شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    شاهد بالفيديو.. بعد غياب طويل الفنانة شهد أزهري تعود للظهور بفستان مفتوح من الصدر ومثير للجدل    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرض كتاب الاستاذ زين العابدين الركابي الأدمغة المفخخة

يعد كتاب (الأدمغة المفخخة) ،الصادر حديثا عن دار غيناء للنشر، آخر أعمال الكاتب والباحث زين العابدين الركابي، وقد جمع فيه المؤلف نتاج عشر سنوات من المقالات المنشورة. ويوضح الركابي مقصده من تأليف الكتابة في المقدمة التي خط فيها ".. تعالوا نبني هذا العالم الهادئ الآمن بما قل وكثر من العمل والتفكير والتعبير بالفكرة الرضية الندية.. وبالكلمة الداعية إلى الله اللطيف الودود السلام، وإلى العدل والإنصاف والإعتدال وبالسلوك المتسامح.. وبالفعل الرفيق المسالم.. وبالأدمغة النظيفة من التفكير في الإثم والعدوان، الملأى بمفاهيم السلام، والأمن، والمرحمة، ومحبة الخير والأمن للإنسان: كل إنسان"
اسم الكتاب: الأدمغة المفخخة
المولف: زين العابدين الركابي.
الناشر: دار غيناء للدراسات والإعلام الرياض.
الطبعة الأولى 1424ه/2003
وفكرة الكتاب تدور حول عقليه الإرهاب حيث يشدد المؤلف على منطقة التفكير في الأدمغة، فالفعل البشري " يسبق بالضروة ب(فكرة). سواء أكان الفعل فردياً أم جماعياً: عملا جزئيا أم مكتملا.. وهذه الفكرة، المترجمة للإدراك والإدراة والنية والقصد، هي مناط المسؤولية: تعينا وتحملا، ومناط الثواب العقاب" ص (242).
ولذلك ينبغي أن تحاط هي المنطقة الدماغية بالاهتمام وأن تُكلأ بالعناية والدراسة لأن "كل جريمة (إرادية) على الأرض مسبوغة - تفكيراً وزمنا - بفكرة شريرة في الدماغ".
وقد قسم المؤلف كتابه إلى فصول ثلاثة، عنوان الفصل الأول (ضد الارهاب الاقرب: في الزمان والمكان) تحدث فيه عن: النبي أعلى صوتا ضد الغلو والعنف، مصادر العنف الذاتية:تحريف مفهوم الجهاد،عصم الله النص القرآني من التحريف فعمد الغلاة الى تحريف المعنى، تحريف مفهوم الآية الموصوفة بآية السيف، الإرهاب: متعدد الجنسيات مصادر العنف عندهم، الثوابت الوهمية: المفهوم الخاطئ للولاء والبراء.
وفي الفصل الثاني الذي عنونه المؤلف (قبل قارعة 11سبتمبر) ضم عدة مواضيع، تكتيك الخلط بين الإسلام والغلو، لئلا يظفر الغربيون ببراءة مجانية، جريمة أوكلاهوما قتل للبشرية كلها، الفكر السياسي المفخخ ووضع غير المسلمين في الدولة الإسلامية، الحجة ضد الغلو، اتفاقية (مكافحة الإرهاب والفصل بين الإرهاب والإسلام، هو ليود: أضواء الإوسكار اللامعة وظلام الجريمة في المدرسة.
أما الفصل الثالث الموسوم ب (في وجه القارعة ومجابهة مسببها ومستغليها) فقد جاءت مواضيعه على هذا النحو: معا ضد الارهاب.. ولكن بأي عقلية، المعاهدة الدولية لمكافحة الإرهاب المفهوم وينبني عليه من مواد، جناية التسبب في إيذاء الاسلام والمسلمين، عندما تفخخ مكافحة الإرهاب بالاجندة الصهيونية، تكلم أيها الرئيس قبل احتراق الكوكب وهي رسالة - غير سرية - للرئيس الامريكي جورج بوش.
