اتسعت بشكل لافت فيما يبدو الشقة بين الشمال والجنوب خلال الاسابيع الفائتة، وتصاعدت الحرب الكلامية وحدة التلاسن وكيل الاتهامات بين الطرفين على خلفية انفجار الاوضاع بالنيل الازرق، ومن قبل التصاعد العسكرى بجنوب كردفان واتهمت دولة الجنوب السودان الشمالى بقصف لاجئين جنوبيين على الحدود ، فيما نفت الحكومة السودانية الامر بشدة واتهمت الجنوب بالتصعيد وتأليب المجتمع الدولى عليه وتحريض الادارة الامريكية باستصدار قرار ضد السودان والاستجابة للمطالبات بفرض حظر على مناطق النزاع . هذه التوترات، واجواء عدم الثقة بين الشمال والجنوب التى سادت بجانب الاعلان عن نشر حشود عسكرية جنوب حدود منطقة ابيى فى خطوة اعتبرها مراقبون تهدف للتصعيد ،فيما اكد مالك عقار استعداد قواته لاشعال حرب العصابات بالنيل الازرق ، اضافة الى دعم الجنوب تحالف كاودا . فكل هذه الاجواء جعلت بعض المراقبين يشيرون الى انها اجواء مواتية لعودة الحرب من جديد بين الشمال والجنوب، وابانوا ان الحرب ربما تكون سيناريوهاتها هذه المرة تختلف تماما عن السابقة خاصة وان الجنوب استقل واصبح دولة معترفا بها ، وربما يجد دعما غير محدود من بعض الدول، بينما أكتسبت القوات المسلحة خبرات قتالية متقدمة، وهى التي تملك قبلاً خبرات فوق المعدل في التصدي لمحاولات الإعتداء عليه التي غالباً ما ترتد إلى الخصم. ولكن خبراء عسكريين استبعدوا عودة الحرب مرة اخرى وبرروا ذلك بالاوضاع الراهنة التى يواجهها الطرفان والتى لاتسمح بالمواجهة العسكرية، فالجنوب يعانى من انشقاقات داخل الجيش الشعبى، ومواجهات عسكرية بين منشقين وقوات الجيش الشعبى بجانب الضغوط التى يعانيها الجنوب لبناء دولته الوليدة إلى جانب المجاعة التي تضرب العديد من أجزائه. واشاروا الى ان الشمال كذلك، يمر بمرحلة دقيقة فى جانب النزاعات بمناطق النيل الازرق وجنوب كردفان والضغوط الاقتصادية. وهو الأمر الذي يجعل كلا الطرفين غير مستعد للمواجهة العسكرية الصريحة بجانب انهما ذاقا ويلات الحرب السابقة . وأستبعد اللواء (م) محمد عباس الامين الخبير العسكرى ل(ألرأى العام) تماما نشوب حرب بين الشمال والجنوب، لذلك لم يشأ أن يرسم سيناريوهات لحرب قال أنه لا يتوقعها. واعتبر ان كل ما يدور الآن، لا يعدو كونه مناكفات سياسية لا يتوقع ان تصل مرحلة الحرب لان لكل دولة مشكلاتها التى تجعلها تتفادى اللجوء للحرب، فالجنوب لن يغامر بدخوله معارك عسكرية مرة اخرى لان ذلك يفقده الكثير ويحتاج لخبراته البشرية لبناء دولته الوليدة، وان الشمال يواجه قضايا سياسية معقدة تجعله يتفادى خيار الحرب. وبينما توقع البعض احتمال اندلاع الحرب بسيناريو حرب العصابات، الا ان عباس استبعد ذلك فهذا النوع من الحروب لابد ان تتوافر فيه شروط يصعب وجودها الآن على الميدان سواء بالجنوب او الشمال كوجود مليشيات مسلحة وامكانيات متقدمة فى جانب الاتصالات والحركة بجانب ضرورة توفر الامكانات المالية الضخمة، وهذا ما لا يتوافر الآن للجنوب . فالشريط الحدودى لابد ان يكون آمنا لتمرير الغذاء وتصدير البترول، لذا فمن غير المتوقع ان يتحقق سيناريو حرب العصابات. وفى ذات الاتجاه، تحدث اللواء (م) عبد الرحمن ارباب الخبير العسكرى ل (الرأى العام) الذي إستبعد بدوره نشوب الحرب بين الشمال والجنوب. واعتبر ان الذى