الحرب التي اشتعلت في ولاية النيل الأزرق في الأول من سبتمبر 2011بين القوات المسلحة والحركة الشعبية لها ظلال علي الجارة الشرقية أثيوبيا فالأحداث تجري علي الحدود الجنوبيةالشرقية للسودان وهي الحدود الغربيةالجنوبية لأثيوبيا وهي منطقة فيها بعض القبائل المشتركة في محلية الكرمك مع إقليم بني شنقول قمر ولقبيلة القمز الأثيوبية امتداد في منطقة الكدالو في محلية الروصيرص وهي تقع علي الشريط الحدودي إلا ان الغالبية العظمي للقمز في أثيوبيا وباسترجاع العلاقات بين البلدين السودان وأثيوبيا نجد ان اثيوبيا دعمت الحركة الشعبية دعما كبيرا ضد السودان في عهد الرئيس الأثيوبي السابق منقستو هايلي ماريام وذلك يسبب الزعم ان السودان كان داعما لحركة تحرير التقراي ونتج عن هذا الدعم السوداني انفصال اريتريا عن أثيوبيا والي وصول رئيس الوزراء الحالي لأثيوبيا ملس زيناوي الي مركز القيادة ومن هنا نلحظ ان دعم السودان لحركة التقراي ومساندة ملس زيناوي كان سببا لتوتر العلاقات بين البلدين فالسودان اذا تحمل الكثير من أذي أثيوبيا حتى وصل السيد ملس زيناوي الي كرسي رئاسة مجلس الوزراء وعلي الرغم من الصداقة التي ربطت بين السيد زينازي والفريق مالك عقار والي النيل الأزرق السابق إلا ان الحال بفرض علي زيناوي ان يتذكر الفرق فاثيوبيا تحت منقستو وقفت مع الحركة الشعبية لتحرير السودان آنذاك حتى لا يصل زيناوي الي كرسي الحكم وزيناوي عاش في السودان فترة طويلة ومن السودان قاد حركته بدعم لا محدود من الحكومة السودانية فلا يمكن لصداقته للحركة الشعبية اذا ان تعلو علي صداقة السودان فعين السيد زيناوي تعيده الي الماضي ومن جهة أخري لا يمكن استبدال دولة بشخص السيد زيناوي ينظر الي علاقات بلاده المتطورة مع السودان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا فهناك ميناء بور تسودان لصادرات وواردات أثيوبيا وهي الدولة المغلقة فلا منفذ لها علي البحر وكذا المنطقة الحرة لها في ولاية البحر الأحمر ثم ناقلات اثيوبيا التي تنقل الوقود البنزين والجاوزلين من مصفاة الجيلي وتعبر الأراضي السودانية دون ان تدفع رسوم عبور المرور السريع وتفرغ حمولتها في المستودعات الأثيوبية مباشرة ومنها الي خزانات السيارات والشاحنات الأثيوبية لتنطلق وتعبر واردات وصادرات أثيوبيا من والي ميناء بور تسودان في سلام وقد ربط طريق الإسفلت مدينة القضارف والقلابات مع قرية المتمة الأثيوبية ويفصلها عن القلابات السودانية خور أبو نخيرة ومن المتمة الي داخل أثيوبيا وزيناوي يأمل في عدم معارضة السودان علي مشروعها الكبير وهو إنشاء خزان الألفية علي النيل الأزرق وهي موافقة قد تقلل من فرص اعتراض مصر علي المشروع بحكم العلاقات المتينة التي تربط بين مصر والسودان والتنسيق بينهما خاصة في شأن مياه النيل الي جانب ما حاليا من تدفق الإثيوبيين والأثيوبيات نحو السودان سواء بالطرق الشرعية بالحصول علي تأشيرة لدخول الي البلاد من السفارة السودانية في أديس أبابا أو عبر دخول