ونورد تكملة لهذا العرض من موقع باب للكتاب، عرض عبدالوهاب المكينزي في موقع قناة الجزيرة لفصول الكتاب حيث يقول:
ضد الإرهاب الأقرب في الزمان والمكان:
يحمّل المؤلف في مطلع الفصل الأول العلماء (ورثة الأنبياء الذين أخذوا على عاتقهم تبيين الحق) جزءًا كبيرًا من مسؤولية بروز الإرهاب بسبب خفوت نبرتهم في إنكار الغلو والعنف سواء بتحسين لنوايا حاملي هذا الفكر أو بامتناعهم عن نقدهم علنًا خشية أن يعينوا عليهم الفاسقين.
وعن التحريف الذي داخل مفهوم الجهاد يرى المؤلف أن هذا الحق الطبيعي للمسلمين قد التاث بما يقبحه في وصمه بالعنف والبطش والفتنة وما تبع ذلك من كراهية للإسلام وأمته، وأنه لو رفض كل منهج لسوء الفهم والتطبيق فإنه لن يبقى مبدأ سليم قائم في الحياة. ومن دلائل هذا الحق البشري العام على صفحة الواقع أن هناك 190 وزارة دفاع في العالم، وأن مجلس الشيوخ الأمريكي وافق على إنتاج قنابل تعادل في قوتها ثلاثة أضعاف قنبلة (هيروشيما)!!
ومن حديثه عن هذا الحق يعرج المؤلف إلى تبيين القواعد الأساسية للجهاد في الإسلام متتبعًا مصادر تأويلات آية السيف ما بين إسراف واعتدال ونفي.
وينفي أن يكون الإرهاب حكرًا على أمة بعينها فهو متعدد الجنسيات، بل إن الحقائق التاريخية تثبت أن الغرب هو مصدر الإرهاب. فالحركات العنيفة الكبرى في القرن الماضي (وفي تاريخ البشرية كله): الصهيونية، الشيوعية، النازية صناعة غربية خالصة. وقد تأثرت حركات وجماعات كثيرة في العالم العربي بما كان يموج في أوروبا بعد عشرينيات القرن العشرين من أفكار ومسالك تنزع إلى التطرف والعنف. وعلى مستوى الأفراد يكتفي المؤلف بنقل ما كتبه (بريجسكي) في كتابه (عالم خارج السيطرة): «لقد انتشرت الجريمة والعنف انتشارًا واسعًا. وما جعل الأمر أسوأ هو السهولة الغريبة في امتلاك الأسلحة الفتاكة، حيث إن المسدسات التي في حوزة الأشخاص، بل حتى في حوزة المجرمين تزيد عما لدى معظم الجيوش في أنحاء العالم».
وفي هذا المبحث تدخل مسألة (الولاء والبراء)، حيث يؤكد المؤلف أن الأمم جميعها تشترك في هذا المبدأ، وأن المسلمين ليسوا بدعًا فيه. فإذا ما كان في المادة الثالثة من الدستور الأمريكي ما نصه: «جريمة الخيانة العظمى ضد الولايات المتحدة ستشتمل فقط على شن حرب ضدها، أو الموالاة لأعدائها، وتقديم العون والمساعدة لهم» فإن من حق المسلمين (كما هو حق لغيرهم) أن يوالوا وأن يعادوا وفق مقاييسهم وموازينهم الخاصة. أما تعطيل قيمة الخير للناس التي هي من مقاصد النبوة وحكمة التشريع، وتعطيل قيمة الدعاء لغير المسلمين بالدعاء عليهم أجمعين فهذا (حسبما يرى المؤلف) من الفهم الخاطئ لمفهوم الولاء والبراء.
قبل قارعة 11 سبتمبر:
في مستهل الفصل الثاني من الكتاب يبين المؤلف أن الخلط بين الإسلام والغلو يقع حين يغيب المنهج المتفق عليه. ومن هنا يكون لزامًا نقد التجاوزات التي تقع باسم الإسلام (شريطة معرفة الموقف الأصلي للناقد بحيث لا يكون معاديًا للإسلام أو متحاملاً عليه). واعتمادًا للمنهج الشرعي في عمليتي النقد والتقويم. ومهما بلغت ممارسات بعض المسلمين الزائغين المغالين فإنها لن تبرئ ساحات جهات غربية من مسؤولية تشويه الإسلام كالاستشراق الذي أخذ على عاتقه منذ قرون إنتاج تراث يشوش صورة الإسلام أمام أتباعه وأمام غيرهم.
