اقتربت ساعة الحسم يا صديقي ولديّ شعور قوي بأن حدثًا جللاً سيقع إما في مصلحة جنوب السودان أو ضده، وهذا الحديث ليس للنشر».. آخر الكلمات التي ما زال صداها يئن متكررًا على أذني وأنا أتلقى في ساعة مبكرة من صباح يوم الثلاثاء نبأً عن مقتل الفريق الصديق جورج أطور دينق، كلمات قالها لي الفريق أطور وأنا أهم بإنهاء مكالمة جمعتني به قبل فترة بسيطة بغية إجراء حوار بشأن المباحثات الأخيرة مع الحركة الشعبية في نيروبي. ورغم وصيته الأخيرة بعدم نشر أجزاء واسعة من الحوار إلا أن مقتله ربما يشفع لنا بمخالفة تلك الوصية ونشر بعض الحديث الخاص الذي ظل الفريق أطور يشدِّد على عدم نقله للناس، البائن أن الفريق قضى أجله لكن على وجدان الكثير من أبناء جنوب السودان تظل قصته نبراسًا للنضال والكفاح والشجاعة تحمل في طياتها قصة أقرب للخرافة والخيال عن مقاتل حقق «71» نصرًا كاملاً دون تحقيق خسارة واحدة في معركة أدارها وفق ما يقول الكثير من المقربين إليه «الإنتباهة» تكشف الكثير المثير عما جرى قبل وبعد عملية تصفية الفريق أطور. رصاصتا النهاية وضعت رصاصتان على الرأس نهاية حياة الفريق جورج أطور، وكانت الأولى لإنهاء حياته المشاكسة والمتمردة على نظام جوبا، بينما أُطلقت الثانية للتأكد من وفاته، الفريق كان يرتدي حلة زرقاء اللون ولا يحمل أغراضًا شخصية كثيرة، قُتل وهو يقاوم بشدة بعد هجوم عنيف تعرض له في أحد فنادق كمبالا يوم الإثنين في تمام الساعة السابعة مساء بالتوقيت المحلي للعاصمة الأوغندية. الرحلة القاتلة تلقى الفريق جورج أطور اتصالاً هاتفيًا من الرئيس الأوغندي موسفيني أطلعه فيه على ضرورة حضوره إلى العاصمة كمبالا للتباحث في عدد من الأمور لايدري أحد كنهها غير الفريق أطور، وعقب اجتماعه مع القيادة أعلن قادة الثوار رفضهم لسفره، بيد أن أطور تمسك بأهمية الانتقال إلى أوغندا لجهة وضع حد أخير لإمكانية الحوار مع النظام في جوبا، انتقل أطور حسبما روى القائد خالد بطرس ل«الإنتباهة» أمس قصة اغتياله بدقة إلى كمبالا عبر الخطوط الجوية الإثيوبية من إحدى العواصم الإفريقية التي وصل إليها عبر البر وعن طريق السيارات وترك أطور عددًا مقدرًا من حراسه الشخصيين بتلك الدولة نسبة إلى افتقار العديد منهم للأوراق الثبوتية للسفر، وانتقل إلى أديس أبابا يوم الأحد الموافق 18 ديسمبر ووصل بعدها إلى كمبالا واستقر بأحد الفنادق وكان في رفقته شخص يدعى تومس دوت.. والرواية هنا لبطرس، انتقل الاثنان إلى الفندق وأجرى الفريق أطور اتصالاً هاتفيًا بالقيادة وعدد من القيادات بصفوف الثوار وأسرته أبلغهم عبره بوصوله إلى العاصمة الأوغندية. وسيط قاتل يقول القائد خالد بطرس «بعد ساعات من وصوله هجمت مجموعة عليه وهو بمفرده في الغرفة ورغم كبر سنه إلا أنه قاوم بشدة»، ويلفت بطرس إلى أن المجموعة قامت بإطلاق رصاصتين فقط على رأسه اردتاه قتيلاً على الفور، وعقب ذلك أُخذ جثمانه ونُقل إلى الحدود مع جنوب السودان، متهمًا في الوقت نفسه شخصًا يدعى تومس دوت بأنه ضابط يحمل رتبة المقدم باستخبارات الجيش الشعبي أكمل مخطط اغتيال الفريق أطور، ويضيف أنه عنصر استخباري تلقى تدريبًا عاليًا في الولاياتالمتحدة وحضر إلى جوبا قبل شهر من الآن ويحمل الجنسية الأمريكية، وينوه بأن مصادر الثوار في أوغندا فقدت أثر تعقبه بعد ساعات من مقتل أطور لكنه عاد وقال إنهم يجرون عملاً استخباريًا