يجب تحديد أطر العلاقة وأبعادها بين الإعلام والأمن والاقتصاد وعلى المسئولين وأصحاب الاختصاص رسم الرؤية الواضحة والأهداف المنشودة بعيدا عن الوقوع في فخ مسار الحدث المفاجئ والمصطنع.. على الإعلام أن يوجه الحدث ويصنعه ضمن علاقته بالأمن والاقتصاد.. لا أن يتأثر به وينساق جراء الحوادث الأمنية المفاجئة، ليساهم من غير قصد في زعزعة الثقة في الداخل والخارج بالأمن والاستقرار. نستلهم ذلك من رؤية جلالة الملك المفدى، حفظه الله في حديثه الأخير الذي بيّن فيه رفض الجميع أن تكون البحرين في عين الأخبار السيئة، وأتى حادث الاعتداء على رجال الأمن وبث الخبر على تلفزيون البحرين كخبر عاجل، تاركا الأثر على الساحة البحرينية ومهددا بالرجوع إلى مربع الاحتقان من جديد، وذلك قطعا لا يخدم التوجهات الملكية ومساعي القيادة الرشيدة. إننا إذ ندين الاعتداء على رجال الأمن - فهذا خارج على العرف البحريني السائد في التعامل والتعاطي.. ونتفهم قصد الرسالة الإعلامية من بث الخبر عبر التلفزيون وما يريد الإعلام ايصاله إلى الرأي العام في تناول حدث الاعتداء على الشرطة، من أن المطالب التي ينادي بها البعض في حركته هي غير سلمية - فإن تلك الرسالة لها أوجه وقنوات ووسائل عدة يمكن إيصالها بحيث لا تؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي والسياحي للمملكة.. فلك أن تتخيل وأنت مواطن خليجي جالس تلك الليلة تشاهد تلفزيون البحرين مع عائلتك في المنطقة الشرقية بالمملكة السعودية أو الكويت، وتعتزم زيارة المنامة في الاجازة الأسبوعية.. فهل ستغامر مع أفراد عائلتك وأطفالك بقضاء عطلتك الاسبوعية أو إجازتك السنوية في أجواء وطن لا يأمَن فيه رجال الشرطة على أنفسهم؟ ان مقابلات وأحاديث صاحب الجلالة الملك المفدى للاعيان ورجال الدين والاقتصاديين هي مؤشرات، توحي بأن جوّا من الألفة والتفاهم قد عاد إلى البحرين بعد تخطيها الأزمة وأنها مقبلة على الازدهار في ظل الأمن والاستقرار تحت حماية قوانين المملكة، كما يشدد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء حفظه الله على رجال الأعمال لأخذ دورهم الوطني في تنشيط الحركة التجارية وهو الداعم لهم والمرابط معهم، يستمع لآرائهم مصدرا توجيهاته إلى الحكومة في دعم الاقتصاد والمؤسسات، كذلك التصريحات التي يدلي بها القائد العام المشير الشيخ خليفة بن أحمد ووزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله، كلها تصب في استرجاع صورة البحرين لسابق عهدها ونقل صورة إحلال واستتباب الأمن في ربوع المملكة، مما ولد الطمأنينة واوجد حالة من الاستقرار في المجتمع لاحظناها في خروج الناس للتسوق وفي انتعاش السوق مرة أخرى.. وعززها دخول كثير من السياح الخليجيين مع عائلاتهم لقضاء عطلتهم الأسبوعية، ثم جاء الأمر الملكي السامي بإنهاء حالة السلامة الوطنية تتويجا لتلك الجهود وتأكيدا للمجتمع الدولي أن البحرين تخطت الصعاب في أزمتها. ونستدل على غياب الرؤية الوطنية بين الإعلام والاقتصاد.. استضافة التلفزيون الوطني ضيوفا في برنامج للتعقيب على حادث الاعتداء، إذ يبشر أحد الضيوف بصيف ساخن تتكرر فيه هذه الحوادث الأليمة، ثم يعلق بتخمينه المستقبلي عن حدوث هجمات انتحارية على رجال الأمن. ومع احترامي الشديد لقائلها إلا أنه قد جانب الصواب هذه المرة على الفضائية البحرينية فقد بث الخوف والرعب والتوجس في قلوب الخليجيين جميعا! وخصوصا أن بعض العائلات السعودية في الدماموالخبر تتسلم رسائل نصية عبر الهواتف النقالة تهددها بالتعرض لها والنيل من سلامتها إذا قدمت للسياحة في البحرين. نتمنى وجود علاقة حميمية دائمة بين الإعلام والاقتصاد تبدأها باستضافة مسئولي الاقتصاد والسياحة.. كي يطمئن من خلالها المستثمرون الخليجيون على استثماراتهم ويكونوا مستبشرين بحزم تنشيطية وتشجيعة تحفز الاقتصاد والسياحة وتخاطب الأشقاء مباشرة للقدوم إلى البحرين لقضاء عطلتهم، وان الدولة تكفل لهم الأمن والسلامة، وبما ان المواطن الخليجي يخطط الآن لاجازته السنوية.. فإنه يجب أن نستفيد مما يجري في سوريا ومصر وتونس وعلينا أخذ زمام المبادرة وجعل هذا الصيف مبشرا مزدحما بالسياح الخليجيين والأجانب واقناعهم بالبحرين لتكون بديلا عن تلك الدول.. تلك الجهود مسئولة عنها مباشرة وزارة التجارة ومجلس التنمية الاقتصادية وإدارة السياحة وهيئة شئون الإعلام في رسم خطة وطنية تتحدى الواقع والمستقبل. من هنا نناشد مهندس النهضة الاقتصادية المباركة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء بشحذ همم المسئولين كعادته، في هذا الظرف الاستثنائي الذي تمر به المملكة ويتفضل سموه بالتوجيه لإعداد خطة وطنية للنهوض بالاقتصاد والسياحة يؤازرها الأمن والإعلام وما التفاتة سموه وإقرار مجلس الوزراء بالأمس الدعم الحكومي للفنادق إلا تأكيدا لاهتمام الحكومة بالاقتصاد والسياحة.. نتمنى الايعاز بتشكيل وفد أو لجنة رفيعة المستوى برئاسة الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس الوزراء - وهو رجل يوثق بقدرته الاقتصادية وامكاناته المعرفية ولأن التحدي الاقتصادي أكبر من إعداد مهرجان صيفي يعد من وزارة الثقافة!! وفد رفيع المستوى من وزارة التجارة ومجلس التنمية الاقتصادية وأصحاب الفنادق من رجال الأعمال وإدارة السياحة وهيئة شئون الإعلام بحيث يقوم الوفد بزيارة دول المجلس ويركز على السعودية والكويت لكثرة أعداد زوار المملكة من هاتين الدولتين.. لزرع الثقة ونقل الصورة الطبيعية عن استقرار المملكة، تسبقها حملات ترويجية عبر الفضائيات الخليجية تستهدف مواطني الخليج والعرب والأجانب المقيمين فيها مما يساعد على تدفق السيولة النقدية وعودة النشاط التجاري والروح إلى الحياة البحرينية.. كفانا بكاء على الأطلال.. فقد حان وقت العمل المخلص والجاد. المصدر:اخبار الخليج 23/5/2011