المؤتمر الصحفي الشهير الذي نظمته قيادات الحركة الشعبية بالشمال «مالك عقار وعبد العزيز الحلو وياسر عرمان» أواخر العام المنصرم كان بمثابة تدشين مرحلة جديدة بدت وكأنها فطام من الحركة الشعبية الأم، وفي ذات الوقت عمد الثلاثي لحجز جزء من أرضية الملعب السياسي الذى انفرد به المؤتمر الوطني بعد رحيل الحركة الجنوبية!! .. المؤتمر المذكور أعلنت من خلاله الحركة أنها موجودة بالشمال ما بقي الأخير رغم أنف المناوئين لخط الحركة هكذا بدأت الفكرة من خلال طرحهم وتناولهم لفكرة البقاء سياسيًا شمالاً. أحداث جنوب كردفان التي اندلعت في السادس من يونيو المنصرم جددت الحركة من خلالها مسألة وجودها وعمدت إلى تأكيد ذلك عبر لغة السلاح.. تلك اللغة التي حبّبت طاولات التفاوض إلى الحكومة في السنوات الأخيرة وجعلتها تألفها بل إن قوة عين قطاع الشمال لم تكن فقط في اللجوء للبندقية فقد تجاوز الأمر إلى كشف الحكومة على لسان وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين عن أن الحركة سعت لإسقاط النظام عبر بوابة جنوب كردفان.. وبالنظر للثلاثي «عقار والحلو وعرمان» فإن الرجلين الأولين يتمتعان بالسلطة، الأول بشكل كامل بولايته على النيل الأزرق واستوزر في المركز والثاني كان متوقَّعًا أن يعود لمنصبه السابق الرجل الثاني في جنوب كردفان حيث كان يتمتع بصلاحيات حقيقية قلما يتمتع بها نائب والٍ قبل مغامرته التي جعلته مجرمًا ومطلوبًا للعدالة بحسب أوامر رئاسية بينما ثالثهما عرمان لمرتين على التوالي تم شطب اسمه من قائمة دستوريي الحركة بالمركز في منصب مستشار رئيس الجمهورية وهو المنصب الوحيد الذي لم تطُله يد اتفاقية نيفاشا فهو بيد الرئيس وحده ويملك خيار التعيين فيه دون الرجوع لمؤسسات الرئاسة وبالتالي من الواضح أن خطة الثلاثي قائمة على أساس البقاء في السلطة وعدم تجاوز حزبهم الذي يبدو حصريًا على ثلاثتهم حتى وإن بدا عرمان زاهدًا وهو غير ذلك بدليل ورود اسمه ضمن المرشحين للمناصب أهمها في القائمة التي جاء من خلالها قياديا الحركة باقان أموم ودينق ألور الأول وزيرًا بمجلس الوزراء والثاني للخارجية كما أن عرمان سعى مع مجموعة داخل الحركة للترشح للرئاسة قبل أن يقلب عليه نائب رئيس الحركة رياك مشار الطاولة مع أنه أي ياسر كان رئيسًا للجنة الإعلام والاتصالات بالبرلمان وهو منصب بدرجة وزير، وقد أشارت مصادر موثوقة الى قيادته خطاً مع الحكومة في مارس الماضي لجهة تعيينه في الوزارة كان قيادي بالحركة منضم إليها من حزب عقائدي لاعبًا أساسيًا فيها وهي خطوة أقرب جدًا للواقع لجهة افتقاره للقوة العسكرية بعكس عقار والحلو، وحتى عندما كان في الغابة لم يخض عرمان معركة بحسب قيادات بالجيش الشعبي منهم الفريق جورج أطور.. وبالنسبة لشعار «النجمة أو الهجمة» الذي رفعه عقار إبان انتخابات منصب الوالي بالنيل الأزرق فقد انكشفت حقيقة الرجل وعاد الحلو ليعيد الكرة بجنوب كرفان وعندما لم يختر المواطن النجمة كانت الهجمة ولم تكن محاولته التي وصفها الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء د. محمد العباس ب «المغامرة» بالمبررة.. إن الحركة قطاع الشمال ستحاول التكشير في وجه المركز باستمرار لاعتمادها على الجيش الشعبي بالنيل الأزرق وجبال النوبة وسترفض كل محاولات إدماجه ما لم يحقق قياداتها مطامحهم بحسب العباس.. وينوه إلى خروج اتفاق أديس بالصورة التي فتحت أبواب الانتقاد في وجه الحكومة إلا أن الأخيرة لم تكشف عن كل أوراقها. خيارات تعامل الحكومة مع الثلاثة يُتوقَّع وبحسب مجريات الأحداث أن تكون من خلال شلّ حركتهم، فمن الممكن جدًا هز كرسي حكم عقار بتحريك المجلس التشريعي بالولاية وحثه على حجب الثقة عنه وهو أمر ليس بعسير وإذا أفلح الوطني في ذلك وفتح باب الترشيح للولاية مجددًا فإنه سيحول دون فوز مالك، وسبق أن قال عضو وفد الحكومة المفاوض في نيفاشا د. عبد الرحمن الخليفة «ماجرى في انتخابات النيل الأزرق لن يتكرر» وبالتالي إذا خسر عقار الجولة الثانية من المرجح أن تكون نهايته ضيفًا عزيزًا على دولة أجنبية.. بينما أحرق الحلو مراكبه بطمعه في منصب الوالي وهو حق مشروع ولكنه خسر الانتخابات ولجأ للعنف وأوصد الرئيس البشير الباب تمامًا فى وجهه وبالتالي انتحر سياسيًا بينما مجموعات متنفذة في الوطني رفضت وبشدة استيزار عرمان وبالتالي من المؤكد ستتحرك قيادات أخرى بقطاع الشمال لتقول كلمتها وقد برزت مع أحداث كادقلي. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 4/7/2011م