مع اقتراب الموعد الرسمي المقرر لإعلان دولة جنوب السودان في التاسع من يوليو المقبل عقب انقضاء فترة الانتقال التي قررتها اتفاقية السلام الشاملة في السودان، باتت تتصاعد المخاوف والهواجس الدولية من أن يحمل قيام الدولة الوليدة مشروعاً لدولة تموج بالصراعات الاثنية الدامية ويغلب عليها طابع الفشل وفقدان الأمن والاستقرار. هذه المخاوف الدولية عبرت عنها بعض وسائل الإعلام والصحف الأوروبية بناءً على استقصاءات ودراسات شتي أجرتها على الأرض. فصحيفة (U. LANDSNYT.DK) الدينماركية على سبيل المثال في عددها الصادر مطلع الأسبوع الماضي أوردت مقالاً مطولاً بهذا المعني تحت عنوان (جنوب السودان: عودة لحالة عدم الاستقرار والتسليح) . أشارت الصحيفة أن تاريخ إعلان الدولة في يوليو المقبل سيشكل تحدياً حقيقياً لدولة الجنوب في كيفية القيام بواجبها في الحفاظ على الأمن والسلام على رقعة أرض واسعة تعج بالقبائل والاثنيات العرقية الكثيفة. وقالت الصحيفة أن مما يرفع من وتيرة القلق أن الفصائل الجنوبية المعارضة لحكومة الجنوب وفي مقدمتها فصيل الجنرال جورج أطور أعلنت عن عزمها التحالف والتوحد وهي خمس فصائل سعياً لإسقاط حكومة الجنوب القائمة الآن لنشر الديمقراطية ولغل يد الدينكا عن الاستئثار بالسلطة والهيمنة على الأوضاع بحيث يسود قدر معقول من المساواة والحريات . ونفت الصحيفة في المقال المطول ما قاله الناطق باسم الجيش الشعبي الكولونيل فيليب اقوير من أن الأمر الوحيد الذي يوحد هذه الفصائل هو الدعم الذي تتلقاه من الخرطوم وأضافت الصحيفة ألا أدلة على هذا الدهم وأن السبب الرئيسي وراء تمرد الفصائل هو المظالم التي تولدت عن الاستحقاق الانتخابي في جنوب السودان في أبريل من العام 2010م. واستعانت الصحيفة بتصريحات صادرة عن مكتب المنظمة الدولية في جوبا قالت فيها أنه وخلال شهر مارس 2011 وحده وقعت (10) نزاعات مسلحة في جونقلي وأعالي النيل والوحدة نتج عنها نزوح حوالي (16) ألف نازح وأشارت التصريحات إلى القلق المتزايد جراء تعرض المدنيين للهجمات المتبادلة بين المتمردين وحكومة الجنوب. ومضت الصحيفة لتلفت الانتباه إلى أن هناك عامل أضافي مقلق في هذا المنحي وهو وضع ألغام جديدة – غير الألغام القديمة التي خلفتها الحرب – مما يهدد المدنيين وتحركاتهم وأنشطتهم الزراعية. الصحيفة أيضاً استعانت ببيان مركز كارتر الصادر بتاريخ 17 مارس الماضي الذي انتقد الأسلوب القابض للحركة الشعبية واحتكارها للسلطة ثم أوردت تعليق باحثي مجموعة الأزمات الدولية الذي يشير إلى التحديات الصعبة التي تنتظر حكومة الجنوب. والمقال في مجمله انعكاس لواقع سياسي وأمني بالغ الخطورة يعيشه الجنوب يبدو أن المجتمع الدولي لم ينتبه له من قبل ويمثل الآن بالنسبة له هاجساً صعباً فات الأوان للتحذير منه أو إيجاد وصفة علاجية ناجحة له!