ان الزيارة التي قام بها السيد سلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان التي استقلت في تموز 2011 لدولة اسرائيل في 20 كانون اول 2011 والتقى قادتها الكبار بدءا من رئيس الجمهورية شمعون بيريز ورئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك وليس انهاء بوزير الخارجية ايفغدور ليبرمان هي نتيجة منطقية لنجاح اسرائيل في مساندة الحركة الانفصالية السودانية منذ امد بعيد على كل الاصعدة الاعلامية والعسكرية والدولية .. وكانت من بين اولى الدول التي اعترفت بها، كما انها دليل اكيد على فشل سياسات الدول العربية جميعا وخاصة مصر في عهد مبارك بين 1982/2012 والذي كان وكيلا لاسرائيل في مصر والعهد الثوري في مصر ما بعد مبارك والذي انشغل في التصدي للثائرات والثوار الذين يريدون بناء مصر حرة وديمقراطية وعلمانية ومتقدمة زراعيا وصناعيا وسياحيا وليبيا القدافي بين 1969/ 2012 والذي افقرالبلاد وجهل شعبها والنظام الثوري الذي جاء بعده والذي يبدو بأنه انشغل في توزيع المغانم والولاءات.. كما انه اهانة لانظمة الخليج وخاصة السعودية التي تحتضن اراضيها مكة والمدينة والتي ترى ان الله في السماء وامريكا في الارض لا يجوز الكفر بها.. وباقي دول الخليج التي امرت بفتح شواطئها للاساطيل الامريكية والاسرائيلية وان تطلق فضائياتها لكي تنشر طروحات عن الحداثة والتطور! ورفعت راية الحرية والتحرير على شكل دولارات نفطية وزعتها هنا وهنالك لشراء ذمم واسلحة لتبديل وجوه قبيحة بأقبح منها تحت شعارات الحرية والديمقراطية الغائبة والمغيبة في كل المشايخ الخليجية مثلما هي غائبة ومغيبة في الجمهوريات الثورية في الجزائر وسورية والجمهوريات التي سرقتها القوى الاورو- امريكية في العراق وليبيا، وفرضت اشخاصا لا يقرون حق الشعوب في الحرية. وعندما اجتمع قادة دول الخليج بين 17و 19من الشهر الماضي هتفوا كلهم ضد ايران الشيعية التي لا تقل سوءة عنهم وضد سورية البعثية التي لم تستفد من اخطاء وجرائم بعث العراق وطائفية صدام. الذي كما هو حال كل الحكام العرب المعاصرين مستعد ان يحكم بدون شعب ولمصلحة الاجنبي دون ان يتعاون ويتحالف ويتآلف مع شعبه الذي يعتبره خصمه الاول، في حين هم عبيد للاجانب، ولكن على ابناء جلدتهم اسود.. كما ان الرئيس السوداني قدم الشكر والعرفان لقادة اسرائيل بقوله لهم ايها السادة لولاكم لما كانت لنا جمهورية.. ونحن نحتاجكم الان اكثر لاستخراج نفوطنا واستثمار مياهنا وتقوية جيشنا وللوقوف بوجه جيراننا من السودانيين الذين لا يزالون يتقاتلون طائفيا وعشائريا في وقت اصبحت مياههم من النهر النيل الازق والنيل الابيض في خطر حيث تتربص بها اثيوبيا واسرائيل التي تسرق مياها من دجلة والفرات والليطاني ونهر الكلب، كما ان الرئيس السوداني الجنوبي الذي ليس اكثر سوئة من الرئيس الدكتاتور عمر البشير طالب القادة الاسرائيليين الذين يملكون امكانات وطاقات واسعة في كل المجالات داخل وخارج اسرائيل بتعاون تقني وصحي وزراعي وصناعي لتصبح دولة جنوب السودان مثل جمهورية ارتيرية خنجرا مسموما اخر يوجه لصدور العرب! ان القضية ليست قضية جامعة عربية ولا مجلس تعاون ولا مؤتمرا اسلاميا، بل هي قضية كون الحكام العرب فقدوا الكرامة والايمان ولم يبق لهم الا الاحتماء بلاجنبي خوفا من شعوبهم التي بدأت، وعلى الرغم من تعرضها لقرون طويلة من الحرمان بثورات في تونس وفي مصر وفي ليبيا وفي اليمن وفي سورية وفي البحرين وفي المغرب وفي العراق وفي كل دويلات جزيرة العرب وخلقت ربيعا مزهرا صارت عطوره منتشرة في كل القارات على الرغم من كل محاولات اجهاضه وتبديل اتجاهاته.. وهنا اذكر السيد الرئيس السوداني الجنوبي سلفا كير بأن عليه هو الاخر ألا يحتمي بلاجنبي بل عليه ان يعيد حساباته لايجاد ارضية مشتركة مع البلدان العشرة المتشاطئة على وادي النيل وليس على اسرائيل والصهيونية الذين يعيشون ربيعها على حساب تخلف العرب المسيحيين والاسلام، ولولا الدعم الاورو - امريكي اللا محدود لها لما استطاعت ان تعيش زمنا طويلا وان الصراع معها هو جزء من الصراع الحضاري الذي يقوده العرب والمسلمون تجاه القوى الطامعة في بلدانهم منذ العديد من القرون. * الدكتور المؤرخ حسن الزيدي - فرنسا المصدرك القدس العربي 3/1/2012