ومن خضم التفجيرات التي حدثت في بعض المدن العربية ينفذ المؤلف إلى قضية وضع غير المسلمين في الدول الإسلامية والتي ترتكز على مبدأين هما: ماهية الرسالة الإسلامية (لماذا جاء الإسلام)، ومفهوم التعامل بين المسلم وغير المسلم في الدول الإسلامية.
ومن هذين المبدأين تتحدد الأحوال الشرعية لشن الحرب التي تقع تحت مسوغي الفتنة والعدوان. وذلك لأن الأصل في العلاقة بين الناس في الإسلام هي السلم فلا يكره الناس على الدين، ولا تنتقض العهود والمواثيق التي بها تعصم الدماء. وهذا كله مما يدخل تحت مبدأ التوسط والاعتدال ونسخ الغلو ودحضه الذي نادى به الشرع في رسائله الضمنية والمباشرة في القرآن والسنة النبوية.
أما عن غايات هذه التفجيرات فيفند المؤلف دعواها الإصلاح بوسائل الإفساد بأن الله لا يحب الفساد، ودعواها تحقيق مطالب معينة من خلال الضغط بأن المطالب السياسية لا تتحقق بإراقة دم الأبرياء وجعل دم المسلمين ذريعة لها، إذ إن القاعدة الشرعية تقتضي تحمل الضرر الخاص في سبيل دفع الضرر العام لا العكس. أما إذا كانت غاية التفجيرات هي ضرب الدولة ومحاولة تفتيت بنيتها فإن هذا هو هدف العدو.
ويخطئ المؤلف الحكومات التي تظن أن التضييق على الإسلام نهج صحيح في مكافحة الإرهاب، لأن هذا النهج الخاطئ حجة للإرهابيين بأن هذه الدولة أو تلك الحكومة إنما تكافح الإسلام نفسه مستدلين على ذلك بأن الدولة قلصت حظوظه في التعليم والثقافة والتشريع.
وفي محاولة منه لتتبع خيوط ظاهرة العنف يتطرق المؤلف إلى الدور الذي لعبته صناعة السينما في هوليوود في بروز ملامح هذه الظاهرة. فمن الفاصل الزمني الذي لا يتجاوز 12 ساعة بين حفل توزيع جوائز الأوسكار في هوليوود وجريمة مدرسة (جونسبورو) التي ذهب ضحيتها طلاب أبرياء يربط المؤلف تأثير السينما الأمريكية بالجريمة في تفخيخها لعقول الشباب الأمريكي بالعنف ولا سيما مع غياب الوعي والبعد الإنساني عن جائزة الأوسكار، حين انحصرت معاييرها في التقويم في تكتيك صناعة السينما من قصة ودراما ومؤثرات... وتوارى نهائيًا الأثر الإيجابي الذي يمكن غرسه في نفوس الناس وأخلاقهم ومسالك حياتهم. ولا دلالة على خطورة السينما الأمريكية على المجتمع أبلغ مما قاله الرئيس الأمريكي السابق (ريتشارد نكسون): «إن هوليوود مريضة وتتاجر بالجريمة والجنس من أجل المال متخلية بذلك عن مسؤولياتها في مراعاة القيم الأساسية للأخلاق».
في وجه القارعة ومجابهة مسببيها:
يوضح المؤلف أن موقف المسلمين في إدانة الإرهاب ومكافحته لا تستمد من أدبيات (CIA) ولا من إعلام الإثارة والتهويل. وأن في بلدان العالم الأخرى توجهات مماثلة في إدانة الإرهاب إلا أنها تريد الاستيثاق من منهج مكافحة الإرهاب ورشد الوسيلة. وأن الحاجة ماسة حاليًا لتقديم الآراء وممارسة النقد حتى لا تستغل هذه الأزمات استغلالاً خبيثًا في تقديم الرأي المضلل إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تحتاج إلى المعلومات الاستخبارية بقدر حاجتها إلى الرأي والمشورة. ومن ذلك الاستغلال انتقال الصهيونية خطوات واسعة لتطبيق استراتيجيتها الثابتة.
