تشير معطيات دولية عديدة الي أن أزمة دارفور التي أساء المجتمع الدولي الي وقت قريب فهمها ومن ثم أدي ذلك للاخفاق في حلها والتعامل معها بدأت للتو تأخذ مكانها الطبيعي في أذهان بعض العقلاء, الأمر الذي يبشر بامكانية المعاونه في حلها علي المدي القريب, اذ أنه وعقب التقرير الذي استمع اليه مجلس الامن الاسبوع الماضي من رئيس فريق الخبراء (ثامبوا مبيكي) حول التوصيات التي اعتمدها مجلس السلم والامن الافريقي بشأن حل الازمة في دارفور وما تضمنه التقرير المطول من تحليل وتقييم للاوضاع والمقترحات المناسبة للحل, وعقب التقاء أمين عام الاممالمتحدة بان كي مون بمكتبه- لفترة مطولة- السيد جان بينيغ رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي, وجبريل باسولي رئيس فريق الوسطاء وثامبو أمبيكي, فقد وضحت خارطة طريق حل الأزمة, ولهذا فان كي مون دعا الي ضرورة تشجيع الاطراف المتنازعة للتوصل الي اتفاق سلام في دارفور عبر مفاوضات الدوحة المقرر لها 24 يناير 2010. وما من شك أن هذا التطور المهم علي علي صعيد أزمة دارفور- ولو علي مستواه النظري هذا- يساعد في الدفع بالأمور باتجاه الحل, خاصة وأن المنظمة الدولية توفرت لها معلومات قاطعة تفيد بضلوع منظمات أجنبية بعينها تساعد وتدعم حملة السلاح في دارفور لزعزعة الامن والاستقرار, وكمثال علي ذلك فقد اتهمت الأممالمتحدة جمعية دارفور للاجئين بمساعدة حركات التمرد في دارفور, وقالت المنظمة الدولية في تقرير صادر عنها في هذا الصدد أن الأموال التي تتحصلها الجمعية تحت زعم انشاء مرافق خدمية في دارفور مثل المدارس والمراكز الصحية تقوم بتسليمها الي حركة الدكتور خليل ابراهيم. ولعل هذا التقرير الأممي بدعم تقرير اخر كانت قد أصدرته لجنة تحقيق شكلها الاتحاد الافريقي أثبت أن الحوادث التي وقعت في العام 2007 بمنطقة حسكنية والتي راح ضحيتها حوالي (10) من قوات حفظ السلام وجرح عدد اخر منهم, كانت من صنع حركة الدكتور خليل ابراهيم! ولعل من خلال قراءة سطور التقريرين يمكن استشفاف طبيعة الظروف المحيطة بالأوضاع في دارفور حيث ثبت جلياً ضلوع منظمات أجنبية في دعم الحركات المسلحة وتقوم الاخيرة بالاعتداء علي قوات حفظ السلام حتي تعطي انطباعاً عن وجود صراعات ونزاعات تستلزم تدخل عسكري دولي. ومن المفروغ منه ازاء هذا الوضع أن بداية عودة الوعي في أذهان قسم كبير من المجتمع الدولي, سوف يظل يصطدم بأجندات قوي خارجية معينه, تماماً مثلما تفعل فرنسا الان من تجسس علي اقليم دارفور عبر قمر اصطناعي, وما تفعله تشاد, وما الاتهامات الاخيرة التي أطلقتها- دون منطق ودون مسئولية- بشأن اختطاف موظفي الاغاثة الفرنسيين الا دليل واضح علي أنها تلعب دوراً لصالح فرنسا تريد أن تبرر من خلاله التدخلات الدولية في الاقليم والصاق تهمة اثارة الاوضاع في دارفور. وعلي أية حال فان الأزمة في دارفور رغم كل ما لايزال يكتنفها من مطبات وعقبات الا أن بداية تعاطي المنظمة الدولية متعاونة مع الاتحاد الافريقي مع الازمة بفهم أكثر مرونة يستحق الوقوف عنده ويستحق التشجيع.