بعدما أجيز قانون الأمن الوطني الجديد ل2009م – قبل أيام في البرلمان السوداني – وبعد أن أعيت الحيلة كتلة الحركة الشعبية البرلمانية ولم تجد ما تحقق به وعدها الذي قطعته للقوى المعارضة بإسقاط ما درجوا على تسميته بالقوانين المقيدة للحريات وهو وعد – يعلم القاصي والداني – كان مجرد سراب خادعت به الحركة هذه القوى المعارضة، وهي تتحدث معهم بلسان، ولديها لسان آخر مع شريكها المؤتمر الوطني داخل القاعات المغلقة. وربما اعتقدت الحركة أن القوى المعارضة لا تزال على سذاجتها واعتقادها أن بوسع الحركة أن تنجز لها ما عجزت عنه، وربما أيضاً كانت ولا تزال هذه القوى المعارضة بالفعل على سذاجتها، وهو أمر وارد حيث أثبتت الحوادث أن القوى المعارضة دائماً تجهل جهلاً تاماً، ما يجري بين الحركة والمؤتمر الوطني حين يختليا في القاعات المغلقة، وتذوب خشونة الحركة و ترتدي وجهاً ولساناً وآذاناً من الحرير الناعم بعد كل ذلك فأن رئيس الكتلة البرلمانية للحركة حين أعيته الحيلة تجاه قانون الأمن، لم يجد ما يسعف به موقف حركته سوى التثبت بحبل أوهي من الخيوط المتآكلة، حيث قال عرمان أن حركته سوف تلجأ للعمل الجماهيري، لتفعل ماذا؟ لتضغط على المؤتمر الوطني، ليقود هذا الضغط لسحب القانون؟! وبوسع القارئ الكريم أن يتأمل إلى أي مدي يسخر عرمان ويستهزأ بالعقول! فالعمل الجماهيري الذي يعنيه عرمان والذي جربته حركته وحفنة من القوى المعارضة كان مجرد عمل شغب فضته الشرطة السودانية في دقائق لأنه جنح إلى التخريب وأثارت الأمن والسلامة العامة، ولم يبين لنا عرمان حتى الآن ولا لحلفائه في القوى المعارضة، طبيعة النتيجة التي أثمرتها تلك العملية الجماهيرية فلو كانت تلك العملية مثمرة بالفعل وحققت أهدافها فما الحاجة إذن لهذا العويل والصراخ، وإعادة التهديد باللجوء إلى الجماهير؟ وهل باتت هذه الجماهير جالسة ومستعدة فقط رهن إشارة عرمان لخدمة غايات حركته؟. ولماذا لم يكشف عرمان – بصراحة ووضوح – عن محادثات حركته مع شريكها المؤتمر الوطني التي أفضت إلى عودتهم للبرلمان والاتفاق على كافة القضايا العالقة؟ ما الذي يتعمد الشاب الثائر إخفاؤه ولكنه يتدلي من بين يديه ومن خلفه؟ ويبدو موقف عرمان أكثر سوءاً حين استدار – باندفاعه وتهوره المعروف – ليطلق شرارات تجاه السلطة القضائية السودانية ويصفها بأنها ليست عادلة ولا نزيهة لذا ليس في حساباتهم اللجوء إليها!؟ وهنا يتجلي الضعف البنيوي في الذهنية السياسية لعرمان، فالقوانين التي يجيزها البرلمان بالأغلبية لا تصلح للطعن فيها أمام المحكمة الدستورية، وحتى ولو صح ذلك، فان المحكمة الدستورية محكمة محترمة وجرى إنشاؤها عقب اتفاق نيفاشا 2005م واستنادا على الدستور الانتقالي 2005م وبالتالي فان الحركة شريكة فيها كمؤسسة حكومية وإذا سايرنا منطق عرمان، فان تشكيكه في كل أجهزة الحكم القومية معناه أما أن حركته من الضعف والهوان بحيث فشلت في تثبيت وجودها وترسيخ بنيان هذه المؤسسات، وأما أن الرجل ينتهج نهج التقليل من شان أي مؤسسة قومية أذا لم تكن تصب في صالح حركته مباشرة. وفي الحالتين فإن هذا ليس معياراً موضوعياً لمعايرة الأمور. وهكذا فإن رئيس الكتلة البرلمانية – للأسف الشديد – يمارس عملاً قريب الشبه، أن لم يكن شديد التطابق بالممارسات الطلابية، وهو يحسب أنه يحسن صنعاً!!