ومن الخطوط العامة لاستراتيجية مكافحة الإرهاب التي يرشد إليها المؤلف تحديد مفهوم مشترك له، بحيث لا توضع استراتيجية لقتال أعداء مجهولين! ولعل ما أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة حين قال: «إن الخلاف شديد جدًا حول مفهوم الإرهاب. فتعريف الإرهاب من التحديات الحقيقية أمام الأمم المتحدة» مؤشر على عدم اتفاق في تعريف الإرهاب. وبالمثل ففي داخل النسيج الأمريكي خلاف شديد بين المشرعين الأمريكيين ووزارة العدل. ففي الحين التي تريد وزارة العدل أن يكون تعريف الإرهاب فضفاضًا يتحفظ المشرعون عن مثل هذا التوسع في تعريف الإرهاب خشية أن يشمل قراصنة الكمبيوتر، والمراهقين!
والإدارة الأمريكية تناقض نفسها حين تطلب من العالم العربي والإسلامي التعاون معها في مكافحة الإرهاب وتعمد في الوقت نفسه إلى ما يضعف هذا التعاون في وضعها لحركات التحرير الوطني في فلسطين ولبنان في دائرة الإرهاب ملغية بذلك الشرعية الدولية والقانون الدولي، مما يعني مساواة المفسدين في الأرض (الإرهابيين) بالمصلحين فيها من أجل الاستقلال، والتشكك في أهداف الحملة الدولية المضادة للإرهابيين ليظل مفهوم الإرهاب بمعنى متسع للتصورات الصهيونية.
وقد كشفت الأزمة الراهنة في التعاطي مع هذه الظاهرة عن أزمات أخرى عديدة (حسب تصنيف المؤلف) منها: أزمة العلاقة بين الحرية والأمن، والأزمة الاقتصادية، وأزمة تحويل الأزمة إلى صراع بين الأديان والحضارات. إلا أن أضر هذه الأزمات وأفدحها في تقويم المؤلف هي (أزمة التفكير في الأزمة). وتتدرج تحت هذه الأزمة الكبرى عدة أزمات منها: أزمة التعميم الخاطئ في التفكير. فلم تعد تنحصر الجريمة في الفاعلين (على اعتبار صحة القرائن)، بل عممت على جميع العرب والمسلمين. والسؤال الذي ينبغي طرحه مقابل هذا التعميم: (هل يصح أن نشمل الغربيين بالجور والنهب والاستبداد وإشعال الحروب على خلفية ما صنعه الفاشيون والنازيون والجيش الإيرلندي وغيرها من المنظمات الإرهابية؟).
وأزمة التفكير لدى المسلمين تمثلت في محاولة النفي المطلق الذي يراغم الواقع الموضوعي في ظهور إرهاب قام به أناس ينتمون إلى المسلمين.
ومن صور أزمة التفكير المسارعة السياسية الإعلامية المبرمجة المشحونة بأعلى درجات المخادعة بتحويل السؤال الأمريكي المركزي (لماذا يكرهنا الناس؟) عن إجابته الحقيقية بعد دخول الصهيونية طرفًا في الإجابة لتكون (إن العرب والمسلمين يكرهون أمريكا لحريتها وحضارتها وديانتها) بينما الجواب الحقيقي لهذا السؤال هو أن كراهية العرب والمسلمين لأمريكا بسبب الابتزاز الصهيوني المستمر لها بجعلها واقفة إلى صفه.
وكشفت الأزمة عن اعوجاج في التفكير الديني في القول بمجازاة أمريكا بالمثل في حين أن المثلية ليست مطلقة فهي لا تتعدى الظالم إلى الأبرياء. كما كشفت عن اعوجاج في التفكير غير الديني الذي صور المشكلة بأنها تكمن في التحرر من إطلاق اللحى!!
ومن أزمات التفكير سجن العقل البشري بين إما وإما من قوم يحتكرون الصواب في قولهم إن العالم انقسم إلى فسطاطين: فسطاط الإيمان الخالص، وفسطاط الفكر والنفاق الخالص. ومن آخرين يحبسون الإرادة الإنسانية بقولهم: إما أن تكونوا معنا أو تكونوا مع الإرهاب (أعدائنا).
ويخلص المؤلف من ذلك برؤية مفادها أن من يعارض الوسائل الخاطئة في مكافحة الإرهاب ليس مؤيدًا له، وأن من يؤيد كل وسيلة خاطئة في مكافحة الإرهاب ليس معارضًا في الحقيقة له.
