واذاً فالرئيس قد بدأ الإصلاح السياسي فبالأمس أعلن عن مفوضية لحقوق الإنسان واليوم أعلنت رئاسة الجمهورية عن إنشاء آلية لمكافحة الفساد في أجهزة الإعلام بأنواعها كافة وتختص بالتنسيق بين رئاسة الجمهورية والجهات المختصة كوزارة العدل والمجلس الوطني لاستكمال المعلومات وإعداد التقارير بشأنها. حتى الآن لم تقل رئاسة الجمهورية أنها ستذهب ابعد من ذلك أي أكثر من استكمال المعلومات وإعداد التقارير بشأنها فان ما عدا ذلك هو من اختصاص الجهات العدلية بدءاً من مرحلة البلاغات والتحريات إلى مرحلة المحاكمة. لن تكون هذه التقارير أساساً ملزمة للنيابة أو أية جهة عدلية بأي شيء لا يحتكم لنصوص القانون وروحه، ولكنها قد تكون إشارات دالة إلى مواطن الفساد ومرتكبيه. في أعقاب كل من الصورتين التونسية والمصرية تعثرت قضايا الفساد التي ارتكبها أركان النظام البائد، رغم تشكيل نيابة تتلقي البلاغات وتمحصها وتقيمها وتتصرف بموجب نتائجها وذلك لأن السلطة الجديدة كانت تضغط في اتجاه تعطيل هذه القضايا أو التأثير عليها بحكم ارتباطها بالنظام السابق، لكن ذلك لم يجد فتيلاً على أي حال في النهاية شهدنا وزير الداخلية المعزول حبيب العدلي وأركان الفساد في حكومة مبارك، ومبارك نفسه وولديه أما داخل غرف التوقيف أو قفص الاتهام لان ما كان يجب أن يكون هو كذلك. من خلال تجربة محاكمة رموز النظام الفاسد في كل من مصر وتونس نستلخص الدروس والعبر حتى تنأي رئاسة الجمهورية والمجلس الوطني بنفسيهما عن مواطن الشبهات في قضايا الفساد، ويتركان القول الفصل للنيابة والقضاء المستقل. فان ايلاء كل مختص عدلي حقه في ممارسة هذه المهمة العسيرة والحتمية، ملزمة بالضرورة بعدم الخلط بين مهمة التنسيق التي قال بها القرار الصادر من رئاسة الجمهورية بشأن آلية مكافحة الفساد، حتى لا تتكرر التجربة إزاء ملفات الفساد في كل من تونس ومصر ورغم ما جري من استدراك للأمور في مرحلة لاحقة. يجب أن نشجع الرئيس على ما بدأه من خطوات ونشد من أزره ونطالبه بالمزيد، وان يسدي له النصح كل من هو أهل لذلك فالبطانة ليست كلها مبراة من الأهواء وحظوظ النفس الأمارة بالسوء، البطانة حيثما كانت البطانة، ووجدت على ظهر هذه البسيطة فمنذ عهد الصحابة ليست الأمور كلها خيراً ولا كلها شراً. وأمر الشورى بيننا ليس مقصوراً على رجال حول الرئيس وحدهم دون غيرهم. نقلاً عن صحيفة أخبار اليوم 4/2/2012م