إن تعافي الاقتصاد ومصالح معيشة الناس يجب ان تكون على سلم الاهتمامات، وجزءا من الحل لعبور الازمة التي مررنا بها، فالإنسان يستطيع ان يعيش من دون سياسة لكنه لن يصمد 24 ساعة بلا اقتصاد ناجح يجد فيه رزقه الذي يؤمن له ولأفراد أسرته الحياة الكريمة. الاقتصاد بالمختصر يعني الاستقرار المعيشي للمواطن البسيط الذي لا يهمه معرفة سعر برميل النفط او الذهب، بقدر ما يهمه كم سيرتفع مدخوله من عمله، وكيف سيدبر اموره والافراد الذين يعيلهم. والمواطن لا يهتم بقياس وتقدير حجم الجهد المبذول لإقناع شركة اجنبية للاستثمار في البلاد والاتفاق معها على توظيف كفاءات وطنية، بقدر ما يقلقه حين تتخذ قرارها بتسريحه من الوظيفة التي يشغلها، وهي لا تلام في قرارها طالما ضايقتها الاعمال الصبيانية. هناك جهود مشكورة تبذلها الحكومة لمعاونة اصحاب الاعمال ومنها ايقاف رسوم العمل فترة مؤقتة، وهناك جولات ترويجية للبحرين في الخارج من اجل إطلاع صناع القرار في الدوائر السياسية والاقتصادية الدولية بحقيقة الاوضاع في البلاد، والمساعي القائمة على طريق تخطي الازمة. ولولا السمعة والمكانة الطيبة اللتان حازتهما بلادي البحرين كمركز للمال والاعمال في المنطقة، وعاصمة للشرق الاوسط في مجال التأمين والصيرفة الاسلامية، والاهم من ذلك العلاقات وجسور التواصل التي يمدها جلالة الملك حفظه الله، وصاحبا السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر والأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس التنمية الاقتصادية،والتباحث مع كبار الفعاليات الاقتصادية في مختلف دول العالم،لما استطاعت البحرين ان تصمد في وجه الريح العاتية التي هبت عليها واستهدفت زعزعة استقرارها وزلزلة اقتصادها. وأشير في هذا المقام إلى ضرورة دعم المعارض التجارية، فنحن مقبلون على موسم نشط بحسب ما أعلنت هيئة تنظيم المعارض والمؤتمرات اجندتها، تبدأ بانطلاقة «معرض استثمر في البحرين». يجب ان نشجع تلك المعارض التي تعد منفذا تسويقيا من جهة، وعاكسا للعالم لمعافاة بحريننا. ففي الدعم والمشاركة تفويت لكل ما يروم إليه دعاة التأزيم الاقتصادي ومن يريد ان يستخدم الفعاليات الدولية «كاميرا حية» تنقل المحاولات اليائسة لاستهداف حالة الاستقرار الوطنية المطلوبة. فالمستثمر الاجنبي والتاجر البحريني لابد ان يكونا في موضع دعم ومساندة شعبية، إن جاءت مشروعاتهما تصب في خدمة المواطن البحريني وتفتح امامه آفاقا ارحب للتحسين المعيشي والتوظيف والتدريب. ومن هنا كان لزاما التوقف عن الصمت المعيب، ومواجهة الذين يريدون زلزلة الاقتصاد، فهؤلاء يريدون فقط خلق حالة الحرج والفوضى واتخاذ حصيلتها حجة لترويج تدابيرهم، متغافلين عمدا عما سوف يؤول إليه حال البسطاء حين يعانون مرارة شظف العيش ويتكبدون مرارة التعطل القسري. لقد أضحى حال بعضهم كالذين يحرثون الارض ولكن يتركونها من دون زراعة ومحصول! وأحسب ان ما خسرناه بالغ جدا منذ بدء الازمة والتراخي مع العابثين بأرزاق الناس، وجاء وقت الاستفاقة ومعاودة النهوض والعمل وتدوير عجلة الاقتصاد.. هذا هو المطلوب الان ولا غيره. المصدر: اخبارالخليج 20/10/2011