاكير يمكن ان يعطي الامر مصداقية ويشير الى ان الامر يمكن ان يكون قنابل دخان لاخفاء الصراع الجنوبي الجنوبي ، بجانب العمل على تحريك المجتمع الدولي للتدخل وايقاف الصراع هناك . لكن اموم الذي بدا ساخطا تحدث ايضا عن أبيي وصراعها في اشارة حسبها المتابعون للملف بانها خطوة لها اكثر من معنى وتشير الى ان الحركة باتت لا تنتظر من مباحثات مابعد الاستفتاء الكثير، ففي معرض حديثه اشار الى ان الوطني يقوم بتخريب العلاقات بين الشعبين و اعلن انهيار اتفاق كادوقلي للتهدئة الخاص بمنطقة ابيي محذرا قبيلة المسيرية مما اسماه بالمؤامرة الساعية للدفع بالقبيلة للمواجهة مع الجنوب للاضرار بمصالحهم واستخدامهم لعرقلة بروتوكول ابيي وقرار لاهاي. واكد ان حكومة الجنوب ستقوم خلال الفترة المقبلة باتصالات مباشرة مع المسيرية لتجاوز ما اسماه بالفتنة التي تضر بمصالح المسيرية قبل ان يعلن عن تنظيم مؤتمرات للتعايش السلمي بين قبائل التماس في الشمال والجنوب على طول الحدود لاستدامة السلام وتحقيق الامن المتبادل والتعايش السلمي بين الجانبين .