ما من شك أن الحركة الشعبية إن كانت تسعي لإيذاء الشمال و استخدام سلاح فاعل فى مواجهته أو محاربته ، فقد فقدت عملياً فعالية كافة الأسلحة التى كانت تعتقد أنها تؤثر على الشمال ، ولعل آخر سلاح لوَّح به القيادي بالحركة وأمينها العام باقان أموم هو سلاح البترول ، قد فقد تماماً – والي الأبد – فاعليته ونحن هنا و ريثما نفصل كيف فقدت الحركة استخدام هذا السلاح ، نعدد فى عجالة خيارات الأسلحة الأخري (التى سبق استخدامها و لم تجدِ) ، ففي سنوات مضت كانت الحركة تلوح بخيار الحرب . أموم لوَّح أكثر من مرة بهذا الخيار و لكن ثبتت استحالة هذا الأمر سواء لقصر نفس الجنوب حيال حرب لا يدري أحد الى أى مدي سوف تستمر و الجنوب موارده شحيحة و جيشه الشعبي هو جيش شعبي وليس جيشاً نظامياً ، وقد عاني ما عاني و لا يزال يعاني من مجرد عصابات خاصة بجيش الرب ، و تمرد بداخله عجز عن القضاء عليه ، أو لسبب إمكانية انهيار كل شئ ، و فقدان كل شئ جراء الحرب ، كما جري بالنسبة لتجربة اليمن ، أو لرفض الرأى العام الجنوبي و قواه السياسية لأي حرب جديدة بعدما طالتهم معاناة نصف قرن من الزمان قضوها فى لجوء و نزوح وحياة شاقة مضنية . وقد حسم زعيم الحركة الفريق كير هذا الأمر بتأكيداته الصارمة بوصفه قائد أعلي للجيش الشعبي بعدم إمكانية اللجوء للحرب ومن ثم خرج السلاح من هذا من الساحة ، حتى ولو فرضته أى ظروف قد تستجد ، فهو ليس فى صالح الجنوب بالدرجة الأولي. السلاح الثاني سلاح الإضراب ، والخروج عن الحكومة ، وقد جربته الحركة مراراً و فى كل مرة كانت تخرج و تعود (بلا جديد) و دون ان يحدث اى تغيير أو يستجد شئ . ثم جربت الحركة سلاح التحالف مع قوي معارضة للتخويف السياسي ، وعلى الرغم من نجاحها فى استخدام قوي معارضة للتخويف السياسي إلا أن السلاح سرعان ما علاه الصدأ ، وفشل فى تحقيق هدفه ، فالقوى المعارضة من الضعف والهوان بحيث (تفاجأت الحركة نفسها) بهذا الضعف ! و من ثم حاولت الحركة استخدام سلاح استضافة الحركات الدارفورية المسلحة و قبل ان تشرع فى استخدامه سمع الجميع صرخاتها الداوية بسبب تمرد الجنرال أطور وأيقنت أن الأمر خطير وخطير للغاية، رغم ان أطور يتم دعمه من جهات سبق وان اشرنا إليها ، بعيدة كل البعد عن الخرطوم . وهكذا ، كان آخر سلاح استخدمه أموم واتضح ان ذخيرته (ليست حية) هو سلاح إيقاف ضخ النفط ، فالنفط هو مورد الجنوب (الأوحد) و أنابيب النفط إذا توقف الضخ سوف تتضرر على الفور ، ولن تصلح مرة أخري للضخ و من الصعب -على المدي القريب- إيجاد وسيلة أخري سهلة للتصدير و قد صعق أموم طبعاً حين علم بهذه الحقائق من المختصين وأدرك أن سلاحه الذى أطلقه لم يكن سوي سلاح فاسد ينضاف الى بقية الأسلحة الفاسدة السابقة .