للبحث عن المقدم تومس ومكان وجوده الآن. الانتقال للحدود اتفقت رواية القيادة العليا للثوار في بيانها أمس مع رواية القائد خالد بطرس فيما يختص بتصفيته داخل كمبالا ونقله إلى الحدود الأوغندية مع جنوب السودان لخلق سيناريو اشتباك بينه وبين الجيش الشعبي، ويردف بطرس: «علمنا أن المقدم تومس الذي كان برفقة أطور داخل الفندق بكمبالا قد أجرى اتصالا بعد دخول أطور للغرفة» ويمضي قائلاً: «اتصل المقدم بجيمس هوث الذي بدروه اتصل بالرئيس سلفا كير في واشنطن» ويؤكد بطرس أن سلفا كير أمر وزير الدفاع بتصفية أطور فور رؤيته دون نقاش، ويقول: «نقل هوث التعليمات للمقدم الذي مررها للمجموعة لتقوم بالهجوم على أطور وتصفيته فورًا». روايات كاذبة دمغ القائد خالد بطرس رواية حكومة جنوب السودان الرسمية بشأن مقتل الفريق جورج أطور ب«الكاذبة» وقال إن جثمان أطور لا تظهر عليه أي آثار قتالية بحسب إفادات عناصرهم الاستخبارية في جوبا وقطع بأن التصفية تمت بالفندق، ويضيف أن أطور ولج إلى غرفته في تمام الساعة الخامسة والنصف من مساء الأحد 18 ديسمبر وأجرى اتصالات في تمام الساعة السادسة مساءً، وتم الهجوم عليه في تمام الساعة التاسعة مساء، ويلفت الى أن موضوعات نشر خبر مقتله نالت يومًا كاملاً وهو يوم الإثنين ليتم الإعلان عن مقتله رسميًا في جوبا. أطور استُدرج قال القائد خالد بطرس إن الفريق أطور تم استدراجه إلى يوغندا بغية قتله، ويشير إلى أن قوات الثوار لا توجد بالولاية الاستوائية البتة ويجزم بأن الحديث عن وقوع اشتباكات بينها وبين الجيش الشعبي في منطقة موربو غير سليم، ويضيف: «أصلاً ما عندنا قوات هناك ابدًا ومنعًا للحرج قامت أوغندا بنقله إلى الحدود حتى تضمن موقفها، وفي نفس الوقت تبرئ حكومة جوبا بادعاء الأخيرة عزم أطور قيادة هجوم على جوبا»، ويتابع: «تمت تصفيته وسلم جثمانه على الحدود للحركة الشعبية وماعندنا جيش في الاستوائية أبدًا أبدًا». بيان القيادة حمّلت الحركة الديمقراطية وجيش دفاع جنوب السودان دولة أوغندا مسؤولية مقتل القائد العام لثوار جنوب السودان الفريق جورج أطور، وقطعت بوجود أيادٍ خفية وراء اغتياله توعدت بالكشف عنها لاحقًا، وقالت إن تصفية القائد أطور تمت داخل حدود الدولة بترتيب مع المخابرات المركزية في جوبا، وفيما طالبت جميع مواطني جنوب السودان بالابتعاد فورًا عن مواقع الجيش الشعبي جزمت في بيان أمس تحصلت «الانتباهة» على نسخة منه بقيادة رد وصفته ب«المؤثر» والموجع، ولفت البيان الممهور بتوقيع القائد أيوك أكود أكول إلى أن مصادر الثوار أثبتت أن أطور قٌُتل داخل كمبالا وأن القيادة الأوغندية أجرت اتصالاً بالفريق أطور لزيارة كمبالا، وقال إن المجلس الثوري رفض مبدئيًا سفر قائده أطور إلا أن الأخير أصر على الذهاب، ولفت البيان إلى وصول أطور إلى كمبالا يوم الأحد 18 ديسبمر عبر الخطوط الإثيوبية، ونوه بتلقي القيادة وأسرته اتصالاً من الفريق أطور بعث فيه بتأكيد وصوله إلى كمبالا. ونوه البيان بأن الفريق أطور تمت تصفيته بأحد فنادق كمبالا ونُقلت جثته إلى الحدود بين الدولتين بتنسيق تام بين مخابرات جوبا وكمبالا، وناشد البيان مقاتلي الحركة الثورية بمناطق العمليات ضبط النفس وتماسك الصفوف لحين تحقيق النصر، متوعدًا بالرد الحاسم والموجع والمؤثر على اغتيال القائد أطور. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 22/12/2011م