الاتحادي بزعامة الميرغني والأمة القومي بزعامة المهدي كلاهما أعلن موقفين متضاربين في وقت وجيز بالمشاركة في حكومة القاعدة العريضة وبعدم المشاركة. واشترك الاثنان في استمرار حوارهما – كل علي حدا – مع المؤتمر الوطني حيث لم يغلق باب الحوار بعد. الأمة القومي قال في بيانه في هذا الصدد أنه رفض المشاركة بقرار من مكتبه السياسي دون الإفصاح عن ما يمكن أن نسميها أسباباً جوهرية أو مبدئية وأبلغ دليل علي أن أسباب الرفض ليست قاطعة وليست مبدئية أو جوهرية هي تركه للباب مفتوحاً (لمزيد من الحوار) مع الوطني بما يشير الي أن المشاركة محتملة وممكنة بدرجة معقولة ترضي طموح الحزب. الاتحادي هو الآخر قال صراحة في معرض رفضه المشاركة أن النسبة التي تحصل عليها أو عرضت عليه أو أفضت لها المحادثات مع الوطني لم تكن في حجم طموحاته بما يشير أيضاً الي أن الحزب لا يرفض المشاركة من ناحية المبدأ وإنما يرفض النسبة الممنوحة له. وهذا يعني بالنسبة للاتحادي أن إمكانية المشاركة قائمة متي ما عولجت هذه النسبة وأرضت طموحه. يستخلص من هذين الموقفين – موقف الاتحادي والأزمة – أنهما لا محالة سوف يشاركون في الحكومة المرتقبة مفضلاً عن أن أي مشاركة سياسية في العادة تثور بشأنها الخلافات كأمر طبيعي حين يتعلق الأمر بالأوزان والنسب والمحاصصة طالما أن الأمر مرتبط بتوافق وتسويات سياسية, فان كل من الاتحادي والأمة في الواقع ليست لهما خيارات سياسية أخري تجعلهما يفضلان الجلوس علي تصاعد المعارضة فهذه المقاعد أبلت ثيابهما وأعطيت الكثير من أجهزتها التنظيمية وصار كل حزب من الاثنين غارق في خلافات ومشاكل قادت الي مصير تنظيمي مؤسف لا مجال لإصلاحه والعربة دائرة, إذ لابد أن بعيد الحزبان وضع أقدامهما علي واجهة السلطة لكي يستعيدان ولو أقل قدر من وجودهما السياسي. الخطأ الأساسي الذي يقع فيه قادة هذين الحزبين هو أنهما يفتقدان أن المشاركة في السلطة تضعهما علي خط موازي واحد مع الوطني ويصبحوا شركاء في سياسات لا يقبلانها مع أن العكس هو الصحيح, فالمشاركة تضمن لهما علي الأقل الوجود السياسي وتتيح لها إبداء الاراء علي دست السلطة والعمل والمشاركة في البناء قدر الاستطاعة, هذا أفضل من الموقف السالب الذي يقفانه كما أنهما حتي ولو أتيحت لهما الفرصة – من جديد – للوصول الي السلطة فان من الصعب عليهما فعل شئ ذا بال. وعلي ذلك فان احتمال مشاركة الحزبين تبدو قريبة بعكس ما قد يبدو ظاهرياً, وأغلب الظن أن الحزبين يحاولان أن يحصلا علي نسبة أكبر ويضمنان مشاركة فاعلة تجعل ثمن المشاركة معقولاً!!