قال السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي في السودان ، والذي يحوز أيضاًُ على لقب ذا صبغة دينية حيث يطلق عليه إمام الأنصار أنه لا يستبعد حدوث مفاجآت في الانتخابات المرتقبة في السودان المقرر لها إبريل 2010 وبروز قطاع مستقل على حد تعبيره ، وفى الوقت نفسه قال المهدي أن حزبه من الممكن أن يكتسح هذه الانتخابات إذا تمت بصورة حرة ونزيهة ! وفى ذات التصريحات التي وردت في سياق حوار صحفي أجرته معه صحيفة سودانية قال السيد الصادق أن حزبه لن يشارك فيما أسماها ( طبخة ) لتمرير عمر حزب المؤتمر الوطني برئاسة الرئيس البشير في السلطة وفى الوقت نفسه أيضاً قال المهدي انه يتطلع لعقد لقاء يضم (8) أحزاب من المعارضة والحزب الحاكم للاتفاق على القضايا المرتبطة بالانتخابات !! ولعل من الواضح أن زعيم حزب الأمة الذي تقلد رئاسة الوزارة أكثر من مرة ، وفى كل مرة كان الفشل والإخفاق يلازم أداء حكوماته فيطاح بها ، من الواضح أنه يبحث عن مخرج من ما يمكن تسميتها أزمة خلقتها الضجة التي جرت في جوبا والتي خرجت بمقررات هددت فيها القوى المعارضة بمقاطعة الانتخابات ، وتأليب المجتمع الدولي على السلطة القائمة وتحريك الجماهير في وجهها لإجبارها على تشكيل حكومة قومية يوكل إليها مهمة إقامة الانتخابات . فقد ازداد الضغط على القوى المعارضة ، بعد أن كانت – للمفارقة وسخريات القدر – هي التي تدعى أنها ستضغط على السلطة القائمة . ومبعث شعور القوى المعارضة وأبرزها حزب السيد المهدي بالضغط والدخول في مأزق هو أن الحركة الشعبية التي ارتبطت معهم ( بعهد ) يقضى بأن يقاطعوا الانتخابات معاً أو يخوضونها معاً ، ( فاجأتهم )- كعادتها طبعاً – وقررت خوض الانتخابات ، ولكي تؤكد جديتها فقد حددت رمزها الانتخابي ، بل وألمح أمينها العام باقان أموم بأن حركته ربما لن تمانع في التحالف مع المؤتمر الوطني لخوض الانتخابات المرتقبة ! هذا الواقع الذي لم يكن مفاجئاً ولكنه بدا كذلك الآن للقوى المعارضة التي ظلت تلدغ من جحر الحركة باستمرار ، هو الذي جعل السيد المهدي يورد تناقضاته سالفة الذكر ، ذلك أن من العجيب حقاً أن يقول المهدي أن هنالك مفاجآت ووجود لقوى مستقلة – دون أن يكشف عنها ومدى وزنها وقوتها – وفى ذات الوقت يقول ان حزبه سوف يكتسح الانتخابات ! فلو أخذنا بالمفاجآت التي تحدث عنها – سواء ً كانت تقع ضمن باب النبؤات أو كانت استشراقاً للمستقبل ، أو مبنية على تصورات أو واقع ، فإن الأمر لا يتسق مع فرضية اكتساح حزب السيد المهدي للانتخابات كما لا يتصور عاقل اكتساح كهذا ، واكتساح آخر لقوى مستقلة هي التي عناها السيد المهدي وتجاهل بقية القوى السياسية الأخرى تماماً! وحتى ولو سايرنا المهدي في حديثه هذا فإن هذا الحديث نفسه لا ينسجم مع حديثه عن عدم مشاركته في طبخة لتمديد عمر المؤتمر الوطني ، فالرجل هنا يبدو متردداً حيال خوض الانتخابات فهو تارة سوف يكتسحها وتارة لن يشارك فيها! وتارة أخرى يتطلع للقاء يضم (8 ) أحزاب للاتفاق حول القضايا – هكذا دون تحديد – المرتبطة بالانتخابات !! إن مثل هذه التصريحات المتناقضة ، والتي يقول العديد من المراقبين أن المهدي أشتهر بها منذ ولوجه الساحة السياسية في ستينات القرن المنصرم هي في حقيقتها إحدى أكبر علل الرجل التي تنضاف إلى علل الحزب الذي يتزعمه والذي لا يزال حتى في حدود ما تبقى منه يعانى نزاعات وخلافات عميقة !