عند النظر الي النزاع الدائر في ولاية جنوب كردفان والأحداث الدامية هناك ينبغي التفريق بين أمرين جوهريين .أولهما ان هنالك نزاعا في منطقة آبيي الحدودية يدعي كل طرف أحقيته لها وقد اتفق الطرفان –الشمال والجنوب –في اتفاقية السلام الشاملة في التاسع من يناير 2005علي ان يتم حل النزاع عن طريق استفتاء أهل المنطقة وهو استفتاء لم يتم حتى الآن بسبب رفض الجانب الجنوبي إشراك قبائل المسيرية إحدى قبائل المنطقة فيه وفيما لم يتم حسم النزاع ،بادرت قوات من الحركة الشعبية بإطلاق النار علي الجيش الحكومي وقافلة أممية واضطر الجيش الحكومي لبسط سيطرته علي المنطقة ليس للابد ولكن ريثما يتم حل النزاع عن طريق الاستفتاء او عن طريق أي تسوية سياسية أخرى .الأمر الثاني هو ان أحداث جنوب كردفان أيضا وقعت بمبادرة من الحركة الشعبية حيث أطلقت قواتها النار علي مسئولين واستهدفت الوالي والمقار الاستراتيجية سواء لرفضها لنتيجة الانتخابات او لوجود نية مبيتة للتمرد وقد تمرد بالفعل رئيس الحركة هناك عبد العزيز الحلو وحمل السلاح ضد السلطة .لقد نشأ خلط أوراق مريب في هذا الصدد بشأن هاتين القضيتين سواء لدي المجتمع الدولي عموما والقوي الدولية المختلفة او المنظمة الدولية نفسها حيث لم يتم توجيه لوم مباشر أو غير مباشر للحركة الشعبية المتسببة الأصلية في هذه الأحداث .لم تتم إدانة خرق الحركة للاتفاق السلمي وللقانون مع ان معالجة الموقف كانت تقتضي إدانة مسلك الحركة الشعبية إدانة صريحة واضحة بقرار من مجلس الأمن ومن ثم يمكن فتح الباب لمعالجة المشكل علي هٌدي اتفاقية السلام الشامل2005.الذي حدث الآن ان المجتمع الدولي ترك القضية الجوهرية وخلط بين قضية آبيي وأحداث جنوب كردفان معتبرا ان الطرفين قد دخلا في حرب ومن ثم –وكعادة المجتمع الدولي –بدأ في تحميل السودان ملا يطاق من القرارات والطلبات والتهديد والوعيد .ان قضية جنوب كردفان هي قضية شركاء حملوا السلاح وخالفوا القانون وتمردوا علي السلطة وهذا أمر تحكمه القوانين في المقام الأول ولا مجال فيه للتسويات والمجاملات ،فحمل السلاح ضد السلطة –أياً كانت المبررات –عمل إجرامي مستهجن ومرفوض قانونا .أما نزاع آبيي فسواء بقت القوات الحكومية أو انسحبت فان حلّه لا يمكن ان يتم خارج إطار بروتوكول أبقي 4-2 واتفاقية السلام الشاملة 2005 .كل واحد من هذين الأمرين مستقل بذاته وكل أمر من الأمرين له آلياته المناسبة للمعالجة ولن يغير من ذلك كون ان آبيي تقع ضمن نطاق ولاية جنوب كردفان .