يحدث من توترات وتصعيد عسكرى نتاج طبيعى لعدم ترتيب الاوضاع بين شمال السودان وجنوبه قبل الانفصال. واضاف ان الذى يحدث الآن بتحريك خارجى وليس وليد اليوم، وإنما يجري منذ ما قبل توقيع اتفاقية نيفاشا بغرض استنزاف موارد السودان، استنزاف سيستمر باستمرار المعارك المحدودة بين الدولتين والتى لن تتطور الى حرب مواجهات لان الطرفين ذاقا مرارة الحرب ومآلاتها لذا لن يتعدى ما يحدث الآن مرحلة التفلتات العسكرية المحدودة بجانب ان المجتمع الدولى من مصلحته الا تتطور الى حرب مواجهات . فهو يسعى فقط لاستنزاف الدولتين بالتفلتات المحدودة. وفيما يتوقع اللواء أرباب أن تكون الحرب محدودة بين الدولتين في حال قيامها - المستبعد برأيه- فيتوقع العميد احمد الجعلى اللجوء الى طاولة المفاوضات اكثر من سيناريوهات الحرب. فالجنوب برغم التصعيد العسكرى الا انه لاتزال مصالحه مشتركة مع الشمال، واعتبر ان هذه من الكروت التى يمكن ان تستخدم للجلوس للتفاوض بدلا عن المواجهة العسكرية. وتوقع ان تتجه الامور ناحية التهدئة السياسية لذلك يستبعد اى سيناريو للحرب سواء كانت حرب عصابات، او حرب مواجهة صريحة بين جيشين . مراقبون اشاروا الى أن نتائج الحرب غير مضمونة سواء للجنوب او الشمال. وخاصة الجنوب الذى يعول كثيرا في المحافظة على دولته وهو ما يجعل دخوله فى مغامرة عسكرية قد تفقده ما حققه من مكاسب بعد الانفصال، أمراً بعيد الحدوث. وبالتالى فمن المتوقع أن يكون السيناريو هو إستمرار التنسيق بين الجنوب والقوى الغربية لاستنزاف اقتصاد الشمال بغرض انهياره وانفجار الازمات بدارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق واسقاط النظام ولكن لن يغامر بدخول مواجهة حرب. ولكن خبراء عسكريين واستراتيجيين اشاروا الى سينايوهات عديدة لاندلاع حرب بين الشمال والجنوب ولم يستبعدوا حدوثها حتى فى وقت قريب لان الحركة الشعبية تعانى من مشكلات داخلية عديدة الى جانب ان النخب السياسية تعارض سيطرتها على الاوضاع السياسية بالجنوب ، بجانب البعد القبلى وصراع المليشيات منذ ما قبل اتفاقية السلام . واشاروا الى ان هذا الضعف يجعلها رهينة للمجتمع الدولى وبالتالى لابد ان تنفذ له اجندته التى ربما كان من بينها اشعال الحرب مع الشمال . وفى هذا السياق، قال الفريق (م) محمد بشير سليمان الخبير العسكرى ل(الرأى العام) ان كل السيناريوهات متوقعة اذا اشتعلت الحرب بين الشمال والجنوب . وابان ان الحركة الشعبية التى لديها التزامات تجاه القوى الاقليمية والدولية التي تتلقى منها الدعم ولابد ان تستخدمها في قيادة الصراع المستمر مع الشمال. واعتبر ان ما يدور الآن بجنوب كردفان والنيل الازرق هو جزء من المخطط . ومعروف ان الحركة الشعبية تواصل دعمها لحركتى الحلو وعقار وهذا الامر ربما تطور الى صراع مسلح مباشر بين الدولتين. واشار الى ان سيناريوهات هذه الحرب تتلخص فى حرب عصابات لاستنزاف اقتصاد الشمال اضافة لدعم حركات دارفور، والسيناريو الثانى هو أن تكون حرب مواجهة بدعم مالى دولى، اما السيناريو الثالث فهو أن تتمادى القوى الدولية في سياسة إزدواجية المعايير وتقوم بتدخل اممى تحت مظلة البند السابع تنحاز فيه للجنوب، وحركته الشعبية بصورة مكشوفة، كما تفعل في أغلب الأحيان. نقلا عن صحيفة الراي العام السودانية 20/11/2011م