وفي الحين الذي ترفض دول العالم كلها الإرهاب تعارض في الوقت نفسه الفوضى السياسية والأمنية والإعلامية في مكافحته بجعله غطاء لتصفية حسابات مؤجلة أو لتنفيذ أجندة سابقة بنقل الحرب من بلد إلى بلد أخرى.
ولا ينفي المؤلف تورط العرب والمسلمين في الأخطاء والخطايا إلا أنه يرفض أن يحملوا أوزار آخرين وأن يسقط عليهم ما تعج به حياة الغربيين من أخطاء. والمشكلة كما يصورها المؤلف تكمن في أن طوائف من المسلمين صدقت (أو كادت تصدق) ما يسقط عليها بأن الإرهاب من خصائصها وسماتها التي لا تنفك عنها! في حين تبين دلائل التاريخ الموثق أن الحروب والصراعات التي كان المسلمون طرفًا فيها عبر 1410 سنوات لا تساوي واحدًا بالمئة من الصراعات والحروب التي أوقدها وخاضها الغربيون!
وفي تطرقه للمدارس الدينية في الوطن العربي والإسلامي يشير المؤلف إلى أن الاتهامات التي وجهت للمناهج الدينية والثقافية والاجتهادات البشرية فيها لم تقف عند حد التشنيع وتحميلها المسؤولية عن الإرهاب، إنما تجاوزتها إلى المصادر العظمى: كتاب الله والسنة النبوية. هذه الاتهامات تنطوي عليها مخاطر منها: التدخل في الحرية الدينية، وترجمة المطالب الصهيونية على نطاق واسع في تعديل (حسب انحراف قولهم) الإسلام نفسه. علاوة على تأكيد مقولات الإرهابيين بأن الغرب والأمريكيين بوجه خاص يحاربوننا على أساس عقدي خالص.
وفي التدقيق في المؤسسات الدينية الأمريكية يتضح سيطرة الحركة المسيحية الأصولية (التي تؤيد الممارسات الصهيونية) على معظم محطات الكنيسة المرئية والمسموعة. ورغم أن الدستور الأمريكي يقتضي ألا يصدر أي قانون يرسخ الدين أو يمنع ممارسته إلا أن العلاقة بين الدين والدولة في أمريكا لا تزال قوية، وفي إسرائيل أيضًا حيث الصهيونية التي خرجت مدارسها التلمودية إيجال عايير (الذي اغتال إسحاق رابين) والتي تعد بمجموعها ثمرة تعليم ديني قائم على العنف والإرهاب.
والسؤال المفتوح الذي ينتهي إليه المؤلف من هذه المقارنة هو (هل تنتظم الدعوة إلى تغيير المناهج الدينية كلاً من الولايات المتحدة وإسرائيل؟).
وفي تمام الفصول الثلاثة يوضح المؤلف حقيقة مسيرة الفعل البشري بأنها منبثقة من فكرة ومغذاة ومحكومة بفكرة، وأن المنهج القويم في بناء الأفكار يقوم على خمسة أسس، هي: السنن الكونية والاجتماعية، هدي الدين، حقائق العلم، وحدة الأسرة البشرية، الوحدة الجغرافية الكوكبية.
ويلحق المؤلف الكتاب برسالة (غير سرية) يوجهها إلى الرئيس الأمريكي تحت عنوان (تكلم أيها الرئيس قبل احتراق الكوكب) يذكره فيها بالأبعاد السامية للمجتمع الأمريكي والتي منها الغيرة الوطنية التي تأججت بعد أن نال العدوان رموز الحضارة الأمريكية مؤكدًا له أن هذه الغيرة تفوقها غيرة المسلمين على كرامة نبيهم [، وأن من حق المسلمين كما كان من حق الأمريكيين (خصوصًا بعد ما صرح به بعض رموز السلطة الأمريكية في وسائل الإعلام الأمريكية) الدفاع عن نبيهم الكريم بالصور المشروعة.
ولأن هذا النيل من نبي المسلمين مادة تخدم الإرهابيين في رفع معدلات تصديق منطقهم القائل: إن الولايات المتحدة تعادي وتحارب الإسلام لذاته دعا المؤلف الرئيس الأمريكي إلى لجم وسائل الإعلام الأمريكية أو ضبطها مثلما تم على إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
المصدر: موقع قناة الجزيرة وموقع باب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.