فى طول وعرض جمهورية السودان لن تجد مواطناً جنوبياً واحدا ًيشكو لك من سوء معاملة، أو انتهاك لحق ، او تقليل من شأن ناهيك عن مطالبة بحقوق مالية أو ممتلكات. وما من مؤسسة أو وزارة سودانية إلاّ وأوفت منسوبيها من أبناء جنوب السودان كامل حقوقهم المالية والإنسانية وأقامت لهم احتفالات وداع دامعة . وبالمقابل فان أحداً من مواطني الشمال فى جمهورية جنوب السودان لم يحصل على حق ، أو حتى كلمة طيبة عند الاستغناء عنه جنوباً ، ولكن ليس هذا مقصدنا، ففي النهاية لا يعدوا الامر ان يكون مجرد (إسقاط سياسي دفين) فى أذهان قادة الجنوب بفعل تراكمات يمكن ان تصلح كعذر لهم ، وان كان عذراً خجولاً. غير ان ما يقتضي ان نقف عنده ، وأردنا وضعه فى واجهة القضايا العالقة التى ربما تبدأ المفاوضات بشأنها –الخميس– بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا هى قضية حقوق المواطنين الشماليين فى جنوب السودان. وهى قضية يصعب إيجاد عذر فيها لحكومة جمهورية جنوب السودان لا فى الماضي ولا فى الحاضر، حيث صودرت ملايين الجنيهات ان لم تكن مليارات الجنيهات طوال الست سنوات الماضية من تجار شماليين فى الجنوب اكتسبوها بعرقهم وجهدهم طوال عقود مضنية من السنوات ؛ وتشير مصادر سودان سفاري الى ان حجم الأموال و الممتلكات التى نزعتها حكومة الجنوب دون وجه حق من التجار الشماليين فى الجنوب تتجاوز ال75 مليون دولار على اقل تقدير ، هذا بجانب وجود عدد منهم رهن الاعتقال بدون تهم فى معتقلات كما ان أعداد أخري فقدت ، وبعض آخر تعرض لعمليات تعذيب، كل هذا - للأسف الشديد- جري بصورة منهجية بحيث يمكن القول إنها كانت (سياسة حكومية) بعضها معلن وبعضها غير معلن ، وقد تسني ل(سفاري) الاستماع الى قصص وروايات (مدعمة بشواهد وأدلة مقنعة) للمآسي التى تعرض لها مواطني الشمال - طوال فترة الست سنوات هذه - بحيث يصعب تصديق بعضها لفرط قسوتها وشدة وطأتها وعدم وجود ما يبررها اللهم إلاّ دافع التشفي والانتقام . شعبة التجار الشماليين قالت - الثلاثاء الماضي - أنها أخيراً نجحت فى إيصال قضيتهم الى لجنة الوسطاء التى يترأسها أمبيكي لتوضع ضمن أجندة القضايا العالقة المتوقع انخراط الطرفين فى مناقشتها فى أديس أبابا حالياً . الأمين العام للشعبة (صديق كوراك) صرح لصحيفة التيار السودانية بأنهم قدموا مذكرة بهذا الخصوص للجنة أمبيكي وتم قبول المذكرة وان اللجنة – لفرط عدالة القضية وحساسيتها المفرطة – تعهدت رسمياً بوضعها ضمن جدول مناقشات القضايا العالقة حيث وصفت اللجنة القضية بأنها عادلة وإنسانية. وما من شك ان هذه القضية من صميم القضايا العالقة لأنها تدخل ضن إطار علاقات البلدين الجارين إذ من المعروف ان وشائجاً قوية تربط شعبي البلدين، تعهد كل بلد باحترام وصيانة حقوق مواطني الطرف الآخر ، بل ان الغريب ان حكومة جنوب السودان كانت الاعلي صوتاً ومطالبة بمنح مواطني الجنوب فى الشمال الجنسية المزدوجة والحريات الأربعة والغرابة هنا أنها فى الوقت الذى كانت فيه تطالب بذلك كانت تنتهك – عن عمد وإصرار – حقوق ومواطني الشمال لديها! فهل تنجح الوساطة فى حل هذه القضية- ضمن القضايا العالقة ؟ هذا ما سوف ننتظر لنري ما يجري بشأنه .