وكأنها لعبة مكشوفة للجميع.. ففي ظرف أقل من أربع وعشرين ساعة من حديث حاتم السر أو "كاتم السر"، المسؤول الإعلامي للحزب الاتحادي الأصل، والذي دلق فيه سيلا من الاتهامات فى وجه المؤتمر الوطني وبلغة حادة لم تألفها منابر "حزب مولانا" منذ أن فارق صفوف المعارضة المسلحة واتخذ منهجا للنضال المدني من الداخل عبر ما يعرف باتفاقية القاهرة...و قبل أن يجف المداد الذي كتبت به تصريحات السر في الصحف، والتي صوب فيها هجوما لاذعاً على المؤتمر الوطني، وصف فيه سياساته ب(الخاطئة والمتخبطة).. وقال إن الوضع السياسي الراهن مفتوح على كافة الاحتمالات، ونعت الدولة بالباطلة، وأضاف :"علينا أن نعمل من أجل إحقاق الحق"-كانت سيارات رئيس الحزب الاتحادي مولانا محمد عثمان الميرغني تتوسطها "الهمر أمريكية الصنع" ترفل فى شوارع الخرطوم "لفة لفة" وهي تيمم وجه بيت الضيافة بالخرطوم، بينما تخرج تصريحات أمين الإعلام بالوطني بروفيسور إبراهيم غندور، والتي رد فيها على كلام حاتم السر و بصورة حملت نوعا من الدبلوماسية المبطنة، وهو أسلوب برع فيه الرجل منذ أن تولى إعلام حزبه خلفا لفتح الرحمن شيلا..لم تجد تلك الردود مكانها في صدر الصفحات الأولى لصحف الأمس؛ بل وضعت في زوايا قصية في الصفحات الداخلية لأن خبر لقاء مولانا الميرغني ورئيس الجمهورية حظي بالاهتمام الأكبر... اللقاء مثل ما سبقه من لقاءات بين الرجلين- وهي كثيرة- لم ينتج شيئا يمكن أن يضعه المراقبون في خانة الجديد...والعنوان العريض الذي وضعه مولانا الميرغني ليطلق تحته تصريحات مقتضبة كان يتلخص فى عبارات "القضايا السياسية الراهنة" التي تهم البلاد، بالإضافة إلى وضع الوطن والمواطن بما يحقق التعاون ويعود بالخير على الجميع، والتصدي لكل محاولات التدخل في الشأن السوداني، حسبما قال الرجل الذي أضاف "نحن متفقون على أساس لا للتدخلات الأجنبية ونأمل أن يتحقق الاستقرار للسودان".. بالطبع لايقتنع المراقب الحصيف بما قاله مولانا بأن اللقاء انحصر حول تلك العناوين فقط، ولم يتعداها إلى حيث المحتوى الذي يشغل بال الساحة وبال المؤتمر الوطني نفسه، وهو تشكيل الحكومة المقبل وإعلانها، حيث اكتفى الرجل بالتعليق على هذه الجزئية بالقول:"إن قضايا المشاركة فى السلطة ليست هي الأساس، ولذلك اللجان المشتركة مستمرة في الحوار لا لتحقيق المشاركة، ولكن للتواصل المستمر"... غير أن كل المؤشرات والدلالات الظاهرة والباطنة تقول إن "الحكومة" في انتظار موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بعد أن راجت معلومات أكدها الحزب في وقت سابق بأن الوطني عرض عليه عدة وزارات، لكنه طالب بزيادة الحصة مع استصحاب بعض المعالجات فيما يتعلق بمنهج الحكومة وإدارة الشأن.. ووفقاً لمصادر تحدثت ل(الأخبار) الأسبوع الماضي ان الاتحادي اقترب من المشاركة بعد أن منح فرصة أخرى من قبل قيادي الوطني بموافقة الرئيس عقب جدل كثيف بين أعضاء القياديين حول الجدوى من المشاركة طالما الحزب يتلكأ في موقفه...وهذا ما أكده بروفيسور إبراهيم غندور عندما قال بأن الاتحادي لا يملك حتى الآن رأي، واضح حول مشاركته في الحكومة، وأن الندوة التي عقدها أول أمس تحدث كل شخص برأي مختلف، وأضاف:"استمعت إلى تفاصيل الندوة ولا أستطيع أن أجزم برأي واضح من هذا الحزب حتى الآن لأن كلام بخاري الجعلي ليس مثل كلام حاتم" ..وزاد ضاحكا وهو يتحدى الصحفيين بأن يسمعهم تسجيل الندوة عبر الموبايل..! وقال: "ما ورد إلينا بصورة معلومة، يؤكد بأن الاتحادي لا يزال يدرس موضوع المشاركة". ما قاله غندور يحمل قدرا من الحقيقة مقارنة بموقفين، الأول دراسة المشاركة في الحكومة، وهذا يتضح في ثنايا تصريحات الميرغني التي قال فيها؛ إن اللجان المشتركة بين حزبه والوطني تباشر أعمالها حيث أنجزت بعضها أعمالها، بينما الأخرى لا تزال تواصل اجتماعاتها، مضياً:(ونأمل أن يتحقق الكثير)...والكثير هذا لا يختلف اثنان في حقيقته، فعضو اللجنة والقيادي بالحزب د.بخاري الجعلي يفصل أكثر في حديثه ل (الأخبار) أمس ويقول، بأنه لا يعلم شيئا عن الأمر، بعد لقاء مولانا والبشير، لكن الجعلي أشار إلى اجتماع تعقده اللجنة اليوم لمناقشة التفاصيل بصورة أكثر دقة... والموقف الثاني الذي يمكن اقتباسه من إشارات غندور هو عدم اتفاق الاتحادي الأصل على رأي محدد حول المشاركة، مما يعني أن هناك خلافات وصراع تجعل هناك صعوبات في اتخاذ قرار بشأن الأمر، وهذا يعبر عنه حديث حاتم السر المسؤول الإعلامي والناطق الرسمي باسم الاتحادي الأصل عندما قال- وسط تصفيقات من الحشود المؤيدة- إن الحرية قادمة (شاء من شاء وأبى من أبى)، ولفت إلى اختيار الاتحادي لمنهج التغيير الشامل، معتبراً تزامن الذكرى السنوية لراعي الحزب السيد علي الميرغني مع ثورة الشعب يوحي بأن رياح التغيير قد هبت في البلاد.. وأضاف السر بأن الوضع السياسي الراهن مفتوح على كافة الاحتمالات، ولا أحد يستطيع أن يتكهن بما سيحدث غدا إلا منجم.. وزاد : "لا وفاق مع النفاق..الشعب يريد إسقاط النظام"، وشدد على أن الاتحادي سيقود معركة التغيير بالبلاد.. وذات الموقف قاله بخاري الجعلي الذي اتهم "الوطني" بمحاولة ترسيخ رؤية مغلوطة في أذهان الجماهير بأن الحزب الاتحادي يفاوض من أجل السلطة التنفيذية.. وزاد:«نسي المؤتمر الوطنى أننا تفاوضنا معه في قضية دارفور والدستور والوضع الاقتصادي .. مشدداً على القول:«نحن زاهدون في المشاركة في السلطة».. نقلاً عن صحيفة الأخبار 20/10/2011م