منذ اندلاع أزمة دارفور ظلت حكومات الولايات الثلاث في سعي حثيث لتشكيل حائط صد لمنع آثار وتطورات الأزمة من المساس بخصائص التعايش السلمي والنسيج الاجتماعي في دارفور ورغم ان (بعض )أهل دارفور بذل جهدا كبيرا في (تدويل )القضية حتى بلغت مداها عبر قرارات مجلس الأمن الدولي فان كثيرا من أبناء الإقليم ظلوا في نشاط متواصل لحماية المجتمع من الانزلاق في عمق المخططات المرسومة بأيدي خارجية لنهب خيرات دارفور وضرب النسيج الاجتماعي في مقتل . وبعد سنوات من رحلة اغتراب قضية دارفور بين الغرب والشرق يظل الحل الداخلي والمحلي هو أفضل الخيارات والأكثر تأثير لدي حاملي السلاح لان أهل دارفور (ادري بشعابها )وقد كنت شاهدا علي التأثير الذي حققه وفد الإدارة الأهلية في طرابلس عند لقاء حركة التحرير قبل انقسامها في ابوجا ونجحت اللقاءات المباشرة مع عبد الواحد وعبد الشافي وخليل في (الفندق الكبير )ومع دريج وآخرين بفندق المهاري في تجسير الهوة واختصار كثير من المساحات لتفاصيل الخلافات وكان يمكن ان تقود تلك اللقاءات التي سالت خلالها دموع دريج في التوافق علي أرضية مشتركة خاصة بأهل دارفور لحل القضية لولا التدخلات الخارجية التي شعرت من خلالها أمريكا وفرنسا وحلفائهما ان الأجواء تمضي الي غير ما يشتهون . واذا كانت هناك عدة مؤتمرات عقدت في بلدان متفرقة حول دارفور فان مؤتمر التعايش السلمي الذي ينطلق اليوم في الفاشر برعاية الوالي الأستاذ عثمان محمد يوسف كبر وحضور د.نافع يكتسب أهمية كبيرة من حيث المشاركين فيه والذين يمثلون الولايات الثلاثة بجانب كردفان الكبرى ودولة تشاد المجاورة وجهات أخري فضلا عن أمانة الزراع والرعاة بالمؤتمر الوطني كشريك أصيل في التنظيم مع حكومة ولاية شمال دارفور ووفقا لحديث وزير الإعلام بالولاية الأستاذ حافظ عمر فان المؤتمر يهدف لتعزيز فرص التعايش السلمي وترسيخ دعائم السلام والاستقرار وتفعيل دور الإدارة الأهلية ومخاطبة قضايا الرعاة والزراع والمراحيل وإحكام الإداري والأمني والاجتماعي بين المحليات . انعقاد المؤتمر اليوم يأتي في ظل أوضاع ايجابية بالتوقيع علي اتفاقية الدوحة والاتفاقيات التي وقعتها حكومة شمال دارفور مع جبهة الجيل المعاصر في معقلها بجبل مورو بمحلية طويلة ثم اتفاق آخر مع حركة البدو والمسارات جميعها تحقق أرضية صالحة لنجاح مؤتمر التعايش السلمي خاصة مع تأكيدات الوالي بالتزام حكومته تنفيذ كافة البنود المتفق عليها في وثائق تلك الاتفاقيات وهو جهد كبير لتوطين السلام بالداخل وتحول المسلحين الي الانضمام لمسيرة العمل التنموي والسلام الاجتماعي لذلك فإننا نأمل ان نشهد اليوم وغدا تفاصيل المؤتمر من داخل موقع انعقاده بالفاشر مواصلة لجهود حكومة الولاية في تحديد المسار الصحيح للتعايش السلمي والسلام الاجتماعي حتى يعيشه أهل دارفور الكبرى واقعا ملموسا يطوي صفحات الخلاف الماضية ويفتح أبواب مشرعة للاستقرار والعمل من اجل إعادة دارفور سيرتها الأولي . نقلا عن صحيفة أخبار اليوم بتاريخ :24/7/2011