*يبدو أن السيد الصادق المهدي استطاع استدراج قوي المعارضة لتستمع له وتبدأ دراسة الأفكار التي بعث بها الي قوي التحالف منذ شهر أكتوبر الفائت وقد كانت تتجاهلها وتمضي في برامجها لإسقاط النظام وفق الأفكار التي تجد توافقاً بين حزبي المؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي بالإضافة للخلفيات العسكرية التي تسند هذين الحزبين وتشكل خيارات أساسية في حال الإتجاه للعمل المسلح وهذه الخلفية بالنسبة للمؤتمر الشعبي تنحصر في حركة العدل والمساواة. أما بالنسبة للحزب الشيوعي فإنها تنحصر في الحركة الشعبية قطاع الشمال سابقاً وأن القواسم المشتركة بين هذه الحركات المسلحة وهذين الحزبين لا تنحصر في التوافق الفكري والعقدي وإنما تتجاوزه الي التنسيق والتواصل التنظيمي وإن تسترا عليه. *كثيرون يفسرون خروج السيد الصادق علي قوي التحالف المعارض وبهذه اللهجة القوية ومن قبلها رفضه للجبهة السودانية الثورية التي تجد الدعم من الحزب الشيوعي والمؤتمر الشعبي وإن كان موقفهما المعلن يصرح بخلاف ذلك، يفسرون خروجه علي أنه هروب من وسائل وأدوات التغيير المسلحة التي يفتقدها السيد الصادق الذي ليس من خلفه حركة مسلحة أو قوة عسكرية يمكن أن تجعله يحقق مكاسب بالقدر الذي يعود علي حزبي المؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي ولذلك يعمل السيد الصادق علي إستدراجهم للأدوات والوسائل السلمية التي يمتلك التفوق فيها حسب تقديراته. *لحزب الأمة القومي تجربة سابقة مع العمل العسكري لم تحقق الأهداف التي كان الحزب ينشدها وعلي العكس من ذلك جرت عليه الكثير من المشاكل وما تبع ذلك من إعتصامات لأفراد جيش الأمة بدار الحزب بأم درمان بالإضافة الي أن قائد الجيش الآن يشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية مما يفسر صرف النظر تماماً عن كافة الوسائل المسلحة وهذا ما تحاول بعض الأوساط داخل حزب الأمة تسويقه بأعتباره حكمة من رئيس الحزب السيد الصادق المهدي الذي وجد نفسه في فترة سابقة يقدم خدمات جليلة للحركة الشعبية ساعدتها للوصول الي أهدافها دون أن ينال الحرب عائداً من تلك التجربة البائسة (تجربة جيش الامة). *الأستاذ فاروق أبو عيسي في تصريحات له يعلن جملة من التنازلات يقدمها التحالف لحزب الأمة القومي من بينها الشروع في إعداد ميثاق جديد وربما إسم جديد لقوي المعارضة بجانب دراسة الأفكار التي بعث بها السيد الصادق المهدي وقد تم تشكيل لجنة برئاسة ابو عيسي وعضوية آخرين تقوم بدراسة هذه الأفكار وقد جاء ذلك بعد الهجوم العنيف الذي شنه السيد الصادق المهدي علي الترابي وإفصاحه عن دعوة الترابي له للمشاركة في محاولة انقلابية وقد سبق ذلك هجوم شنه السيد المهدي علي قوي المعارضة واتهامه لها بالرتابة والجمود وينكر عليها أساليبها وقبل ذلك هاجم تكوين الجبهة السودانية الثورية مما جعل الهوة بينه وبين القوي المعارضة تتسع وتتصاعد الحرب الكلامية وهذا ما دعا المعارضة للهرولة في اتجاهه وتقديم التنازلات التي اشرنا لها، اخذين في الإعتبار إن المصالحة التي قامت بها الناشطة هالة عبد الحليم لن تكون قادرة علي رآب الصدع ومعالجة جذور الأزمة التي تقف علي طرفي نقيض لا يمكن الجمع بينهما. *هل تستطيع القوي المعارضة قطع علاقتها بالجبهة السودانية الثورية وكافة أشكال العمل العسكري وتلتزم المسار الذي يطرحه السيد الصادق المهدي وهو المسار السلمي الذي يجد فيه التفوق الذي ينشده ويجعله رئيساً لتحالف قوي المعارضة بعد إجراء التعديلات الجذرية التي يطالب بها وتدرسها المعارضة الآن بما في ذلك قيادة الجسم الجديد الذي ستتم تسميته وهل سيقبل اليساريون بمن فيهم فاروق أبو عيسي، التنازل عن رئاسة الجسم الجديد وعلي العكس من ذلك هل ستعود القوي المعارضة لتقطع علاقتها بالسيد الصادق وتعول في سبيل إسقاط النظام علي العمل المسلح وتتشابك أنشطتها بأنشطة الجبهة الثورية والدعم الذي تجده من دولة جنوب السودان ومن خلفها قوي خارجية لا يعلم أحد أسرارها وأجندتها؟! *من المستحيل أن يتطابق المساران وهذه الإستحالة ليس لها علاقة بالحكمة التي يتوشح بها السيد الصادق المهدي وإنما تتصل بالقدرات والميادين والمكاسب التي يمكن أن يجنيها كل طرف من المسار الذي يمكن أن تسلكه القوي المعارضة. نقلا عن صحيفة الاهرام16/1/2012