تحليل سياسي رئيسي اتهمت المنظمة الدولية – مطلع هذا الأسبوع – الحكومة السودانية بقصف معسكر للاجئين سودانيين بجمهورية جنوب السودان. المنظمة الدولية قالت ان القصف قامت به طائرات سودانية. من جانبها نفت الحكومة السودانية نفياً قاطعاً الاتهامات الأممية وقال المتحدث باسم الخارجية السودانية العبيد مروح للصحفيين -السبت- ان المنظمة الدولية درجت على استقاء معلوماتها من منظمات وأشخاص ليسوا موضع ثقة، مؤكداً ان العزم مبيت علي اخرج بيان رئاسي عن مجلس الأمن لإدانة السودان، لأغراض خاصة. الجيش السوداني من جانبه نفي نفياً قاطعاً هو الآخر ان يكون طيراناً خاصاً به قام بعمليات قصف داخل أراضي جمهورية جنوب السودان مؤكداً ان الجيش السوداني لم يسبق مطلقاً ان قام بقصف تجمع للاجئين لا فى جنوب السودان ولا فى اى موقع آخر. وما من شك ان الأممالمتحدة – فيما يبدو – تستعجل صدور إدانة ضد السودان بشتى السبل خاصة وان الأممالمتحدة فى هذه الأثناء تقع وعلى نحو تام تحت قبضة الولاياتالمتحدة عبر مندوبتها الشديدة العداء للسودان سوزان رايس . استعجال إصدار إدانة ضد السودان فى هذا الوقت بالذات يكتسب أهمية بالغة لدي الولاياتالمتحدة فهو يخفف عنها – ولو مؤقتاً – ضغط جماعات الضغط والكتل الصهيونية والسوداء التى تتخوف من الهزائم المتتالية التى بدأت تلحق بالحركة الشعبية فى النيل الازرق وجنوب كردفان بما قد يفضي حتماً الى تلاشي الحركة فى السودان تدريجياً. ومن جانب ثان فان الإدانة ايضاً تزيل الحرج البالغ لدي واشنطن حيال الشكوي التى سبق وان تقدم بها السودان ضد جمهورية جنوب السودان بدعم متمرديه وانطلاقهم من الجنوب وتوفير الملاذ وقواعد الانطلاق لهم، ويلاحظ هنا ان التأكيدات التى ثبتت في جنوب كردفان بالعثور على جنود جنوبيين (من سحناتهم وهوياتهم الشخصية) شاركوا فى الهجوم على تلودي، وأموال (عملة جنوبية) وأسلحة وذخائر ومهمات خاصة بجيش جنوب السودان، هذه التأكيدات التي تعتبر فى التعريف القانوني (أدلة مادية) جعلت من إمكانية إدانة جمهورية جنوب السودان وفق الشكوي السودانية المقدمة ضدها مسألة راجحة ومن ثم كان لزاماً على أصدقاء جمهورية جنوب السودان – وواشنطن من أقرب هؤلاء الأصدقاء – ان يسارعوا بقطع الطريق على الشكوي بشكوي مضادة تتولاها الأممالمتحدة نفسها على ان تدعمها واشنطن بقوة، وهو ما حدث بحذافيره! من جانب ثالث فان رايس لديها رغبة محمومة ودفينة بلغت ذروتها عند زيارة الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن للمنظمة قبل نحو أكثر من عام لوضع قوات دولية على حدود البلدين وهو ما رفضه السودان بشدة وما يزال، فى حين دعم قادة جمهورية جنوب السودان الرغبة الأمريكية ولهذا فان رايس فيما يبدو وجدتها سانحة نادرة لكي تمهد بالقرار الأممي لاستجلاب قوات دولية ترابط على الحدود بقصد التضييق على السودان من جهة والعمل على نزع المناطق المتنازع عليها تدريجياً. من جانب رابع وأخير فان واشنطن التى فقدت كافة أوراق الضغط على الخرطوم جراء مماطلتها فى وعودها، تريد القفز على وعودها بالزانة إذا جاز التعبير بحيث تحول الاتجاه الى وجهة مختلفة كلية تقف فيها موقف الطالب بدلاً من موقف المطلوب الحالي. بمعني أوضح تريد واشنطن إعادة تسويق بضاعة تخص السودان الى السودان نفسه عسي ولعل ان تربح وتنتعش تجارها السياسية التى تعاني الكساد.