يوم الاثنين (4/7) قال الأستاذ ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية لشمال السودان، في حوار مع (الرأي العام)، قال إن بديل أتفاق أديس أبابا بين الحكومة والحركة هو حرب تمتد من النيل الأزرق إلى دارفور. وأول أمس الاثنين (11/7) قرأت تصريحا للنائبة البرلمانية هويدا عبد الرحمن عضو البرلمان عن كتلة الحركة الشعبية بالنيل الأزرق، تقول فيه (إن أية مطالبة لولاية النيل الأزرق بنزع السلاح في الوقت الراهن يعتبر استفزازاً للحركة). وعللت الحرب في جبال النوبة بأنها بسبب استفزازات الحكومة والمطالبة بنزع السلاح. وقالت إن الحركة رفضت أية مطالبات بنزع السلاح واعتبرته أمراً مهدداً للسلام في الولايتين، وهددت بلجوء الحركة في الشمال للحرب حال تمت أية مطالبة بنزع السلاح في الوقت الراهن. هذه الطريقة تطرح سؤالاً مهماً: ما الفرق بين النظام الديمقراطي والنظام الدكتاتوري؟. هناك فروق كثيرة لكن الفرق الذي نعنيه هنا أن النظام الدكتاتوري يعمد لطريقة الفرض والإملاء، بينما في النظام الديمقراطي يتم حل الخلافات بالتراضي. هذا يقدم رؤيته وذلك يقدم رؤيته، ويتحاورا وقد يصلا إلى حل وسط يرضي الطرفين. إذا لم يصلا للحل الوسط هناك حل أخير هو اللجوء للآلية الديمقراطية المعتادة وهي الاحتكام للتصويت. هذا الحل الأخير يتم بلا خسائر كبيرة لأحد الطرفين. من يفوز يفوز بأقل الغنائم. ومن يخسر يخسر بأقل الخسائر. لكن في كل الحالات لا مجال للتهديد والوعيد، مثل إما أن تقبلوا اقتراحي أو التمرد. نحن نفهم أن البلد في مرحلة تحول ديمقراطي. ومرحلة التحول هي مرحلة تعلم. نتعلم كيف يتنازل الفرد عن القليل ليتيح الفرص للآخرين لينال كل واحد نصيبا مناسبا. ونتعلم إشاعة حكم القانون، وعدالة توزيع الفرص، وتقبل الآخر. وكل تلك الأطروحات لا تتناسب مع فكرة (أنا أو الطوفان). للأسف شاعت الأطروحات المبطنة بالتهديد. لماذا؟ هل يستغلون اهتزاز المرحلة والمخاوف التي تنتاب الجميع مما سيحدث مع أو بعد الانفصال. أم لأن الحركة الشعبية هددت وحملت السلاح لتأكيد تهديداتها، ونجحت في الوصول لمبتغاها، فأراد الجميع أن يقتدوا بها. أم لآن الحكم استجاب لبعض التهديدات، وأوصلت التهديدات بعضهم لمستويات رفيعة من مستويات الحكم. فشاعت ثقافة (اشمعنى فلان.. وأنا لا؟). في ظني أن عدم قراءة الساحة السياسية بإمعان، والتصرف على ذلك المستوى من ضعف القراءة، قد يجر بعض الكوارث على بعض التنظيمات وربما على البلد كله. على سبيل المثال ما حدث في أبيي وجنوب كردفان يعتبران سوابق سياسية وعسكرية يجب أن ينظر إليها بجدية. فالجيش حسم بقوة شديدة بدايتي تمردين عسكريين. ووجد هذا الحسم صدى مريحا لدى القواعد الشعبية في السودان. لعل أهم استخلاصين يمكن أن نخرج بهما من الحدثين هما : انتظر الجيش حتى بادرت الحركة بالتمرد في أبيي وكادوقلي ولم يرد بانفعال، وإنما أعلن أنه سيرد في الزمان والمكان اللذان سيحددهما، وبالفعل حدد زمان ومكان الرد.. ورد بقوة. إن الجيش وجد دعما ومساندة قوية من القواعد الشعبية. وإذا لم يخطئني الظن أقول إن الجيش لم يعد بعيدا الآن عن إدارة الأزمة السياسية والعسكرية. وبعد .. هناك قراءات كثيرة فيما يحدث في الساحة السياسية، ومن ظاهر سلوك الحركة الشعبية (الشمالية) أنها لم تقدر هذه القراءات تقديرا جيدا. وأخشى أن أقول إن ذلك نابع من التزام الحركة الشعبية (الشمالية) بقراءة الحركة الشعبية الجنوبية لما يحدث شمال حدود. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 13/7/2011م