تبدت إجابة وزير الداخلية في المخيلة وطائرة الانتينوف تحلق في فضاء صحراء شمال كردفان في طريقها الي الأبيض ووزير الطرق والجسور المهندس عبد الوهاب محمد عثمان يعتزم تفقد أوضاع مدينة تلودي التي تعرضت لهجمتين من قبل تمرد "الحلو "في محاولة للسيطرة عليها وقد سيطرت علي ذهنية "الحلو "العسكرية انه بعد نجاح الثورة الليبية التي انطلقت بعد السيطرة علي مدينة بنغازي واختار الحلو مدينة تلودي عوضا عن فشله في السيطرة عل بالعاصمة كادقلي .. *في مطار الأبيض استقبل معتصم ميرغني حسين زاكي الدين الوزير الاتحادي بحفاوة باللغة والمدينة التي تغوص في رمالها تهب عليها نسمات الشتاء البارد بعد فصل خريف شحيح ولم يتأمل الساسة بعد مالات موسم لم يمتلئ فيه قندول العيش إلا ب"البتاب ". والوزير عبد الوهاب محمد عثمان لم يبق في منزله في انتظار إعلان التشكيل الوزاري الجديد مثل غالب الوزراء وهم يعيشون ظروفا صعبة لا يعرف نصفهم مصيرهم بعد بينما الذين يعتبرون وجودهم في الجهاز التنفيذي حق الهي وطبيعي لأنهم ثوابت الثورة والدين والوطن .هؤلاء لا يجزعهم تعديل وزاري ولا تغير كامل ..ولكن الطائرة العسكرية المروحية وقائدها كابتن مقدم "محمد الأمين "احد فرسان قواتنا الجوية يستقبل الوفد بترحاب وابتسامة رضا ..بيد ان مدير مكتب وزير الطرق والجسور المدعو محمد عيسي زكريا سعي لإقصاء الصحافيين عن الرحلة بدعوي ان عدد مرافقي الوزير كبير من المهندسين وموظفي الوزارة ولكني رفضت المبدأ والفكرة وقررت سحب الزميلين بهرام عبد المنعم وادم محمد من الأخبار والعودة للخرطوم والمسؤولية النقابية تقتضي الدفاع عن زملاء المهنة من تهجمات بعض الموظفين ولكن مدير مكتب احمد هارون المقدم أسامة عثمان وضع حدا لتصرفات موظف لا تشبه وزير بخلق وتواضع عبد الوهاب عثمان فانسلت الطائرة المروحية بين جبال "الداير "وأبو الحسن الذي أقام التمرد في أطرافه معسكرا لتهديد مناطق الرشاد ..وتبدت من الارتفاع المنخفض لطيران المروحية منطقة الفيض التي هجر نصف سكانها القرية وبقي النصف الأخر في انتظار ما تسفر عنه الأيام القادمات وتم تحليق الطائرة فوق مدينة أبو جبيهة التي تتكئ علي شاطئ اكبر المجاري المائية وأطولها ..وقد كنست المدينة آثار المعتمد السابق موسي كجو بطريقتها الخاصة فأحالت منزله لتراب تذروه الرياح .. *تلودي افراح واتراح ! هبطت الطائرة المروحية وسط مدينة تلودي التي تبدي عليها الحزن الممزوج بالصمود وتحدي الصعاب وقد طغي علي الملابس الازياء العسكرية وانتشر المجاهدون من قوات دفاع شعبي تلودي في الطرقات والوالي احمد هارون يستقبل الوزير بكامل اعضاء حكومته من وزراء وكبار موظفي الدولة ..ومكتب معتمد تلودي مشرع الأبواب للرياح والتربة وذرات المطر في فصل الخريف ..والمدينة التي تعرضت لأول هجمة من التمرد في السادس من يونيو الماضي حينها صوب مكون الحركة الشعبية في القوات المشتركة بنادقهم لصدور زملائهم من مكون القوات المسلحة وتصدت تلودي ببسالة ل"الهجمة "بدلا عن الإذعان للنجمة والتصويت لصالح "الحلو "الذي خير سكان الولاية ما بين الهجوم العسكري أو التصويت له حتى يكتب لهم النجاة ولكن أسرة واحدة من تلودي تقدم اثنان من فلذات كبدها المقروح شهداء من اجل المبدأ والفكرة والضمير والإنسانية وخالد دفع الله يواري الثري شهيدا في هجمة الحلو الأولي وفي الهجمة الأخيرة تصعد روح شقيقه "النذير "والآن يقود المجاهدين الشقيق الثالث علي دفع الله ..صامد كجبل تلودي ولكن شفاه علي اعتراها الجفاف ونحل جسده ولم توهن عزيمته والأسرة الصابرة المكلومة تدافع عن المدينة بشرف والأمير محمد إبراهيم شمشم والأمير عبد الله إدريس في الليري يستعيدان الق الشباب وعزيمة الكبار التي قهرت التمرد في لهجمة الأولي حينما لم تنهض عزيمة القتال بعد ومابين مصدق ومكذب لانهيار تفاهمات الحلو وهارون التي شيدت جسرا متينا من الثقة المتبادلة في وقت كان الحلو يضمر في نفسه مطامع لاحتلال المدن الكبري والاستفادة من مشروعات طرق شيدتها الحكومة المركزية ..