يواصل الدكتور التيجاني السيسي فى الجزء الثانى من حواره مع الشرق متحدثا عن الكثير من الملفات المتعلقة بدارفور وتلك التى كانت عقبة فى المفاوضات وكيف أمكن التغلب عليها وكيفية ترجمة الوثيقة على الارض، كما تناول مايثار من بعض المشككين حول حركته وقدرته على انجاز السلام فى دارفور الى جانب قضية الصلاحيات التى بيده ومسألة الانقسامات بين الحركات والمشاركة فى الحكومة والدعم الدولى وغيره من القضايا، الى مضابط الحوار واكثر القضايا التي مثلت عقبة كؤود في طريق التفاوض.. وكيف تمت حلحلتها؟ أكثر الملفات التي أرهقتنا وكانت أكثر تعقيداً (السلطة والترتيبات الأمنية) في ملف السلطة كانت أكثر القضايا تعقيدا قضية الاقليم الواحد حيث " تمترس " كل منا حول موقفه وقناعاته ولكننا في النهاية وعبر الوساطة وصلنا الى حل توافقي مرض للطرفين.. ثم قضية نائب الرئيس حيث بدأنا من نقطة رفضت فيها الحكومة رفضا باتا ان يكون هناك نائب رئيس لدارفور الى ان وصلنا الى صيغة اقرت فيها الحكومة منصبا لنائب الرئيس ولكننا اختلفنا حول من يشغل منصب نائب الرئيس.. وكانت هناك تعقيدات كبيرة في ملف الترتيبات الأمنية وسيكون أكثر تعقيدا عند التنفيذ على الارض لانه يحوي الكثير من "المنعطفات والمنعرجات " التي قد تخلق بعض التعقيدات هنا وهناك.. وايضا هناك بعض القضايا والاشكاليات الخاصة بملف الثروة رغم انه كان من اكثر الملفات سهولة ويسرا بل من اول الملفات التي عبرناه بسهولة ولكن كانت هناك اشكاليات حول المبالغ المخصصة للتنمية ولكننا توافقنا على مبلغ مليارى دولار وبعد جهد جهيد.. بخلاف الدعم القطري لصندوق تنمية دارفور. أنتم الآن في طريقكم لتفعيل السلام.. ما هي الخطوات الأكثر ضرورة لترجمة وثيقة الدوحة على أرض الواقع؟ الخطوات الأكثر ضرورة والحاحا ونحن ذاهبون للخرطوم بإذن الله هي " الثقة " نعم الثقة بين الاطراف المنوط بها تنفيذ وثيقة الدوحة لسلام دارفور وأطراف السلطة الاقليمية والحكومة.. وأقصد حركة التحرير والعدالة والمؤتمر الوطني والاخوة الاخرين والذين سيلحقون بنا.. واذا لم تتوافر الثقة بين كل الاطراف فمن الصعوبة انفاذ هذه الوثيقة بطريقة يمكن ان تساهم في استدامة الامن والسلام والاستقرار.. ونعتقد ان الاستقرار في دارفور سيقود الى استقرار شامل وسلام في كل ربوع السودان ومحيطه الاقليمي.. هناك تحديات كثيرة ولكن بتوافر تلك الثقة بين الاطراف المنفذة للوثيقة وتفاصيلها يمكننا تجاوز التحديات.. يجب أن تتشابك أيادينا هل أنتم راضون عن خطوات تعيينكم مفوضا لاقليم دارفور.. وتعيين نائب للرئيس السوداني من أبناء الاقليم؟ اعتبرها أحد مكتسبات سلام دارفور ونحن راضون عن ذلك دون اعتبار لمن تم تعيينه نائبا للرئيس وهو في نهاية الامر من ابناء دارفور.. وعلينا جميعا رئيس الجمهورية والنائب الاول للرئيس ونائب الرئيس ورئيس السلطة الاقليمية ان نتعاون وتتشابك أيادينا لتنفيذ الوثيقة بصورة مثالية ترفع الرهق عن انسان دارفور وتعيد له اعتباره وأحقيته للأمن والسلام والاستقرار.. وماذا عن الصلاحيات.. وكيف ترد على المشككين في ان كل من دخل القصر أراده المؤتمر الوطني "ديكورا "؟ أجاب د. التجاني السيسي ضاحكا ولمعانا يشع من عينيه.. الصلاحيات اتفقنا عليها عبر الوثيقة مع الحكومة ونحن راضون عن ذلك لاننا فصلنا تلك الصلاحيات بحيث لا تأخذ من الصلاحيات الاصيلة للولايات حتى لا يكون هناك تناقض بين السلطة الاقليمية والولايات وحتى لا تأخذ من المركز وحتى لا يكون هناك تناقض بين السلطة الاقليمية والمركز.. اما بالنسبة للمتشككين " يواصل ضحكته" ويستعدل في جلسته فترتسم الجدية في كل ملامح وجهه ويقول.. المصيبة ان اغلبهم كانوا اعضاء في المؤتمر الوطني وترعرعوا في ذلك التنظيم وشاركوا في انقلاب يونيو 1989 وجاهدوا معهم في الجنوب وشاركوا في " البطش ".. وهؤلاء يعتقدون ان ذاكرة الشعب السوداني خربة.. وينسون ان الشعب السوداني له ذاكرة متقدة حية وحيوية بدون شك.. نحن منذ ان بدأنا التفاوض قررنا عدم الالتفات لمثل تلك الاقاويل.. حتى لا ننصرف او نحيد عن رسالتنا الاساسية وهدفنا السامي استجلاب سلام لدارفور مرض وطموح ومستدام. هؤلاء لا يعرفون الرجال ولكن بعض المشككين يستحضرون تجربة مني اركوي مع أبوجا ويشبهون الشيء بالشيء؟ نعم.. ولكن هؤلاء لا يعرفون الرجال.. ولكل تجربته.. ومني له تجربة.. والاخرون ايضا لهم تجاربهم.. نحن لن نصبح "ديكورات " للمؤتمر الوطني أو لأي جهة أخرى أو لأي أفراد.. نحن رسل للسلام.. نعمل من اجل السلام المستدام في دارفور والسودان.. بخلاف ذلك ستكون لنا مواقف اخرى.. وهؤلاء "المتشككون" لا يملكون الشجاعة والارادة للتصدي لقضايا الوطن الحالكة.. ولا يمكن ان نقول للشعب السوداني إما ان نترك البلد ينزلق الى الهاوية أو اذا شرعنا في حل قضايا البلد ان نصبح ديكورات للمؤتمر الوطني.. انها قراءات غريبة لبعض الناس.. وهي نظرة قاصرة وحديث مسيء وانهزامية في الداخل!! وخطتكم لاستقطاب مزيد من الحركات خاصة حركتي العدل والمساواة ومجموعة عبدالواحد محمد نور ومناوي؟ لقد ظللنا نتواصل مع كل الاخوة من القيادات الدارفورية المسلحة وكان منهجنا في التفاوض اكثر خصوصية.. وبذلنا الكثير من المجهودات مع المجتمع الاقليمي والدولي حتى يلحق بنا اولئك الاخوة بمنبر الدوحة.. وحتى عندما لم يتم ذلك أسسنا ان يكون اتفاق وثيقة الدوحة هو الاساس لحل معضلة دارفور وللاخرين من الحركات ان يلحقوا بالاتفاق بالتفاوض مع الحكومة حول بعض القضايا التي طرحت في منبر الدوحة.. ونحن ندعو اولئك الاخوة للانضمام لوثيقة الدوحة من واقع ما شهدناه خاصة بعد زيارة وفد المقدمة من حركة التحرير والعدالة للخرطوم ودارفور والدعم الشعبي الكبير للاتفاق وللخطوات التي انجزت في هذا المسار. تناقص الحس القومي كل الحركات الدارفورية متفقة حول الهم الدارفوري.. لكنها غير متفقة حول سبل التلاقي وترجمة هذه الاهداف.. ما أبرز الاختلافات بينكم وبينهم.. هل هي قبلية / أم شخصية؟ هناك تقاطعات كثيرة وتأثيرات قبلية واجندة اثنية وايضا شخصية.. ليس هناك اختلاف حول القضية الاساسية بدارفور حيث ظلت المنطقة تعاني من التهميش وينبغي ان يكون هناك توزيع عادل للثروة والسلطة.. ومشاركة اهلها في السلطات وبما يتناسب مع حجم السكان.. كل هذه القضايا قتلت بحثا في العديد من ورش العمل والمؤتمرات واللقاءات المتخصصة.. هناك بعض الاختلافات الايديولوجية بين القيادات الدارفورية.. وهناك من يطالبون بعلمانية الدولة وهناك من لهم رؤية عكس ذلك واعتقد ان ذلك اختلاف ايديولوجى اكثر منه خلافا في اصل القضية.. ولكن اعتقد ان تلك الخلافات ليس لها تأثير كبير حاليا.. وقد حدثت انشقاقات كانت لها تأثيرات قبلية وهو واقعيا موجود في دارفور بل في السودان كله مع الاسف الشديد وكثير من الشعب السوداني " يشرب " القبلية وهو امر مؤسف والمسألة الاثنية منتشرة في كافة مناطق السودان شماله وجنوبه وهذه الامور لها تأثيرات مباشرة على القضايا الوطنية.. وعندما تطل القبلية برأسها لهذه الدرجة من التطاول يتناقص الحس القومي وهي الاشكالية الحقيقية اليوم.. والسودان اتجه الان الى دولة القبيلة والدولة الاثنية وهذا ينتقص من فرص نمو الدولة القومية التي نريد حتى بعد انفصال جنوب السودان.. اقول دوما علينا ان نتفق ونتحرك جميعا حول قومية السودان وبناء دولة ترتكز على أسس قومية. واحدة من (عوار الرأس ووجعه) هي الانقسامات.. الانسلاخ على مستوى الحركات والافراد.. ما قراءتكم لهذه الاشكاليات.. ومتى.. وكيف يمكن معالجتها؟ اقول لك اختي عواطف.. ان اهلنا بدارفور على ادراك تام لذلك الواقع المرير الذي اصابهم بالتفتت والتشتت.. ادركوا الان انه من الضروري جدا توحيد رؤاهم وانفسهم وصفوفهم وهو المخرج الوحيد من تلك الازمة.. وبالتالي اعتقد ان الانشقاقات الان اضحت لا جدوى منها خاصة وان المجتمع الاقليمي والدولي والذي شجع تلك الانشقاقات بدأ يدرك عدم فعالية تلك الانشاقاقات والانقسامات.. وأصبحت موضة " قديمة " وقد شهدنا ذلك في الدوحة عندما انسلخ بعض الاخوة من جسم الحركة او الحركات الاخرى وبوعي او بدون وعي وكنا نعي ذلك تماما وكانوا يتخيلون ان تلك الانسلاخات ستؤثر على الحركة ويجدون الدعم من المجتمع الدولي والاقليمي.. ونتساءل اين هم الان!! اعتقد ان اي انشقاقات ينظر اليها الان بعدم الرضا حتى ان الشعب السوداني واهلنا جميعهم بدارفور بدأوا يمتعضون من ذلك ولا يلتفتون اليه.. وظاهرة الانقسامات اصابت قضية دارفور بمقتل..والتوجه الان نحو الوحدة والتلاحم.. وليس وحدة ابناء دارفور ولكن وحدة السودان كله.. واذا أردنا ان نحافظ على الوطن موحدا علينا العمل على دعم وثيقة الدوحة لسلام دارفور.. وسنتحرك ايضا مع الاخرين لتعزيز القيم والمعاني الوطنية والقومية للسودان واعتقد فيما نلحظه من تحديات تواجه الوطن ان وحدته هي الطريق الوحيد لدرء المخاطر التي تحدق به ومن كل الاتجاهات والتدخلات الاقليمية والدولية.. ويجب ان نتحرك الان لبناء ثقافة الوحدة السودانية وذلك سيطفي عليه المزيد من القوة وقوة الدفع لامتنا السودانية والتي تحتاج للتوحد الان اكثر من اي وقت مضى. المشاركة فى الحكومة فيما يتعلق بالمشاركة في الحكومة الجديدة.. ما أبرز ملامحها وكيف تتوقعون مشاركتكم.. وماالحقائب المتوقعة على مستوى الرئاسية والحكومة الاتحادية الولائية؟ ستشارك حركة التحرير والعدالة في الحكومة المركزية في ثلاث حقائب وزارية وعلى مستوى الولايات بست حقائب وزارية وهناك عدد مماثل من المعتمدين ووزراء في السلطة الاقليمية ومفوضين ومشاركة في المجلس التشريعي الاقليمي والمجالس التشريعية الاقليمية...ونتطلع لمشاركة الحركة حسب ما تم الاتفاق عليه في اجهزة الخدمة المدنية بوظائف قيادية وفي السلك الدبلوماسي وغيره. مااكثر الملفات تعقيدا على الارض هل هو توطين اللاجيئن أم التعويضات والاعمار..؟ قضية العودة الطوعية للاجئين لمناطقهم الاصلية او للمناطق التي يختارونها يتطلب تأمين تلك المناطق اولا.. وهنا تكمن المشكلة في كيفية تأمين عودة هؤلاء النازحين واللاجئين بطريقة آمنة وسلسة واعدادهم كبيرة حيث يقدر عدد اللاجيئن بثلاثمائة ألف لاجي في عدد من دول الجوار خاصة جمهورية تشاد وافريقيا الوسطى.. واعادة هؤلاء لمناطقهم عملية مكلفة وتحتاج لتنسيق دقيق بين السلطة والمركز والمنظمات الدولية والاقليمية المتخصصة.. وهذا الامر ينطبق ايضا على الملايين من الاخوة النازحين.. الذين ينشدون العودة لمناطقهم للاستقرار وهي مناطق غير مؤمنة وتفتقر لابسط الخدمات الاساسية من تعليم وصحة ومياه وسبل اعاشة كريمة وهي معضلة اساسية فعلا..وهناك ملف العدالة حيث ارتكبت عدة انتهاكات في دارفور.. وتم الاتفاق على انشاء محاكم خاصة وانجاز العدالة في دارفور.. هناك قضايا تحتاج لجهد كبير لحلحلتها ولجهود تكاملية اتحادية واقليمية وولائية ومركزية.. هناك ايضا قضية الاعمار والتنمية والمنطقة طبعا منطقة نزاع شهدت تخريبا ودمارا كبيرين خاصة في البنيات التحتية والخدمات الضرورية.. حيث في دارفور دمار بمعنى الكلمة.. وخطط الاعمار مكلفة جدا وهناك صندوق للاعمار والتنمية يحتاج لدعم من الحكومة الاتحادية وهناك حاجة حقيقية للدعم الاقليمي والدولي لاعادة الاعمار والانشاء. المصدر: الشرق 1/11/2011