على ما يبدو لم تكن المرة الأولى التى يتلقى فيها متمردو الحركة الشعبية إمدادات ومعونات عسكرية من منظمات أجنبية وصفت بأنها تقوم بأعمال مشبوهة تحت غطاء العمل الإنساني وحفظ السلام بحسب المهام الموكلة لها. فحينما كشف والي جنوب كردفان مولانا احمد هارون عن اختراق طيران اجنبى يتبع لبعض المنظمات المشبوهة والشركات الأجنبية لأجواء ولاية جنوب كردفان لم تكن هذه الاختراقات الأولى من نوعها فقد أفشلت الاستخبارات العسكرية فى وقت سابق عملية إمداد لقوات الحلو حاولت ان تقوم بها طائرة تابعة لبعثة اليونميس لتزويده براجمات ومدافع وكمية من الهاون، بجانب إفشال عمليات أخرى هدفها نقل مساعدات عسكرية لقوات الحركة الشعبية بجنوب كردفان . ولم تتوقف اختراقات الطيران الأجنبي عند نقل المعينات العسكرية فحسب بل كانت الطائرات الأجنبية تقوم بإجلاء جرحى قوات الحركة الشعبية الأمر الذي اعتبره بعض الخبراء في القانون الدولي بأنه يعد خرقاً للأعراف و المواثيق الدولية وانتهاكاً لأجواء و سيادة السودان ، بجانب انه يخالف قوانين العمل الطوعي الذي يجب ان تحترمه تلك المنظمات بحسب رأي الخبراء . آخرون أشاروا إلى ان اختراق الطيران الأجنبي للأجواء السودانية لا يقتصر على السودان فحسب بل ان دولاً كبرى مثل أمريكا لم تستطع منع الطيران الأجنبي من اختراق أجوائها .. وبذات القدر فإنها تقوم بذات الفعل حيث إنها كانت تخترق أجواء الاتحاد السوفيتي فى السابق وما زالت تخترق الكثير من الأجواء الدولية الأخرى . وبرغم ان أنصار هذا الرأي قللوا أهمية مثل هذه الاختراقات الا ان آخرين شددوا على أهمية ان تحطات الحكومة لأي اختراقات تحاول ان تقوم بها جهات أجنبية وتعمل على كشف نوايا الدولة التى تقوم بهذا الفعل حتى تتصدى لها ان كانت تملك أدوات التصدي وقدرات تماثل قدرات الدولة المعتدية . وقال الخبير العسكري اللواء د.محمد عباس الأمين ل(الرأي العام) من الصعب ان يمنع السودان اى طيران من الاستطلاع عبر أجوائه لان التطورات العلمية والتقنية لا نستطيع مجاراتها فاليوم توجد طائرة بدون طيار فى إيران وباكستان وأمريكا ولا يمكن التصدي لها بالدفاع المدني بإمكاناتنا المتواضعة ، وأضاف: ان الدول الكبرى هي الأخرى تتعرض لاختراقات فى أجوائها ولكن السودان ينبغي ان يكشف ما وراء الاختراق لأجوائه والدولة التى تستبيحه حتى يضع ما يتوافر له من إمكانيات للتصدي له ، وقال ان مثل هذه الاختراقات حدثت مرات عديدة ولكنها لم تكن بصورة مباشرة او ربما لم تكشف للإعلام بشكل واضح .. وقال ان بعض المنظمات الأجنبية تستغل أوضاعها وأحياناً كثيرة تحيد عن مهامها وتقوم بنقل مساعدات عسكرية عبر طائراتها . بعض الخبراء القانونيين استنكروا ان تقوم بعض المنظمات الأجنبية باختراق الأجواء السودانية و لو على سبيل تقديم مساعدات للحركة الشعبية لأن ذلك يتنافى مع المواثيق الدولية التى تنص على حفظ سيادة البلاد بجانب ان ذلك يتعارض مع الأعراف والقوانين الطوعية التى تحرم حيادة عمل أية منظمة عن أهدافها التى جاءت من اجلها . ولأن حرمة الأجواء والمجال الجوي لأي بلد يجب ان تحترم وفقا للمواثيق والقوانين الدولية ولا يجوز انتهاكها فاستخدام الأجواء لأي غرض ينبغي ان يتم بما نصت عليه تلك القوانين وانتهاكها يعني انتهاك سيادة البلد. واعتبر العميد(أمن) أحمد الجعلي ان مثل هذه الاختراقات ينبغي ان تتصدى لها الدولة ولا تقتصر على حديث والي جنوب كردفان فقط لأنها تمس سيادة الدولة ككل وليس ولاية جنوب كردفان فحسب وان تقوم الدولة برفع الأمر إلى مجلس الامن حال التأكد من الفعل عبر عدة جهات كالاستخبارات العسكرية والطيران المدني ، وأضاف فى حديثه ل(الرأي العام) ان الأمر يعتبر اختراقاً امنياً مرفوضاً وانه فعل يتنافى مع الأهداف الانسانية التى جاءت من اجلها تلك المنظمات واعتبره تجاوزاً لا يتسق مع الأهداف الطوعية والأمنية لحفظ السلام التى يجب ان تضطلع بها هذه المنظمات . وأضاف ان الأهم من ذلك الناحية الأمنية التى يجب ان تراعيها أية منظمة أجنبية أثناء أدائها لعملها سواء أكان إنسانياً او طوعياً .. وأشار إلى الشكوك التى لازمت كثيراً من المنظمات الأجنبية التى تعمل بالسودان لأغراض إنسانية خلال الفترة الأخيرة وتواترت الأنباء عن سلوكها الذي يتنافى مع أهدافها المعلنة ويخالف المواثيق الدولية والقوانين الطوعية بالسودان وتكررت الشكوك والشبهات حولها واعتبرها منظمات تتبع لدول ربما تكون مجاورة ما يعني تورطها فى تعقيد أزمة جنوب كردفان بدلاً عن السعي لحلها واعتبره توجها خطيراً لتدويل المشكلة وتعميق الخلاف بالولاية فوجود نشاط لطيران أجنبي يعني توافر دعم لحركات متمردة بهدف تقسيم البلاد أكثر وأكثر ، ونبه إلى أهمية ان تتخذ الدولة إجراءات حاسمة وحازمة تجاه تلك المنظمات للحد من هذا العمل العدواني والتخريبي الذي هدفه تشرذم السودان . ومهما يكن من أمر فان اختراق طيران أجنبي للأجواء السودانية وان كان تحت غطاء العمل الإنساني او حفظ السلام ربما يكرس لعمل آخر اشد وقعاً وأكثر إيلاماً ليس على ولاية جنوب كردفان فحسب بل قد يؤثر على أمن وسيادة السودان ككل بحسب ما يرى خبراء عسكريون ومختصون فى العمل الاستخباراتي . نقلا عن صحيفة الراي العام السودانية 19/12/2011م