اتهام أندرس برينج بريفيك بالوقوف وراء انفجارات وأحداث النرويج التي راح ضحيتها 91 قتيلا و91 مصابا حتى الآن، يعيد إلى الأذهان قصة انفجار أوكلاهوما سيتي في منتصف التسعينيات، وهو الحادث الذي أسفر عن مصرع 168 رجلا وامرأة وطفلا، في أحد المباني الفيدرالية، والذي أدين الأمريكي تيموثي مكفاي بارتكابه، وحكم عليه بالإعدام بالحقنة القاتلة. الرابط الأول والأهم بين الحادثين أن مرتكبيهما أصوليان مسيحيان، وهو أمر يصيب الأمريكيين والأوروبيين بالصدمة حينا وبالحيرة أحيانا، لأنهم دائما يريدون أن يلصقوا تهم الإرهاب بالأصوليين أو بالمتطرفين الإسلاميين، والحقيقة غير ذلك بالمرة، فالتطرف ليس صناعة إسلامية.. ولا حتى مسيحية أو يهودية. التطرف الذي يؤدي إلى العنف كما أثبتت حوادث العقود الثلاثة الأخيرة، ليس له دين أو وطن، فتيموثي ماكفاي ارتكب حادث تفجير المبنى الفيدرالي بولاية أوكلاهوما، عن طريق شاحنة مملوءة بالمواد المتفجرة، وقد اختار تنفيذ العملية في الذكرى الثانية لحادث واكو الشهير، الذي قتلت فيه الشرطة الأمريكية، رجلا أمريكيا شديد التطرف، حيث تزعم طائفة الداووديين، وهو ديفيد كورش الذي كان يعتبر نفسه آخر الأنبياء، وقد جمع في إحدى المزارع زوجاته وأولاده، وأتباعه وبلغ مجموع من قتلوا في الهجوم على المزرعة 54 رجلا وامرأة و21 طفلا. ولمزيد من التأكيد فقد أقدم متطرف يهودي من المستوطنين الشبان هو إيجال عامير، على قتل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين، بسبب ما رأى أنه إظهار للمرونة في التفاوض مع الفلسطينيين ورغبته في التعاون لإقامة الدولة الفلسطينية، وكان مبرره أن ما يفعله رابين من أجل السلام ضد ما جاء في التوراة التي تعتبر أن (أرض كنعان) هي ملك اليهود، وبعد الحكم عليه بالسجن المؤبد أصبح المتطرفون الإسرائيليون ينظرون إليه على أنه بطل قومي. وبعيدا عن المتطرفين من الديانات السماوية، فهناك متطرفون من الديانات الأرضية، ظهروا في ثمانينيات القرن الماضي في اليابان، تحت اسم جماعة «أوم» أو الحقيقة السامية، وقاموا بقتل عدة أشخاص في مترو الأنفاق هناك من خلال إطلاق غاز السارين السام، وقد تم إعدام أربعة متهمين في هذه القضية. وهذه الأمثلة والحكايات تؤكد أن الإرهاب ليس صناعة مرتبطة بدين واحد، ولكنه صناعة يحترفها كثير من المتطرفين باسم الأديان، الذين ينصبون أنفسهم - عن جهل أو ضيق أفق - متحدثين باسم الرب، أو باسم الكتاب المقدس، وبعضهم يفعل ذلك عن خبث من أجل تحقيق أطماع سياسية. وخطورة هؤلاء - الخبثاء والجهلاء والطامعين - أنهم لا يعترفون بخطوط حمراء يتوقفون عندها، فكل شيء مباح بالنسبة إليهم حتى الدم وحصد الأرواح، ولذلك فالتساهل معهم غير مطلوب. المتطرفون لا يقبلون بديلا عن الصدارة، ولو كلفهم هذا السير في دروب مغطاة بالدماء، فاحذروهم ولا تتبعوهم ولا تثقوا فيهم، فربما تصبحون أول ضحاياهم. المصدر: اخبار الخليج 24/7/2011