البلاد في جماعات بطرق غير شرعية في الكرمك والقلابات بالتهريب أو التسلل الفردي فصار السودان بالنسبة لشباب أثيوبيا دولة مهجر للإقامة أو العبور الي دول أوربية أو الي دول الخليج العربي وتجد الأيدي العالمة الأثيوبية فرص عمل أكثر من الأيدي السودانية وصار وجودهم يلفت النظر ويثير القلق ورغم ذلك فالبلاد مرحبة بهم حتى قيل ان احد أحياء مدينة الثورة في ام درمان تمت تسميته بالحي الحبشي للأعداد التي تسكن فيه وهذا علي ازدياد الوافدين الأثيوبيين فمن قبل كانوا يسكنون في أحياء بعينها بالجريف شرق والجريف غرب وأحياء الديوم الشرقية أما الآن فهم في جميع أنحاء ولاية الخرطوم سواء أحياء الدرجة الأولي أو الدرجة الثالثة بل نجد الجالية الأثيوبية في جميع مدن السودان فقد وصلوا الي قري ومدن لم يكونوا فيها من قبل وهم بهذا الانتشار يشكلون موردا ماليا لأثيوبيا ولأسرهم وفي آبيي يوجد عدد أربعة آلاف وخمسمائة جندي أثيوبي يتقاضون في المتوسط مليون وثمانمائة ألف دولار أمريكي رواتب شهرية وهو مورد مال معتبر وفي ذات الوقت اذا بدرت بوادر تسيء الي العلاقات بين البلدين ستقع هذه القوة تحت رحمة القوات المسلحة السودانية وفي الآونة الأخيرة صارت أديس أبابا منبرا للمباحثات في القضايا التي تخص جنوب السودان وكلها تحت رعاية السيد ملس زيناوي كما الدوحة لقضية دارفور . لابد للسيد زيناوي من دراسة جدوي عن ماذا ستكسب أثيوبيا اذا دعمت حركة السيد مالك عقار ؟..بالطبع كسبها صفر لان السيد عقار بدون شك قضيته فاشلة ومعركته خاسرى ومن جانب آخر فمنطقة جنوب النيل الأزرق منطقة مغلقة ليس لها منفذ لنهر النيل الأزرق ناهيك عن البحر وأثيوبيا مثلها وجنوب السودان ليس بأفضل منهما وسكان الولاية اقل من مليون نسمة بموارد ضئيلة وبنيات تحتية معدومة من طرق معبدة ومصادر مياه شحيحة في فصل الصيف وفي وفي السودان عامة أكثر من خمسة وثلاثين مليون نسمة ومنفذ علي البحر الأحمر وموارد متنوعة ومياه متوفرة وقوة شرائية عالية للبن الأثيوبي وبعض الطرق المهمة التي تربط بين السودان وأثيوبيا معبدة ولأثيوبيا مشاكلها الداخلية مما يجعلها تبتعد عن المزيد وعدد سكانها يقارب تسعين مليون نسمة في حاجة الي غذاء وقد تبرع الرئيس البشير خلال الأشهر الأولي من هذا العام بكمية مقدرة من الذرة خمسة آلاف طن لفك ضائقة الغذاء في أثيوبيا ويقيني ان دور الوسيط الذي قام به السيد زيناوي هو أقصي ما يستطيع ان يقدمه للسيد مالك فالسياسة الدولية تعرف فقط المصالح الدائمة ولا يوجد عندها أصدقاء دائمون ومن المعطيات التي سردناها في هذا المقال نلحظ ان مصلحة أثيوبيا الدائمة في السودان وليس في صداقة عابرة بين زيناوي ومالك عقار وزيناوي رجل دولة ولدولته مؤسساتها التي عبرها يتم اتخاذ قرارات البلاد في السياسة الداخلية والخارجية وغيرها من السياسات التي تهم أثيوبيا ولهذا كانت سياسة أثيوبيا الابتعاد عن دعم مالك عقار هي عين الصواب ..وخلاف ذلك خطأ جسيم . نقلا عن صحيفة آخر لحظة بتاريخ :25/9/2011