الهجوم الذي تعرضت له النيل الأزرق مارست فيه الحركة ضروبًا من الإرهاب وسفك الدماء وترويع المواطنين وهي قصة متباعدة الفصول ومخفية الملامح نستمع لجانب منها كما يرويها لنا شاهد عيان شارك في الأحداث تحت الإرهاب والتهديد وهو يعمل لدى شركة طرق كبرى تقوم بتشييد طريق الكرمك الدمازين. ومقرها جنوبالمدينة على بعد «40» كلم تم احتجازه من قِبل قوات الحركة بموقع عمله ويصف تلك اللحظات العصيبة بأنها أصعب المواقف التي مرت عليه في حياته.. شاهد العيان المواطن خالد عمر حسن يعمل سائقًا في شاحنة «قلاب» تم استخدامه كدرع بشري لتنفيذ عمليات إرهابية وعمليات نهب وسلب في مسيرة استمرت لثلاثة أيام وكشف شاهد العيان والمشارك في الأحداث كيفية استغلال الجيش الشعبي لآليات مشاريع التنمية ففي اليوم الثاني للاعتداء صباح يوم الجمعة وبأمر المسؤول عن المعسكر كُلِّف خالد بترحيل «11» شخصًا من التابعين للشركة للدمازين اتجهوا وبعد حوالى اثنين كيلو قابلتهم قوات تتبع للجيش الشعبي قاموا بتفتيش العربة وسألوهم إن كان بينهم عسكري أو شرطي أو مؤتمر وطني وتم إنزال الجميع واخذوني جنوبًا وقالوا لي نريدك لعمل بسيط وسوف نعود بك.. ويضيف خالد: تحركوا بي جنوبًا حيث مناطق مينزة، سالبن، ديرن وبلنق تحركت وخلفي أحد الباكسي التي تقل المسلحين وقبل الوصول للمعسكر المطلوب تم تمشيط المنطقة بالقلاب واستخدامي درعًا بشريًا فآليات الشركة معروفة ولا يظن أحد إمكانية تحويلها لآليات حرب وفي الطريق عند أول نقطة وجدوا اثنين من أفراد القوات المسلحة وكان معي اثنان مسلحان يرتديان زيًا ملكيًا وهدداني وطلبا مني ألا أتحدث للعسكري الذي أوقفنا والذي سألني عن العربة التي تتبعنا واجبته بالنفي وفي تلك الأثناء ترجل أحد المتمردين بالباب الأيسر واقترب من فردي القوات المسلحة وأطلق النار في رجل من كان يتحدث معي جلس هذا الشهيد على سلاحه وهو ينزف بينما تم أسر الآخر إلا أن الأول تمت تصفيته إذ تم ملء جسده بالذخيرة.. هل تصدق أن مخ هذا الشهيد وصل مرآة القلاب، وعلى هذا المنوال كانت قوات الجيش الشعبي تمارس إرهابها فقتلت من قتلت وأسرت من أسرت.. توجهنا لمنطقة مينزة ثم سالبن ونهبوا كل ما بالمنطقة من مواد غذائية وتم ملء القلاب تمامًا وذهبوا بنا جنوبًا تجاه منطقة فولنق وهو مبنى يتبع لشركة استشارية قاموا بإرهاب الذين فيه وأحالوه إلى معسكر يتبع للحركة. وبعد وصول المعسكر الرئيسي في جيرن وفي ذات الليل طلبوا مني نقل جنود للكرمك فاعتذرت وسلمت القلاب لعسكري يتبع لهم وبقيت في المعسكر الذي كان معظم الموجودين فيه من قوات الجيش الشعبي جنوبيين وكانوا يسخرون مني بقولهم «الجلابي دا ما نديه طلقه نرتاح منو عامل كده زي شنو ما عارف» ولم أرد عليهم، طلب مني أحدهم وهو من أبناء الأنقسنا أن أذهب وأجلس بالقرب من