المشهد السياسي السوداني يضج بالكثير من المتغيرات والقضايا، خاصة بعد انفصال جنوب السودان واندلاع حربيّ النيل الازرق وجنوب كردفان؛ ومع تباشير تكوين حكومة سودانية عريضة وإعلانها، من الواضح والجليّ يظهر ضعف المعارضة السودانية أو خاصة تحالف المعارضة بقيادة الأستاذ فاروق ابو عيسي والأستاذة مريم الصادق ويبدو أن المعارضة أضحت تتخبط فى معارضتها ولا تجد مواقف سياسية واضحة تجاه قضايا الداخل وخاصة بعد التصريحات التى جاءت مخيبة لآمال المعارضة السودانية من جانب المبعوث الأمريكي برنستون ليمان مع ان الولاياتالمتحدة ليس لها أهداف او مصلحة فى تغيير النظام، أضف الى ذلك تصريحات من جانب الحكومة السودانية والمتنفِذين وإتهامهم للمعارضة بعدم الولاء للوطن وان الشارع والمواطن السوداني ليس بالسذاجة ليتابع او يحاول مع المعارضة تغيير النظام. وبالرغم من ان السودان يعاني من بعض المشكلات والتدهور الواضح فى اقتصاد الدولة بعد فقدان داعم رئيس هو النفط الذى فقد ثلثيّ إنتاجه مع انفصال دولة جنوب السودان الذى حدث مؤخراً. المفاوضات والتشاكسات بين الدولة الأم والسودان حول قضايا ما بعد الانفصال إلا ان كل ذلك إشارة على وجود الدوافع الفعلية والأسباب الموضوعية لتحريك راكدة الثورة السودانية فى الداخل، إلا ان عدم ثقة المواطن السوداني البسيط خاصة أن الأجواء المحيطة عربياً تمور بما أُصطلح عليه سياسياً (بربيع العرب)؛ إن المعارضة لم تجد ما تمول به تجارتها السياسية وأصبحت تتداعي وتتسوّل القضايا الداخلية الوطنية. وبتوجيه منظار المشهد السياسي نحو قضية (المناصير) التى أخذت زخماً إعلامياً داخلياً وذلك من خلال تناول بعض الوسائل الإعلامية الداخلية للقضية. وإذا أجلنا النظر فى القضية التى هى فى الأساس من ضمن القضايا التى تصنف بأنها مطلبية وخدمية، طرحت القضية لتناول الحكومة وقُوبلت بالاهتمام الرسمي من جانب الدولة علي أعلي مستوياتها بدءاً من الرئيس مروراً بالإدارة المحلية، وأساس المشكلة التأخر فى التنفيذ من الجهات التنفيذية وأصبح التنفيذ يسير بطريقة وصفها البعض بالسلحفائية، مما أثار حفيظة مواطني المنطقة (أصحاب القضية هم أبناء المناصير) ويحتجون على ضعف التعويضات و يرغبون فى الإقامة حول بحيرة السد التي تشق الصحراء بحوالي سبعين كيلومتر. المهم فى الطرح ان بعض المنسوبين لقيادات المعارضة أرادت إدخال القضية أو بوصف أدق إلباس القضية العباءة السياسية للتكسب من خلفها وبالرغم من ان أصحاب القضية ثاروا باحتجاجات وإعتصامات أمام المراكز الإدارية واستخدموا أسلوباً عصرياً فى التعبير ولم يقطعوا طريقاً معبداً ليلفتوا أنظار الشعب الى محنتهم ولم يتركوا قضيتهم للأحزاب السياسية المعارضة حتى تقات من محنتهم وتعاملوا مع بعض الجهات محلية وخارجية حاولت إثارة القضية وأرادت استغلالها سياسياً وسعت لتحويلها لسلعة تدوّل من خلالها القضية المطلبية! تحالف المعارضة يبدو أنه يحاول جاهداً ان يدخل نفسه فى القضية للإستهلاك السياسي وتحريك الشارع إلا ان أصحاب القضية رفضوا التدخل فى قضاياهم واستغلال القضية فى اى نوع من أنواع الأجندة السياسية والتكسب من خلالها، وخاصة ان وضع السودان الداخلي لا يسمح بدخول فاعل خارجي؛ ومن الواضح فطنة أبناء المناصير للتفريق بين المواقف الوطني الواضحة وما هو شأن داخلي.