نشرت مجلة تايم الأمريكية في عددها الأسبوعي الأخير، قصة سام جيلدرز الذي كان من المقربين للحركة الشعبية كناشط أمريكي في قضية جنوب السودان، وسرعان ما بان لهم كذبه، وكشفت المجلة الأمريكية الذائعة الصيت، صورة كغيرها من قصص الحياة، بدأت رحلة سام جيلدرز من فلوريدا كبائع مخدرات ثم تحوُّله فجأة إلى رجل صالح «قائد أبيض» في أكثر حروب القارة الإفريقية دموية، كل هذه القصة يبدو أنها صُمِّمت خصيصًا لإنتاج سينمائي في هوليوود لجني ملايين الجنيهات. سام جيلدرز بعد أن كان ضمن فرقة راكبي الدراجات البخارية الذين يفتعلون المشكلات في البارات، تحول في العام 1990 إلى مسيحي متديِّن وبعدها أصبح مبشرًا بالمسيحية في جنوب السودان وادّعى مشاركته في مهمة عسكرية مع SPLA لتحرير الجنود الأطفال في جيش الرب. ولكن للأسف، أجزاء من لعبة التحدي التي مثّلت قصة حياته تبدو خيالية أو وهمية، خاصة وأن حكومة جنوب السودان في جوبا قالت الأسبوع المنصرم إن جيلدرز كذب بشأن مشاركته في الحرب الأهلية التي استمرت «22 عامًا» حتى إنها زعمت أنه أتى ببعض الأيتام وألبسهم ملابس عسكرية ليُظهرهم كجنود أطفال حتى يتحصل على أموال من مجمع الكنائس الأمريكية. جيلدرز الذي يروِّج حالياً لفلمه في نيويورك، رفض التعليق على ادّعاءات حكومة جنوب السودان، بينما قال قائدان من SPLA إن ادّعاء جيلدرز قتاله إلى جانب SPLA ضد جيش الرب هي مجرد وهم.. وأضافا أن قرارًا كان قد صدر بإيقاف منظمة world missionary وهي منظمة أنشأها جيلدرز بعد تخليها عن إعالة دار أيتام مكونة من 300 طفل. الشهر القادم ستشهد بريطانيا عرض فيلم Machine gun preacher بتكلفة «48» مليون جنيه يستعرض حياة جيلدرز الحافلة بالأحداث. وبحسب الفريق أول بالجيش الشعبي «أوبوتو ماميور ميتي» نائب رئيس هيئة الأركان، فإن جيلدرز لم يسبق له أن قاتل إلى جانب جنود الجيش الشعبي كما تصوره هوليوود، كل مافي الأمر أن جيلدرز كان مسؤولاً عن دار للأيتام في جنوب السودان ولم يسبق له أن كان قائدًا أبيض ضمن SPLA ولم يسبق له أن قاتل جيش الرب وحتى إنه لم يَرَ جيش الرب من قبل. وهذا يتناقض بشكل واضح مع ما ذكره جيلدرز عن خوضه للمعارك ضد جيش الرب الذي يقوده جوزيف كوني، وفي مذكراته يدَّعي جيلدرز أن جنودًا من SPLA أخذوه في يوم من الأيام إلى حقل الغام في جنوب السودان، ووجد نفسه محاطًا في مكان كأنه مقبرة جماعية موجودة على سطح الأرض، وعندما رأى جثة طفل صغير وقف على تلك الجثة وقال: «ياربي سوف أفعل كل مافي وسعي لمساعدة هؤلاء الناس». وادَّعى جليدرز أنه قتل عشرة من جنود جيش الرب وكان الرب أحيانًا يخبره في أي اتجاه يطلق الرصاص.كما ادَّعى أنه كان حاضرًا عندما قبض SPLA على أحد جنود جيش الرب يقال إنه من المقربين من جوزيف كوني، وذكر جليدرز أنه كان بصدد زرع جهاز تعقُّب في جسده ليقتفي أثره عندما يعود إلى قاعدته العسكرية. وادّعى جيلدرز في كتابه أنه كان حاضرًا أثناء المفاوضات التي قادت إلى اتفاقية السلام الشامل، وقال إنه كان الشخص الوحيد على الطاولة الحريص على الاحتياجات الإنسانية للسودانيين مما أغضب ممثلي كولن باول في المفاوضات، بينما نفت الحركة الشعبية مشاركته في المفاوضات، كما اتهمت حكومة الجنوب جليدرز باستخدامه للأيتام في السودان لتلميع صورته في أمريكا، وقال اللواء «مارتن كينيي» وفي الواقع أنه فشل، ففي البداية قال إنه سيفتح مدرسة لكنه فشل في ذلك ثم قال إنه سيفتح مستشفى ولكنه كذلك فشل، كما فشل في تقديم أي عون إنساني للأيتام بعد أن أُغلقت دار الأيتام التي كان يديرها، وأضاف أن سام جليدرز ألبس الأيتام ملابس عسكرية وذهب بهم إلى الغابه والتقط لهم صورًا ومن ثم استخدمها في حملته لجمع التبرعات.. وقال إن سام جليدرز متهم بجلبه الأسلحة إلى مدينة جوبا وسوف يقدَّم للعدالة. جاستين ويريك المتحدث باسم سام جليدرز رفض التعليق على ادّعاءات SPLA .. وسام جليدرز ليس أول فاعل خير أمريكي يتم اتهامه بتجميل قصته.. ففي مطلع العام الجاري اتُّهم Greg Mortenson وهو كاتب مفضل للرئيس أوباما بإدخاله لأوهام كحقائق في كتابه «ثلاثة أكواب شاي» وادعائه أشياء لم يقم بها أصلاً كبناء المدارس. نقلا عن صحيفة الانتباهة بتاريخ :24/8/2011