تحليل سياسي رئيسي يصعب القول – من واقع متابعات واستطلاعات لصيقة – أجريناها فى (سودان سفاري) أن إنثية النوبة – بشتي فروعها و شعابها – فى جنوب كردفان مصطفة خلف المتمرد عبد العزيز الحلو ، فالرجل كما وضح جلياً عقب الأحداث لم يلقي الدعم الذي كان يتصوره من قبائل النوبة فقد أصرَّ عشرات الآلاف منهم على البقاء فى مناطقهم ، بل إن من فرّوا مع بداية الأحداث سرعان ما عادوا. ويقول أحد الشيوخ المعمرين وذوي الدراية الشاملة فى المنطقة و هو من النوبة، إن الحلو لا ينتمي لقبائل النوبة أصلاً وهذه الحقيقة أكدها عدد من قادة الإدارة الأهلية فى المنطقة من قبائل مختلفة ، فالحلو من قبائل المساليت المنتشرة فى أنحاء محددة فى إقليم دارفور ، وقبائل النوبة فى جنوب كردفان على علم بهذه الحقيقة ولم ينسوا للحلو حتى الآن – كما يقول احد الذين عملوا مع الوالي السابق خميس جلاب – سعيه الى إقصاء قيادات الحركة من أنباء النوبة من أى مناصب فى الولاية أو على نطاق المركز . و ربما لوحظ فى هذا الصدد أن اللواء جلاب و دنيال كودي و الدكتور تابيتا بطرس لم يتحمسوا لخطوة الحلو فهم كقادة يعلمون حجم الدور الذى قام به الرجل لخلخلة نسيج أبناء النوبة بالولاية و التآمر عليهم وقد أوردت صحيفة الرأى العام السودانية فى الثاني عشر من يونيو الجاري مقالاً مطولاً حوي الكثير عن مؤامرات الحلو على زملائه من قادة الحركة المنتمين الى قبائل النوبة ، وكيف لعب الرجل دوراً فى تشتيت هؤلاء القادة و إصراره على إبعادهم عن مواقع السلطة وتشجيعه لبقاء اللواء تلفون كوكو فى المعتقل فى الجنوب . والشئ الغريب – وهذه من مفارقات السياسة والتاريخ – أن حقد الحلو على كوكو و سعيه الحثيث لإطالة أمد اعتقاله فى الجنوب و إبعاده عن دائرة الفعل السياسي كانت إحدي نتائجه الكارثية على الحلو أنها تسببت فى سقوطه المريع فى انتخابات جنوب كردفان لأن اللواء تلفون الذى رشحه أنصاره فى هذه الانتخابات – رغم وجوده بالمعتقل – حصد الكثير من أصوات الناخبين التى كان من المقرر ان يحصدها الحلو ، فاللواء كوكو – من معتقله – استطاع منازلة الحلو الطليق! وتسبب فى خسرانه للعملية خسراناً مبيناً وهو الذى دفعه للتمرد . بعبارة أخري يمكن القول إن الحلو هو الذى(هزم نفسه) فى الانتخابات بمؤامراته وكراهيته لأبناء النوبة فى الحركة الشعبية . ولعل لهذا السبب تبدو هنالك صعوبة فى أن ينال الحلو الدعم الذى يرجوه ليتحول الى رقم فى المنطقة إذ لا يتصور عاقل ان يصبح رجل بهذه المواصفات التآمرية على قادة المنطقة محلاً لإجماع قبائل النوبة و العرب بحيث يمنحوه ثقتهم ليصبح قائداً لهم ؛ وهو ما جعل الحركة الشعبية الأم نفسها فى الجنوب تتردد فى دعم الحلو بعدما تبين لها أنه (إنكشف سياسياً) و احترق ولم يعد يصلح للتداول السياسي بحال من الأحوال !