الضابط العقيد الجنوبي قائد المعسكر الذي أمر بإعادتي وفي حوالى الثانية من صباح السبت أعادوني لذات النقطة التي أخذوني منها. ويقول محدثي عدت للمعسكر ووجدته كما تركته ولكن في حوالى الساعة السابعة صباحًا وصلت لمعسكرنا قوات على ظهر «17» عربة تاتشر مسلحة من بينها عربتان متسبيشي دبل كاب أزرق عربتان بوكس دبل كاب بيضاء عربة تاتشر عليها زي شرطة وتاتشر معدل وأحاطوا بالمعسكر وقالوا نريد هذه العربات والآليات فقلنا لهم إن الخفير هرب ولا نملك مفاتيحها فقاموا بكسر زجاج العربات تجاه السواق وتشغيلها باحترافية مع العلم بأن آليات وعربات الشركة موديلات حديثة ومبرمجة بالحاسوب فاستطاعوا فك الطبلون وتعطيل التأمين وتعبئة الوقود بسرعة مذهلة بل استخدموا ماكينة اللحام لعمل قائم تثبيت المدفع «سيبيا» على إحدى سياراتهم وهذا يؤكد أنهم جاؤوا بفنيين مهرة في الحدادة والميكانيكا.. حيث استولوا على «10» عربات، ست منها قلاب وتانكر مياه ودفار ونيسان وأخرى لنقل المعدات تسمى «لوبد» وكنا نحو سبعة سودانيين ومعنا إريتريون ومهندس من تايلاند وقالوا لنا استصحبوا معكم الإريتريين لأقرب منطقة سكنية، أما المهندس التايلاندي فقد أخذوه معهم للمعسكر الهندي وهو مقر يتبع لشركة هندية تنفذ جزءًا من الطريق لم يعتدوا عليها وأخذوا منها قلابين وأعتقد أنهم يضعون حسابًا للأجانب، ويضيف خالد: ذهبنا بعدها لمنطقة اسمها خمس دقائق جنوبًا أطلقنا عليها هذا الاسم لقربها من المعسكر وتبعد نحو نصف ساعة ووصلناها مساء وأمضينا فيها ليلة بالمسجد وصباح السبت بعد صلاة الفجر سألنا عن أقرب منطقة سكنية فأرشدونا إلى منطقة جنوبًا اسمها مدين وبعد أربع ساعات من السير المتواصل وصلناها واستقبلنا شيخ الخلوة .. وفي حوالى الثانية والنصف صباحًا حزم الشيخ حقائبه في تراكتور بمقطورة ووضع عليه أطفاله وزوجته وتحرك فسألته عن وجهته فقال لي متوجه للوادي خلف القرية لأن الناس ديل ممكن يجوا في أي وقت وعشان التراكتور ممكن يقتلوا أولادي فقلت لأصحابي «يا جماعة الشيخ هارب نحن المقعدنا شنو» وتوجهنا صوب الخور الذي يبعد عن القرية مسافة ليست ببعيدة وأصبحنا هناك حتى الصباح وتحركنا بعدها إلى منطقة الرقيبة التي وجدنا بها قوات مسلحة ومن ثم للدمازين ثم بلدنا وعاد خالد وروى مالحق بالمقر الرئيسي للشركة الذي يضم نحو 25 عربة مختلفة فقد قاموا باحتلاله وتهديد من فيه ثم أخذوا سيارة لاندكروزر تخص المدير من بوابة مدينة الدمازين حوالى الساعة الثانية والنصف صباحًا ونفذوا بها عمليات قذرة داخل المدينة منها تصفية بعض الشخصيات والغريب أنهم أرجعوها للمدير لاحقًا وأمروه بالمغادرة بعدها وهي عربة معروفة لدى السلطات لذلك لم ينتبْهم فيها شك عندما قامت بهذا العمل. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 11/9/2011م