المقصود من وصفنا لهذه التحديات بكونها صعبة ليس أن السيسا ليست قادرة على إنفاذها لصعوبتها، ولكن لأنها تحديات من المنتظر أن تحدث نقلة هائلة فى طبيعة المعطيات التى تتعامل معها دول القارة الأفريقية – بالنظر الى واقعها الحالي – مع بقية بلدان العالم و القوى الدولية الكبري . فعلي سبيل المثال تسعي السيسا للحد من غلواء محكمة الجنايات الدولية ، وقد جرت مناقشة ورقة بهذا الصدد فى دورتها الثامنة التى انفضت أمس والتى استمرت ليومين بقاعة الصداقة بالخرطوم. الجنايات الدولية بالنسبة للسيسا تحدي صعب ، ولكنه ليس بمستحيل ، فقد توافرت الرغبة فى دول القارة للنأي عن سلطان الجنايات الدولية وبعض دول القارة كما هو معروف - مثل كينيا - قريبة من اتخاذ قرار بالخروج من ميثاق المحكمة . الاتحاد الإفريقي نفسه كمنظومة إقليمية ترعي مصالح دول القارة استشعر هو الآخر خطر الأمر وترك الباب مفتوحاً لدول القارة لتتصرف. إذن هذا تحدي أقصي ما يحتاج إليه هو ترجمة الإرادة الإفريقية الى ارض الواقع ويكفي فى هذا الصدد مجرد طرح الموضوع عبر ورقة فى هذه الدورة بحضور 43 دولة من مجمل دول القارة هم يساوون ما يجاوز ال90% من دول القارة. تحدي آخر وضعته السيسا ايضاً أمامها وهى بصدد السير فى إنفاذه رغم صعوبته وهو التنسيق الأمني بين دول المجموعة وهى دون شك ضرورة أمنية ملحة حيث أن الأمن القومي الإفريقي ظل على الدوام محلاً للتهديد ، وفى كثير من الأحيان فان بعض دول القارة تتسبب فى ذلك جراء غياب التنسيق والتفاهم ولعل الإشارة التى وردت فى فعاليات الدورة من ضرورة إجراء تنسيق وتبادل معلومات بين المنظمة ومجلس السلم والأمن الإفريقي لمعاونة قوات البعثة المشتركة العاملة فى حفظ السلام فى دارفور (اليوناميد) خير تأكيد على عزم دول القارة على ترسيخ تجربة السلم نفسه و قدراته فى القيام بمهام حفظ السلام فى دول القارة بدلاً من إحضار قوات دولية من خارج القارة. وهكذا فان الإرادة الإفريقية التى نجحت فى نقل دول القارة من منظمة الوحدة الإفريقية من الستينات وحتى مطلع الألفية الثالثة الى الاتحاد الإفريقي متضمناً مجلس للسلم والأمن كفيلة ببلورة رؤي سياسي قوية بشأن تفعيل منظمة السيسا حتى تصبح هى الأخرى منظومة افريقية أمنية فاعلة!