الهجوم الذي نفذته مروحية إسرائيلية بحسب وزير الخارجية علي أحمد كرتي، على بورتسودان وأودى بحياة شخصين، لم يكن الأول من نوعه داخل الأراضي السودانية، ولكن هذه المرة كان الاتهام المباشر والسريع من حكومة الخرطوم لإسرائيل هو السمة البارزة في الحدث، بجانب أنه كان داخل الأراضي السودانية عكس الهجوم الأول الذي استهدف إحدى القوافل في يناير 2009 على الحدود السودانية المصرية، فوزير الخارجية علي كرتي قال في مؤتمر الصحفي أمس: "إن لدى حكومته منذ الأمس أدلة شبه قاطعة بأن الهجوم نفذته إسرائيل"، بيد أن الوزير لم يحدد هويات المقتولين، واكتفى بالإشارة إلى أنهما سودانيان فقط، وأضاف كرتي أنه لا يعرف السبب وراء الهجوم، ولكن "إسرائيل" تردد مزاعم بأن السودان يدعم حركات إسلامية"، وقال: "هذا غير صحيح، وإسرائيل تحاول بهذه الإدعاءات تبرير هجومها يوم أمس – الثلاثاء-. وتباينت الروايات حول الحدث، لكنها اتفقت مجتمعة على أن الهجوم وقع وأن صاروخا أصاب إحدى السيارات وأدى إلى احتراقها وتفحم اثنين من الأشخاص كانوا على متنها، وقال والي ولاية البحر الأحمر بالإنابة، صلاح سرالختم كنة: إن صاروخاً مجهول المصدر استهدف سيارة صغيرة بطريق بورتسودان المطار في منطقة "كلانيت" الواقعة على بعد 15 كيلومترا على الطريق الرئيسي الرابط بين بورتسودانوالخرطوم، وتحديدا جنوبالمدينة نحو الساعة التاسعة من مساء الثلاثاء بالتوقيت المحلي، مما أدى إلى مقتل شخصين كانا بداخلها حيث تفحمت جثتيهما جراء الانفجار، وأوضح كنه أن التحقيقات في الحادث لا تزال جارية لاستجلاء ملابساته وأسبابه ومعرفة هوية الشخصين المقتولين داخل السيارة، لافتا إلى أن حكومة الولاية والأجهزة المختصة شكلت مجلس تحقيق لاستقصاء الحادث، وقد خف الوالي بالإنابة بصحبة لجنة الأمن بالولاية إلى مكان الحادث للاطمئنان على الأوضاع والاطمئنان على انسياب حركة المرور بشكل طبيعي. وقالت السلطات المختصة: إنها باشرت بالفعل التحقيق في القصف، وقال بيان للشرطة في وقت متأخر ليل أمس الأول: إن صاروخا أصاب سيارة على شارع الإسفلت الرئيسي الرابط بين الخرطوموبورتسودان على بعد 15 كيلومترا جنوببورتسودان مما أدى لمقتل شخصين كانا يستقلانها، وبحسب البيان فإنه فور وقوع الحادث هرعت الأجهزة الأمنية إلى المكان وشكلت غرفة عمليات ودفعت بفرق متخصصة للتعاون مع أجهزة ولاية البحر الأحمر لاستكمال التحقيقات لتحديد مصدر الهجوم وفك غموضه، بينما ذكر المركز السوداني للخدمات الصحفية أن الدفاعات الجوية ردت على الطيران بنيران كثيفة اضطرتها للهروب من الأجواء السودانية، غير أنها لم تحدد هويته لكنها أكدت أنه طيران أجنبي، وقال مصطفى مندر نائب الدائرة (10) القومية للمركز: إن الطيران ظل يتابع العربة حتى قصفتها موضحاً أن شهود عيان كانوا يتابعون الطيران حتى قصف السيارة. وقال: إن المنطقة معرضة للاستهداف، مستشهداً بالحادثة التي حدثت قبل ذلك، التي راح ضحيتها الكثيرون من أبناء تلك المناطق، ونفى مندر بشدة أن تكون المنطقة معبراً للسلاح وطالب جهات الاختصاص بالتحري والتقصي لمعرفة مصدر الاستهداف، وفي السياق قال مكي خضر مكي وزير الصحة بولاية البحر الأحمر في تصريحات صحفية: إنّ الحادثة وقعت بعيدا عن ميناء بشائر ومناطق البترول وعلى بُعد (14) كلم من مدينة بورتسودان، وأنّ حكومة الولاية هرعت إلى مكان الحادث وبدأت بالتقصي. وسارعت تقارير صحافية إسرائيليَّة، أمس الأربعاء، إلى كشف طلاسم الحادثة، وأنحت بالمسئولية على إسرائيل، وكشفت أن الهجوم الذي استهدف سيارة أمس الأول بمدينة بورتسودان الساحليَّة على البحر الأحمر وأدى إلى مقتل شخصين نفذته طائرات إسرائيليَّة، ونقلت صحيفة "الشروق" المصرية عن مصادر إسرائيليَّة، أن طائرات من سلاح الجو الإسرائيلي انطلقت فجأة من جهة البحر الأحمر وقصفت سيارة واحدة أو أكثر قرب مطار بورتسودان، وكان