مابين حديث عبد العزيز الحلو في الحادي والعشرين من شهر ابريل الماضي باستاد الدلنج خلال الحملة الانتخابية، والقذائف الثلاث التي سقطت بالقرب من الحامية وحي الموظفين وسوق (بره) في التاسع من يوليو الحالي بالتزامن مع اعلان ميلاد جمهورية جنوب السودان، جرت الكثير من المياه تحت الجسر بولاية ما أن بدأت في التعافي من ويلات حرب إمتدت لعقدين من الزمان حتى عادت القهقري لمربع فرض السلاح لكلمته، ليتوارى على أثر ذلك سلام دام ست سنوات اذهبته آلة الحرب التي لاترحم وحولته الى نزوح وخوف وتشرد وهوالامر الذي دعا القوى السياسية لمقابلة رئيس الجمهورية أمس لبحث سبل إعادة الاستقرار للولاية التي انهكتها الحروب. القذائف الثلاث التي سقطت على الدلنج ورغم انها لم تلحق اضرارا بالمواطنين وممتلكاتهم غير انها أذهبت عنهم الاطمئنان والحقت بانفسهم خوفاً لم يألفونه منذ اندلاع الحرب بالولاية في الاسبوع الاول من الشهر الماضي، وتبدت ملامح الخوف في خروج المواطنين عن المدينة لساعات، ليعودوا وتعود الحياة الى طبيعتها فهذا ما اكده معتمد المحلية عبده جماع أمس والذي أشار الى ان الاوضاع تشهد استقراراً كاملاً وان الاسواق في مدينة الدلنج يزاول تجارها نشاطهم وان حركة المواطنين لم تتأثر بما حدث، مشيرا الى بداية العام الدراسي وسط حضور كامل من التلاميذ، وكان الناطق الرسمي للقوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد قد اشار الى ان ماحدث بالدلنج لم يكن قصفا مدفعيا من جانب الجيش الشعبي، لكنه لفت الى انها كانت مجرد تفجيرات قام بها بعض المتفلتين من الحركة الشعبية، والقصد منها اشاعة عدم الامن مما خلق موجة من الخوف وسط السكان الذين خرجوا من بيوتهم، مؤكدا هدوء الاوضاع .. الدلنج تعتبر من المدن التي لم تتأثر بالحرب الاخيرة بل ظلت قبلة لكل الفارين من النيران المشتعلة بانحاء مختلفة من الولاية، والقذائف الثلاث الاخيرة اعتبرها مراقبون رسالة من متفلتين بالحركة الشعبية او جيشها بامكانية نقل الحرب الى الدلنج التي تعتبرها الحركة من معاقلها فيما يذهب آخرون ناحية أن الحركة هدفت من وراء الدانات الثلاث الى افراغ المدينة من سكانها واجبارهم على التوجه نحو المعسكرات لتعيد سيناريو أحداث كادقلي وهو مايتيح التدخل الخارجي، والقذائف الثلاث اعادت الى سكان الدلنج ذكرى خطاب الفريق عبد العزيز الحلو في الاسبوع الثالث من ابريل الماضي خلال تدشين حملته لانتخابات الولاية حيث اشار يومها الى انهم قاتلوا بجانب الحركة الشعبية لعقدين ويزيد من الزمان لاخذ حقوق جنوب كردفان من المركز الذي اعتبره مارس في مواطني الولاية القهر والتشريد وان الولاية بسببه اضحت غير مقبولة دولياً. اللافت في الامر يومها ان الحلو شدد على عدم عودتهم للحرب الا اذا اجبروا عليها مطالباً بضرورة إجراء إصلاحات دستورية وإتاحة حرية التعبير وقال حال عدم استجابة المركز لمطالبنا فسترفع شمال كردفان والجزيرة ومهمشو الخرطوم السلاح ضد من سماهم بالظالمين ومنتهكي حقوق الانسان واعداً سكان مدينة الدلنج بالتغيير الكامل للولاية سعياً نحو الحرية والديمقراطية واتاحة الفرص للخريجين والشباب للعمل من اجل تنمية الولاية..