بالنظر إلى الواقع السياسي الذى تعيشه الحركة الشعبية -بصفة عامة - من تصاعد لخلافات وانشقاقات حادة داخل جيشها الشعبي وخلافات متنامية فى قطاع الشمال لدرجة أن الفصائل العسكرية المنشقة من الجيش الشعبي قالت إنها تعتزم مقاضاة أحد أبرز مسئولي قطاع الشمال ياسر عرمان جراء ممارساته وما وصفته بالفساد واختلاسات ارتكبها فى حق القطاع . فى ظل هذا الواقع مضافاً إليه الواقع الأكثر قتامة فى جنوب كردفان حيث يدور الصراع – داخل الحركة الشعبية نفسها– فى المنافسة الحادة ، الحامية الوطيس فى الانتخابات التكميلية الوشيكة هناك ما بين مرشح الحركة ، نائب الوالي عبد العزيز الحلو واللواء تلفون كوكو المحتجز - منذ سنوات و على نحو غامض- لدي حكومة جنوب السودان ، فان من المرجح - وفق هذه المؤشرات مضافاً إليها مؤشرات أخري- ان تخسر الحركة الشعبية خسراناً مريعاً ولاية جنوب كردفان . ولكي نوضح الصورة أكثر فان الكل يتذكر كيف تلقي اللواء دنيال كودي - قبل سنوات - ضربة قاصمة حين كان مسئولاً فى الولاية، و قرر مجلس تحريرها حينها في إطار صراعات جري التكتم عليها فى ذلك الوقت إقصاء كودي ، الأمر الذى اوجد مرارة لا حدَّ لها فى نفسه ، و توعد خصومه بيوم آت للثأر والقصاص ؛ وخصومه ليسوا سوي قادة الحركة الشعبية . من جانب آخر فان هناك ايضاً اللواء خميس جلاب الحاكم السابق للإقليم عن الحركة والذى له أنصاره ايضاً ، ومن المعروف ان هؤلاء جميعهم من أبناء النوبة ، ولكن شكلت هذه الانتخابات سانحة جدية لهم لتصفية حسابات قديمة . و لعل هذا التطور الكبير فى ظل شعور متنامي لأبناء النوبة أن انتماؤهم للحركة و محاربتهم الطويلة الى جانبها، و التضحيات التى قدموها لم تزدهم شيئاً ولم تحقق لهم ولو نذر يسير مما كانوا يتطلعون إليه ، فلا زالوا فى خانة التهميش -بحسب رؤيتهم- و لا تزال الحركة الشعبية تستخدمهم عند الحاجة تتجاهلهم ؛ وهذا هو بالضبط ما بات يضعف بشكل كبير فرص اللواء الحلو، فهو كان جواد الحركة الرابح ، غير أن دخول كوكو الى حلبة السباق وهو أحد مظاليم الحركة ، فى ظل وجود كودي و جلاب فى معسكر مناوئ للحلو ، جعل المشهد بالغ القتامة . وهكذا ، فان الصورة وحدها تكفي – دون أى رتوش – لنستخلص منها ان الحركة الشعبية حتى و فى إطار (بيتها الداخلي) يبدو أنها غير قادرة على لملمة أطرافها و مواجهة التحديات وهو ما جعل غالب أبناء المنطقة و فى مقدمتهم طبعاً النوبة يفضلون اختيار شخصية أخري مغايرة، تخدم المنطقة و تنأي بهم عن الصراعات ، فقد استيقن الجميع الآن أن فوز اى مرشح من أبناء النوبة فى المنطقة هو عود ثقاب جاهز للاشتعال و تدمير المنطقة بالنظر الى المتربصين بهم من المعسكرات الأخرى !