العلاقات السودانية الامريكية اتسمت فى العقدين الأخيرين بحالة من الشد والجذب السياسي الكبيرين ، وانسحبت الحالة السياسية غير المستقرة بين البلدين فى كل التفاعلات الرسمية بين الطرفين ، فاصبحت تحركات المبعوثين الامريكيين وزيارتهم الماكوكية للخرطوم ودارفور وجوبا واحيانا نيروبى والقاهرة محل ريبة من الحكومة السودانية وتشكل مصدرا مزعجا للخرطوم حيث يطلق المسئولون الامريكيون تصريحات من تلك المحطات تنتقد بل تتدخل فى الشأن الداخلى السودانى حسب تعبير الحكومة السودانية ، ولكن زيارة الوفد الامريكى الرفيع الى الفاشر نهاية الاسبوع والذى ضم المبعوث الاميركي لدارفور دين سمث، والقائم بالأعمال الأميركي فى السودان ميري ايدس وكبيرة مستشاري المعونة الاميركية كرست كازبيلا، جاءت بردا وسلاما على الحكومة وفتحت نافذة جديدة فى علاقات الشد والشك السابقة ، عندما حصر الوفد اهتمامه خلال الزيارة بالجانب التنموي وسكت عن كلام السياسة المباح، حيث لخص مبعوث الرئيس الاميركي الخاص لدارفور دين سمث مرامي الزيارة عندما أكد عزم بلاده المضى قدماً لدعم المشروعات والبرامج التي تسهم فى عملية الانتقال من مرحلة الاغاثة الى الانعاش والتنمية المبكرة فى دارفور دون اغفال جانب المساعدات الانسانية والامن الغذائى مع مراعاة الموازنة والتوازن فى توزيع الموارد مبيناً ان زيارتهم للفاشر تجئ امتداداً لزيارته السابقة التى كان قد قام بها فى يونيو الى كل من الفاشر وام كدادة والكومة والمالحة بغرض تنفيذ مشروعات التنمية والانعاش المبكر. ولكن يظل عنصر السياسة بتقلباته الكثيرة هو الناظم الرئيس للعلاقات السودانية الامريكية. ففى الوقت الذى امسك فيه الوفد الامريكى رفيع المستوى الى دارفور عن الخوض فى الامور السياسية المثيرة لحساسية الحكومة السودانية قالت الخارجية الامريكية ان الزيارة الراهنة لمبعوث الرئيس الامريكى لدولتى السودان وجنوب السودان ،تهدف لدفع الدولتين الى انهاء مفاوضاتهما لمرحلة ما بعد التقسيم. واوضح بيان وزارة الخارجية الامريكية ان المبعوث ينوي التشديد على مسألة تقاسم ارباح النفط والتجارة بين الدولتين والامن اضافة الى موضوع المناطق المتنازع عليها بين السودان ودولة جنوب السودان. وبالتالى يصبح السؤال الاهتمام الامريكى الجديد فى دارفور منزوع الدسم السياسى مرحلى وتكتيكى ام انه توجه جديد للادارة الامريكية التى كثيرا ما توجه اليها الانتقادات بانها تولي عناية خاصة لقضايا جنوب السودان على حساب دارفور فى تعاملها مع الحكومة السودانية وانه حتى عندما تشدد لهجتها ضد السودان بخصوص ملف دارفور كانت ترمي بحسب محللين الى ضغط على الحكومة السودانية لصالح اجندة تتعلق بجنوب السودان . نقلا عن صحيفة الراي العام السودانية 17/10/2011م