حديث الحلو وقتها قوبل بتفاعل وتأييد من مواطني الدلنج الذين عادوا اخيرا مثل غيرهم من سكان الولاية ليرفضوا استمرار الحرب التي قال عنها والي الولاية مولانا احمد هارون «لايوجد مبرر سياسي أو عسكري أو تنموي أو ثقافي أو إثني لهذه الأحداث والمواجهة العسكرية وتساءل (هل من صالح عام أهدر لمواطني الولاية ينشأ بموجبه حق مشروع لحمل السلاح) مبيناً أن الحرب لا تمثل أي خيار لهم ولكنها المؤامرة والمخطط الكبير ضد الولاية والسودان لصالح جهات معادية، وقال إنه قد حدث تكريس بشكل مكثف لكلمة التهميش في الولاية من قبل البعض وذلك لإنزال هذا المفهوم المثبط للهمم مؤكداً أن الحكومة المركزية قد أولت اهتماماً بالغاً بالولاية وقد تمت زيارات متكررة للسيد رئيس الجمهورية ونائبه علي عثمان ومساعد رئيس الجمهورية د. نافع علي نافع وذلك لافتتاح وتدشين مشروعات تنموية كبرى فى اطار تخصيص الحكومة المركزية لمليار و(250) دولار للولاية من القرض الصيني البالغ (3) مليارات دولار خصصت لإنفاذ شبكات الطرق والطاقة والمياه، واكد هارون أن الأبواب مشرعة للحوار والسلام لكل طالب حوار وسلام وأن السيوف ستظل مسلولة لكل من يهدد أمن وسلامة الولاية ومواطنيها معلنا أن ولايته لن تلاحق أي مواطن منتمٍ للحركة الشعبية عسكرياً أو مدنياً ولم يوجه أي أعمال عسكرية أو عدائية للولاية باعتبار بطاقة انتمائه السابقة. وعن دانات الدلنج الثلاث يقول القيادي بالولاية عمر منصور إن جيش الحركة الشعبية لايسعى الى احتلال مدينة محددة من خلال حربه مع القوات المسلحة بل يهدف الى تطبيق نهج حرب الغورلا الذي يقوم على توجيه ضربات خاطفة وسريعة على المدن وذلك لتشكيل ازعاج وفتح جبهات متعددة للقوات المسلحة، وقال ان الحركة لايمكن ان تفكر في السيطرة على الدلنج وذلك لوجود مثلث لقاوة ،الابيض ،كادوقلي الذي تسيطر عليه القوات المسلحة، وطالب منصور الرافضين لمبدأ الحرب داخل الحركة الشعبية بالعمل على اثناء من في القيادة عن المضي قدما في هذه الحرب ، ويقول المراقب السياسي الفاضل عثمان ان القذائف التي تم اطلاقها على الدلنج لاتمثل اهمية كبيرة وذلك لأنها لم توقع اضرارا ،وأكد استحالة استيلاء الحركة على المدينة غير انه طالب الحكومة المركزية بالبحث عن حلول غير العمل العسكري وذلك لايقاف الحرب غير المبررة والمرفوضة من كل مواطني الولاية.. ورغم المآسي التي تشهدها الولاية بسبب الحرب الا أن بوادر الحل بدأت تلوح في الأفق إثر لقاء الرئيس امس مع القوى السياسية بولاية جنوب كردفان والتي أكدت رفضها التام لاستمرار الحرب ،وعدم استباب الأمن جراء انتشار السلاح، وطالبوا باشراكهم في أية مفاوضات مستقبلية تخص الولاية، وكان الرئيس قد أكد أن لولاية جنوب كردفان خصوصية في هذه المرحلة وطالب قوى الاحزاب بضرورة الاتصال بالحركة لتحكيم صوت العقل ووضع السلاح، وهذا اللقاء وصفه الكاتب الصحفي صديق تاور بالخطوة الجيدة التي تصب ناحية نزع فتيل الأزمة التي وصفها بغير المبررة، وقال إن القوى السياسية تمثل صوت الاغلبية الصامتة بالولاية المكتوية بنيران الحرب، وأكد امتلاك القوى السياسية بجنوب كردفان التجربة والخبرة التي تتيح لها مخاطبة جذور الأزمة، وذلك لأنها تحظى بمكانة كبيرة في الولاية لاتتوفر للشريكين، وطالب تاور رئيس الجمهورية باصدار قرار فوري يقضي بايقاف الحرب لاتاحة الفرصة لانجاح الموسم الزراعي، وقال ان قوى الاجماع الوطني مطالبة بالضغط على الحركة الشعبية حتى تجنح للسلم وتنظر بعين الاعتبار لمصلحة المواطنين التي تكمن في توقف الحرب . نقلاً عن صحيفة الصحافة 12/7/2011م