على محمود حسنين رئيس جبهة الوطنية المعارضة والذي اتخذ من عاصمة الضباب لندن مستقراً له ، واستحلَّ أموال المانحين من الخارج أملاً في أن يتمكن باستخدامها فى إسقاط الحكومة السودانية. لم نعد نسمع له طحيناً ولا جعجعة منذ تكوين جبهته هذه إلا عقب أحداث أبيي مؤخراً. وقد كان من الطبيعي أن يدلي الرجل – كسياسي معروف – برأيه حول ما جري ويجري الآن فى المنطقة ولو بأدني درجات الحس الوطني . حسنين تجاوز كل شئ وتحاشي توجيه النقد للحركة الشعبية رغم أنها أقرت - رسمياً - بأنها أخطأت بهجومها على الجيش السوداني وقافلة المنظمة الدولية ولم يحاول قط أن يبدو منصفاً رغم سنوات عمره الطويلة و يلقي باللائمة على الحركة الشعبية باعتبارها المتسبب الرئيسي فى الأحداث . لقد ترك كل ذلك جانباً و انتقد تصريحات الرئيس البشير المتعلقة بأوضاع الجنوبيين عقب الانفصال، و هى كما هو معروف تصريحات قال فيها الرئيس إن الشمال سيمنح الفرصة للجنوبيين عقب الانفصال بتوفيق أوضاعهم ومن ثم – وفى وقت لاحق – يتعامل معهم كأجانب . ولا ندري أين هو وجه الخطأ هنا خاصة و أن حسنين رجل قانون ومحامي ضليع و يعرف القانون ، والطريف فى هذا أن حسنين طلب من حكومة الجنوب ألا تفعل أمراً مماثلاً فى تعاملها مع الشماليين فى الجنوب !! ووجه الطرافة هنا أن حسنين بدا كمن كان فى (كهف سياسي) نام فيه سنوات ! قد فعلت حكومة الجنوب الأفاعيل بشأن الشماليين منذ بداية الفترة الانتقالية فى 2005م و هناك من بطشت بهم وأخذت أموالهم و ممتلكاتهم و فيهم من طاردته حتى فرَّ الى الشمال بدون أى شئ ، والبعض الآخر يقبع فى معتقلات مجهولة هناك ، وبعض آخر مفقود . و لعل من الغريب ألا يكون حسنين قد سمع بشكوى الشماليين التى قدموها لزعيم الحركة رئيس حكومة الجنوب وهى تجاوز مئات الآلاف و من الغريب ايضاً ألاّ يكون قد سمع بأن بعضهم قرر التوجه للمنظمة الدولية لاسترداد حقوقه. إن الحركة الشعبية – إن لم يكن حسنين يعلم – لم تدع شمالياً واحداً فى الجنوب منذ تسلمها زمام الأمور فيه ، حتى القيادي ياسر عرمان لم يحدث أن مكث هناك فى الجنوب شهراً واحداً ، بل إن حتى أبناء النوبة أمثال تلفون كوكو الذين قاتلوا مع الحركة هم الآن رهن الاعتقال فى الجنوب فى أماكن مجهولة. إن الأمانة السياسية والقانونية كانت تقتضي من (صاحب الجبهة المعارضة العريضة) أن ينتقد حكومة الجنوب التى أفسدت علاقاتها بالشمال منذ سنوات وأذلت وأهانت عشرات الآلاف من أنباء الشمال فى الجنوب ، بل طاردت حتى الصحفيين الذين كانوا يذهبون للعمل الصحفي واعتقلت الكثيرين منه. إن الشمال لم يقل أكثر مما يستوجبه القانون و فقه العلاقات الدولية فيما نعلم أن حسنين لديه إلمام كافٍ بهذه القوانين ولكنه الغرض والمرض السياسي الذى أهلك الساسة المعارضين و جعلهم يظهرون بهذا المستوي المتواضع !