لافتا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية أبدت اهتماما واضحا بالنبأ، حيث أبرزته "يديعوت أحرونوت" في موقعها على الشبكة الالكترونية كخبر رئيسي، مشيرة في الوقت نفسه إلى هجمات جوية مماثلة تمت في يناير 2009، وفي حينه ووجهت إصبع الاتهام فيه لإسرائيل. وعنونت الصحيفة الأوسع انتشارا "الجيش الإسرائيلي شن هجوما في السودان"، وأضافت الصحيفة نقلا عن وسائل إعلام أجنبية أن الغارة "استهدفت رجالا مطلوبين في إفريقيا"، أما صحيفة "إسرائيل اليوم" المجانية المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو فكان عنوانها "تصفية في السودان"، وبدورها عنونت صحيفة معاريف عددها ب"هجوم غامض الليلة الماضية في السودان"، مشيرة إلى أن مسئولين إسرائيليين رفضوا التعليق على الموضوع، ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الموضوع بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية وأوضحت المصادر أن الطائرات عادت إلى قواعدها بمجرد استكمال المهمَّة، فيما رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي التعقيب. ولم تكن غارة أمس الأول، هي الأولى، فقد شهد العام 2009 حادثة مشابهة وجهت أصابع الاتهام فيها إلى إسرائيل، عندما قصفت قافلة على الحدود السودانية المصرية في يناير من ذات العام مخلفة أعدادا كبيرة من القتلى اختلفت الروايات حولها، وكانت وسائل إعلام أفادت في حينه أن سلاح الجو الإسرائيلي قد هاجم قافلة سلاح معدة لحركة حماس في قطاع غزة، وأدى القصف إلى مقتل نحو 119 شخصا، كما أشارت في هذا السياق إلى وجود قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في جيبوتي المجاورة، والتي تستخدم لشن هجمات على "ناشطي القاعدة"، وبدورها أبرزت الصحيفة الإسرائيلية "هآرتس" النبأ ضمن عناوينها الرئيسية، مشيرة أيضا إلى الهجمات الجوية التي نفذت في يناير 2009، وتساءلت الصحيفة عمن له مصلحة بقصف مركبات يفترض أنها تقوم بنقل السلاح، وأنه من الممكن الافتراض بأن إسرائيل هي التي شنت الهجوم، كما لفتت الصحيفة إلى تصريحات رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، بشأن من أسمته "الذراع الطويل" لإسرائيل والتي تصل إلى مناطق بعيدة عن حدودها. وألمح أولمرت، أن بلاده تقف وراء ضربة السودان قائلاً: "نعمل في أماكن عدة، قريبة وبعيدة، وننفذ ضربات جوية بأسلوب يعزز من قوى ردعنا". وكانت طائرات قصفت مجموعة سيارات العام قبل الماضي، بالولاية ذاتها، وقالت السلطات حينها: إن قافلة لمهربي السلاح تعرضت لقصف طائرات مجهولة في يناير 2009، وأشارت تقارير إعلامية في مصر والولايات المتحدة حينها إلى أن طائرات أمريكية أو إسرائيلية ربما نفذت الهجوم. ولدى تعليقه على حادثة 2009م، أكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة حينها، العميد الدكتور محمد عثمان الأغبش، أن الحكومة السودانية كانت على علم بالضربات التي تعرضت لها السيارات، وشرعت في اتخاذ الإجراءات الضرورية وقامت بالاتصال بجميع الأطراف ذات الصلة بالموضوع، بينما روى مبارك مبروك سليم وزير الدولة بوزارة النقل، رئيس تنظيم الأسود الحرة ل«الشرق الأوسط» تفاصيل الحادثة وقتها، وقال: "هما في الأصل حادثتان، الأولى في 27 يناير، والثانية في 11 فبراير.. الاثنتان في منطقة جبل صلاح قرب الحدود السودانية المصرية، وقال: إن عدد القتلى 800 من جنسيات مختلفة، بينهم إريتريون وصوماليون وسودانيون، وحدد عدد القتلى السودانيين ب200 سوداني، واستنكر سليم الضربة، وقال: "إنها استهدفت ناسا فقراء من سائقين وحمالين ليسوا أكثر"، وأضاف أن من نفذ الضربة هي الطائرات الأمريكية والإسرائيلية، وعبر البحر الأحمر، وقال إنهم تكهنوا عبر الأقمار الصناعية بأن القافلتين تحملان السلاح، مع أنهما تحملان بشرا يتم تهريبهم عبر الحدود السودانية والمصرية إلى أنحاء أخرى في العالم. نقلاً عن الرائد 7/4/2011