عرفت بمشروعات دعم الوحدة ومليارات الدولارات أنفقت وعشرات الكيلومترات من الإسفلت والشوارع الترابية قد اكتملت والشعب السوداني مغيب عقله عن انجاز كبير جدا ولا يعلم لجنوبيون شيئا عن الطريق الذي بات قريبا من الوصول الي تنجا من الليري وكادت ان ترتبط المجلد بأويل ولكن مشروعات دعم الوحدة أفسدتها "العقلية "الأمنية التي كانت تشرف علي المشروعات .. وسعي الحلو لاحتلال تلودي في المرة الأولي حتى يستنفذ من طريق تلودي الليري تنجا في أعالي النيل لامداد قواته بالعتاد العسكري تمهيداً لزحف علي طريقة ثوار ليبيا حتى الخرطوم أو هكذا حدثت نفس الحلو بأماني وئدت في الهجمة الأخيرة، حيث فقدت القوات من منطقة بحيرة أبيض وهي مزيج من الزغاوة والنوبة ((مرتزقة)) من دولة جنوب السودان يقودهم العقيد سايمون أقوير، وتخفي الحلو بعيداً عن لهيب المعركة حتى ارتدت اليه قواته وهي تولي الأدبار بعد معركة استبسلت فيها نساء تلودي في الزود عنها .. لتسيطر محاولات غزو المدينة تاريخاً جديداً في سفره! * أعلنت الشركات الأربعة العاملة في مشروع دعم الوحدة الموءودة عن انتقالها من الدولتين الى الاتجاه شمالاً، وأكد مندوبو الشركات في الاجتماع الذي ترأسه الوزير عبد الوهاب محمد عثمان اعادة العمال والمهندسين للحقول وبدء العمل في طريق تلودي كالوقي في غضون أسبوعين، وتعهدت شركة صادق للطرق والجسور وشركة مام وشركة سودان بابل وشركة دانفوديو أمام وزير الطرق بالعودة للعمل، فيما أعلن مولانا أحمد محمد هارون والي جنوب كردفان عن استنفار قوات الاحتياطي المركزي لحماية معسكرات الشركات وحماية الآليات حتى تكتمل المشروعات قبل حلول فصل الخريف في تموز يوليو القادم.. * صورة ومشاهد من تلودي:- أهازيج بلهجة النوبة المورو والنوبة كرنقو تغني بها أبطال الكتيبة ((254)) وهم يحملون قادتهم على الركشات ويعانقون الوالي واحداً بعد الآخر في احتفالية انتصار القوات المسلحة ... وكشف هارون سر الحميمية والود بينه والكتيبة التي يثير اسمها الرعب في أوساط المتمردين، وأغلب مكونات الكتيبة من فرسان مناطق كرنقو عبد الله وشات الدامام وشات الصفيا وام دورين وهم يتوقون لتحرير تلك المناطق في صيف ساخن ينتظر الحلو الذي خطف أكثر من ((40)) فتاة من كادقلي ... وبدأت المحامية عفاف تاور مافي اتخاذ اجراءات قانونية تمهيداً لتقديم مذكرة للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الانسان من أجل استعادة بنات النوبة اللائي تعرضن للخطف ومصيرهن لا يزال مجهولاً .. رغم صمت اتحاد المرأة والتنظيمات النسوية تنشط عفاف تاور وحدها في قضية تتطلب جهداً كبيراً من الجميع. * الدكتور أحمد زكريا مدير ادارة الطوارئ بوزارة الصحة يقود وفداً من الأطباء والاخصائيين في مواقع العمليات المتقدمة، وأثني الوزير عبد الوهاب عثمان على اداء الاطباء والفنيين الذين يهرعون الى المواقع المتقدمة لاسعاف جرحي العمليات تطوعاً دون مقابل، وقد اثبت د. أحمد زكريا همته وعزمه على قهر الصعاب، وقد تقدم د. أحمد باستقالته من قبل نقابة الأطباء حينما تبدي له ((قلة حيلة نقابة كبلو)). * والدكتورة أسماء تية وزيرة الصحة وحدها في تلودي الى جانب القوات المسلحة والمجاهدين .. وفي كل يوم تبرز مواهب وقدرات لوزيرة جاءت لكرسي السلطة وفاضت قدراتها... * رغم العمليات العسكرية ومشقة الوصول لتلودي فان الآلاف من ابناء السودان يقهرون الفقر بالتنقيب عن الذهب في مناطق أم دوال شرق تلودي، ولا تزال معسكرات البحث عن الذهب الأصفر تتمدد في التلال الصغيرة! * في بواكير التسعينات كان ((قاسم)) الضابط الشاب يتولي منصباً قيادياً في منطقة شباب الوطن في مدينة ملكال التي وصلها ضمن افواج المجاهدين، ومنذ ذلك الحين لا يزال ((قاسم)) في مناطق الشدة ولم يتسع له كرسي الوزارة والمحلية! * تلودي ((غنوة)) على لسان فرسانها: أرجينا بنجيك موحدين صادقين شايلين المدافع وبي السما طايرين صواريخنا بتثكل بتطرش الاضنين وفي ((كاودة)) نقيف ليك بي النصر هازين ديل اولاد تلودي حشاك لا أتزاق لا زيف وديل الكلهم ضناديد وأصلو شريف ديل دخريك لي ساعات القتال والحيف وديل دفقة ينابيك شهور الصيف * هذا يكفي أم نزيدك في مقبل الأيام يا سروس الجبال: شوفي معزنك كيفن عزيزة علينا شوف عزمنا لي الحمل الوقف راجينا بنشرفك يا تلودي طوال ايدينا ولا ينغطي بالطين والعجين اضنينا. نقلا عن صحيفة آخر لحظة بتاريخ :22/11/2011