بينما يحاول الشريكان – المؤتمر الوطني والحركة الشعبية – في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حثيثاً الوصول إلى اتفاق ينهي أزمة أبيي، تجددت المواجهات في المنطقة إثر محاولة الجيش الشعبي اقتحام أبيي، ويأتي تجدد الاشتباكات في سياق بعيد عما يجري في أديس أبابا، الأمر الذي من شأنه أن يضفي مزيداً من التعقيد على المشكلة ويضع الشريكين والوسطاء الدوليين والإقليميين أمام خيارات ضيقة لإيجاد الحلول على صعيدي أبيي وجنوب كردفان. وتشير الأنباء الواردة من أديس أبابا إلى أن الشريكين، اقتربا من الوصول إلى اتفاق حول أزمة أبيي، وبالفعل أعلن المبعوث الأمريكي إلى السودان، برينستون ليمان، الخميس المنصرم عن اتفاق وشيك بين الجانبين بسحب القوات من أبيي المتنازع عليها، وكشف ليمان أن الاتفاق ينص على سحب القوات المسلحة وتعزيز وجود الأممالمتحدة مع قوات إثيوبية وتشكيل حكومة جديدة في الإقليم. وقال ليمان في جلسة استماع أمام مجلس النواب الأمريكي: "إن الاتفاق بين الطرفين لم يوقع بعد ولكننا قريبون منه"، لكن المبعوث الأمريكي أشار إلى تعثر المفاوضات المتصلة بالأحداث الأخيرة في جنوب كردفان مؤكداً أن لم تلح بوارق اتفاق بعد وقال: إن المحادثات برعاية الاتحاد الإفريقي بشأن الأزمة في جنوب كردفان لا تزال حتى الآن متعثرة، بيد أنه استدرك قائلاً: "يجري الإعداد لاتفاق ولكنه لم يتقدم بعد كما هو حال الاتفاق بشأن أبيي". موضحاً أن أحد أعضاء فريقه وممثلين عن الجناح السياسي للجيش الشعبي توجهوا إلى جنوب كردفان والتقوا عبد العزيز الحلو، الذي يقود التمرد بجنوب كردفان وأضاف "بعد هذه المهمة، وافق عبدالعزيز على وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثين يوماً بشروط"، وتابع "مهمتنا هي العمل على تطبيقه". لكن الحكومة ترفض أن تدخل في تسوية سياسية مع الحركة الشعبية بجنوب كردفان، إلا بعد انسحاب الجيش الشعبي لمواقعه التي كان فيها ما قبل الخامس من يونيو الحالي. وفي السياق ذكرت تقارير صحفية رئيس الآلية رفيعة المستوي للاتحاد الأفريقي، رئيس جنوب أفريقيا السابق، ثامبو أمبيكي، نجح عقب زيارة خاطفة إلى جنوب كردفان من إقناع عبد العزيز الحلو بإرسال وفد إلى أديس أبابا للاشتراك في الجهود التي يقودها – أمبيكي – الرامية إلى إنهاء أزمة جنوب كردفان، وقال أمبيكي في مؤتمر صحافي، أمس الأول "توجهنا إلى جنوب كردفان للقاء عبد العزيز وإجراء مباحثات مباشرة معه". وأضاف "التقينا به مع قادة فصيله وقررنا أنه من المهم أن تبدأ محادثات على الفور بينهم وبين حكومة السودان للتوصل إلى اتفاق على وقف العمليات العدائية". وكان الاتحاد الأفريقي أعلن الاثنين الماضي، إن الشريكين اتفقا من حيث المبدأ على نزع السلاح في أبيي والسماح بنشر قوات حفظ سلام إثيوبية. وقطعت المفاوضات الجارية في أديس أبابا بشأن الوضع في أبيي أشواطاً طويلة بحسب تقارير متطابقة، ويعكف الشريكان على دراسة وبحث عددٍ من المقترحات لحل الأزمة، حيث اقترح المؤتمر الوطني تكوين لجنة مشتركة من الطرفين – الشمال والجنوب – لتتولى إدارة المنطقة، بتفويض من رئيسي دولتي الشمال والجنوب، وتتولي اللجنة المشتركة بمهام المراقبة والمهام الإدارية بجانب حفظ الأمن، كما يبحث الجانبان الترتيبات الأمنية للمنطقة لما بعد التاسع من يوليو المقبل، وتقدمت الحركة الشعبية من جانبها بمقترح بتكوين لجنة مشتركة للمراقبة بجانب أعضاء من الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، وسبق أن تقدم أمبيكي للشريكين بمقترح أيضاً بتكوين لجنة مشتركة للمراقبة إضافة إلى أعضاء من بعثة الأممالمتحدة وقائد القوات الأممية. لكن تبقى كل تلك الأفكار في طور المقترحات. لكن الاجتماع الرفيع بين رئيس الجمهورية عمر البشير ونائبه الأول، رئيس حكومة الجنوب، سلفاكير ميارديت، قد وضع العديد من النقاط على الحروف بشأن أزمتي أبيي وجنوب كردفان، وقال مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع علي نافع: إن اجتماع البشير وسلفا كير، بحضور الآلية الأفريقية في أديس أبابا، أمّن على أن أبيي ستظل شمالية حتى قيام الاستفتاء الإداري، وأنّ القوات المسلحة لن تنسحب من المنطقة حتى تتسلّم القوات الأثيوبية، بعد إجازة المقترح من قِبل لجنة الإتحاد الإفريقي والأممالمتحدة وأوضح الدكتور نافع في تصريحات عقب عودته من أثيوبيا الأربعاء الماضي، أن الشريكين لم يتفقا على مقترح اللجنة العليا لتشكيل إدارة جديدة بأبيي في الاجتماع، بيد أنه أكد ترحيب الحكومة بالمقترح الذي وصفه بالإيجابي، وطالب الحركة الشعبية للقبول به، مبيناً أن المقترح يتضمن مهاماً مدنية للإدارة التي ستتشكّل مناصفةً بين الشريكين، وأشار إلى أن الإدارة الجديدة لن تتولى أيّة مهام سياسية أو أمنية في المنطقة، ويقتصر دورها على تقديم الخدمات. غير أن تجدد المواجهات في أبيي، إثر محاولات الجيش الشعبي الدخول إلى أبيي من جهة، واعتراضه طريق المسيرية في طريق عودتهم من منطقة بحر العرب بسبب بدء موسم الأمطار، أن يعقد المباحثات الجارية في أديس أبابا، فقد شهدت منطقة أجوك الواقعة جنوب أبيي، اشتباكات استمرت على مدى يومين، وأكد العمدة يوسف يعقوب من قبيلة المسيرية أن قوة من الجيش الشعبي هاجمت المواطنين الأربعاء الماضي، وقتلت اثنين من الأهالي وجرحت 10 آخرين وقال ل"الرائد" :(إن المسيرية تصدوا للقوة ما أدى لفرارهم). نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 20/6/2011م